هذا العام، لن تشتري عائلات يمنيّة كثيرة أضاحي العيد لأسباب عدة، على رأسها ارتفاع الأسعار وانتشار الأمراض بين المواشي المستوردة. وعادة ما تلجأ البلاد إلى استيراد الأضاحي بسبب زيادة الطلب على شرائها في العيد.
يقول محمد عبيد إنه لم يشتر الأضاحي خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب الغلاء، وعدم عثوره على عمل يساعده على توفير أبسط المتطلبات المعيشية لأسرته. ورغم أنه اعتاد تقديم الأضاحي في كلّ عام، إلا أنه وجد نفسه أخيراً مجبراً على التخلي عن هذه العادة بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية الأخيرة.
يوضح عبيد لـ "العربي الجديد": "لا يمكن أن أشتري أضحية للتقرب من الله، فيما لا أملك القدرة على توفير أبسط احتياجات أولادي مثل الطعام أو التعليم". ويضيف: "لا بأس إن تخلينا عن هذه العادة إلى حين انتهاء الحرب"، آملاً في العثور على عمل. ويشير إلى أنّه في الوقت الحالي، لا تهتم الأسر الفقيرة بشراء الأضاحي. وفي العيد، قد يكتفي بتناول الدجاج على غرار العامين الماضيين. ويلفت إلى أن أفراد أسرته يتفهمون ظروفه وعدم قدرته على شراء الأضحية بسبب نفاد مدخراته.
ليست الأسر الفقيرة وحدها عاجزة عن شراء الأضاحي، بل حتى تلك المتوسطة باتت تفضّل مشاركة الأضاحي مع الجيران أو الأقارب، على غرار ماهر شجاع، الذي يعمل في التجارة. ورغم حرصه على شراء الأضاحي في الماضي، إلا أنه لا يستطيع تأمينها هذا العام. يقول: "لم أعد مهتماً بالأضحية"، لافتاً إلى أن أوضاع اليمنيين سيئة. ويسأل: "كيف أشتري الأضحية فيما لا يجد آخرون ما يأكلونه؟". إلا أن ماهر يخطّط للاشتراك مع آخرين في شراء الأضحية.
ليس غلاء الأسعار المشكلة الوحيدة التي يواجهها اليمنيّون في قرارهم عدم شراء الأضاحي هذا العيد. مؤخّراً، برزت مشكلة انتشار الأمراض بين المواشي المستوردة، لتزيد من مخاوفهم. يقول إبراهيم محمد إنه لن يشتري أية أضحية هذا العام خشية إصابتها بالمرض، موضحاً أنه توقف عن شراء اللحوم لأفراد أسرته منذ أشهر، بعدما سمع عن أمراض معدية تنتشر بين الأغنام والأبقار، مكتفياً بشراء الدجاج والأسماك.
وكانت وزارة الزراعة والري في محافظة ذمار (وسط) قد أعلنت، الأسبوع الماضي، ضبطها شاحنة تنقل مواشي مصابة بمرض طاعون المجترات الصغيرة (أحد الأمراض الفيروسية شديدة العدوى وسريعة الانتشار).
إلى ذلك، يؤكّد المدير العام لمكتب الزراعة والري ورئيس لجنة الحجر البيطري الداخلي في محافظة ذمار، هلال الجشاري، أن المكتب ضبط ماعز وأغناماً مصابة بأمراض عدة. وبلغ عدد الأغنام المصابة 600 رأس، بالإضافة إلى 120 رأس ماعز. يضيف لـ "العربي الجديد" أن المكتب قرّر تشكيل غرفة عمليات لتطبيق الحجر الوقائي، قبل دخول الحيوانات إلى المحافظة، بعد تلقيه بلاغات عن إصابة مواش بأمراض خطيرة. يتابع أن "هذه الحيوانات هرّبت من القرن الأفريقي ودخلت الأراضي اليمنية عبر سواحل محافظة عدن، من دون أن تخضع للفحص الصحي والحجر البيطري".
ويؤكد الجشاري وجود مواش مصابة بأمراض فيروسية أخرى تعد خطيرة على الصحة، والتي تنتقل من الحيوانات إلى البشر، على غرار مرض البروسيلا وحمّى الوادي المتصدع (مرض فيروسي حاد يصيب الحيوانات المجتره والإنسان، ومن أعراضه الضعف والخمول وارتفاع درجة الحرارة وغيرها). يضيف أن "للأمراض الفيروسية تأثيراً على الاقتصاد والصحة العامة"، لافتاً إلى أن هذه الأمراض تزيد من نسبة النفوق، ما يكبد المزارعين والاقتصاد الوطني خسائر كبيرة، عدا عن تهديد الثروة الحيوانية المحلية والأمن الغذائي القومي للبلاد.
تشير آخر الإحصائيات حول الثروة الحيوانية في اليمن إلى أن عدد رؤوس الأبقار يبلغ 1.7 مليون، وعدد رؤوس الإبل 454 ألفاً، ورؤوس الضان 9.5 ملايين، والماعز 9.2 ملايين. وتصل كمية اللحوم الحمراء إلى 185.7 ألف طن وبقيمة 332.6 مليار ريال. ويستهلك اليمنيون سنوياً أكثر من 400 ألف طن من اللحوم المحلية والمستوردة غالباً من القرن الأفريقي، وتبلغ قيمتها 450.7 مليار ريال.