أعاد والي اسطنبول، واصب شاهين، ملف تجنيس السوريين إلى الواجهة، بعد إعلانه قبل أيام عن بدء إجراءات منح الجنسية للسوريين المقيمين في الولاية، والذين استقبلت طلباتهم في إطار القرار الذي أعلنت عنه الحكومة في وقت سابق.
وأوضح شاهين أن القرار يهدف إلى الاستفادة من الكفاءات، لافتاً إلى أن دائرة الهجرة في إسطنبول أرسلت إلى العاصمة أنقرة ما يقارب ألفي ملف من طلبات التقديم للحصول على الجنسية التركية.
وأثار القرار حفيظة أطراف عدة، منهم المعارضة التركية التي رأت أن التجنيس الآن يدعم مواقف حزب "العدالة والتنمية" بتغيير الدستور، والاستفادة من أصوات السوريين المجنسين لصالح رؤية الحزب الحاكم.
وبيّن نائب رئيس الوزراء التركي، ويسي كايناك، أن قرابة 80 ألف شخص ناسب مستوى تأهيلهم شروط المواطنة، لافتاً خلال تصريحات صحافية، إلى أن إكمال عمليات تجنيس السوريين يتم بعيد الانتهاء من الاستفتاء على الدستور الجديد المزمع إجراؤه في 16 إبريل/ نيسان المقبل، لتجنب الجدل حول نية الحكومة في تجنيسهم بحجة دعم عملية التصويت على الدستور.
وأكد أن الفحوصات الأمنية لجزء كبير من المرشحين لنيل الجنسية التركية ما زالت مستمرة، وأن التجنيس يطاول حاملي إذن العمل والمؤهلات العملية، بالإضافة إلى أصحاب المهن والمستثمرين.
ودعا رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، كمال قلجدار أوغلو، إلى ضرورة إجراء استفتاء على منح السوريين الجنسية التركية، منتقداً تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، بخصوص تجنيس السوريين وإسكانهم في مباني إدارة التنمية السكنية في تركيا (توكي)، داعيًا إلى استخدام مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية لإعادة إعمار منازل السوريين في بلادهم ليعودوا إليها.
وبدأت تركيا منذ أشهر الاتصال ببعض السوريين لمنحهم الجنسية التركية، وبدأت بقطاع الأطباء ثم قطاع التعليم وبعدها بالحاصلين على أذن العمل بتركيا، وفق مصادر "العربي الجديد".
وتخطط الحكومة التركية لمنح الجنسية لنحو 300 ألف سوري وعائلاتهم، مؤكدة أنه لا يحق للسوريين الحاصلين على الجنسية التصويت في أي انتخابات في السنة الأولى، وأن المخابرات الوطنية التركية ستتولى التدقيق في الجانب الأمني للمرشحين في نيل الجنسية.
كما تشمل الجنسية أصحاب العقارات والاستثمارات وأصحاب رؤوس الأموال ليستثمروها في تركيا بدلاً من الدول الأوروبية.
ورأى المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن تجنيس السوريين موضوع مهم للحكومة التركية من جوانب عدة، كالاستفادة من المؤهلات العلمية والكفاءات وأصحاب الأموال.
وأشار لـ"العربي الجديد"، إلى أن شرط المدة الزمنية المحدد سابقاً بخمس سنوات سقط عن السوريين، وبقيت شروط أخرى، منها التأهيل العلمي أو إذن العمل، فضلاً عن خلوّ سجله من أي حكم قضائي وجنائي.
ولفت المحلل التركي إلى اعتماد "قانون الجنسية المستعجل" الجديد شرط أن يحقق الحاصل على الجنسية شروط الاستثمار وشراء العقارات، مؤكداً أن الحكومة التركية ستخفّض مبلغ الاستثمار العقاري من مليون إلى 300 ألف دولار في ما يتعلق بالسوريين، وإعفاء المستثمرين بالعقارات من ضريبة القيمة المضافة البالغة 18 في المائة.
وأضاف كاتب أوغلو أن "الجنسية لن تسلّم إلا بعد الاستفتاء"، معتبراً أن عدم تجنيس السوريين في تركيا يتنافى والقيم التركية وحقوق المقيمين والمستثمرين.
وبدأت أحلام التجنيس تدغدغ نحو 3 ملايين سوري مقيم بتركيا، إثر تلاشي الآمال بالعودة إلى وطنهم والخيبة من جولات التفاوض السياسية التي لم تقدم حلولاً للسوريين بالخارج. كما أن الحكومة التركية بدأت تضيّق على السوريين لجهة الحصول على بطاقة لجوء "كيملك"، ومنعهم من التنقل داخل تركيا دون إذن سفر، أو الحصول على إقامة سياحية، ما يجعل التجنيس حلاً للمشاكل وفي مقدمتها حقهم بالتملك، إذ تمنع القوانين التركية السوري من التملك.
ويقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، غزوان قرنفل، "من الاستحالة أن تجنس تركيا ما يقارب 3 ملايين سوري مقيمين الآن على أراضيها، وأعتقد أن التجنيس سيأتي على دفعات ويشمل ذوي التعليم العالي وبعض الرموز المجتمعية والثقافية ممن يشكلون إضافة ومكسبا للمجتمع التركي، ورجال أعمال وصناعيين من ذوي الثروات ممن أسسوا أعمالا في تركيا".
وأوضح قرنفل لـ"العربي الجديد"، أن "التجنيس سيطاول 300 ألف سوري خلال الفترة الأولى، و40 ألفاً منهم قريباً، بعد إعادة النظر ببعض الشروط القانونية المتعلقة بمدة الإقامة لتصبح 3 أو 4 سنوات بدلا من خمس سنوات وفق القانون، إلى جانب خدمة العلم التي يعفى منها السوري المجنس الذي أتم 22 عاما، بينما يؤديها من هم بين 18 و22 عاما".
ولفت إلى أن تركيا لن تسقط عن المجنسين جنسيتهم الأصلية السورية، لما لذلك من آثار قانونية خطيرة تتعلق بأملاكهم في سورية، إضافة إلى التأثير على التوزع الديموغرافي في بلدهم الأصلي.