تولّد أزمة السكن في الجزائر الجنون والغضب في أوساط المواطنين، وتأخذ الاحتجاجات أشكالا متعددة خلال المطالبة بحق الجزائريين في السكن.
ولم يعد الاحتجاج مقتصراً على حرق الذات في الجزائر، بل صار المحتجون يتعمّدون الاعتداء على المسؤولين عبر رشهم بالبنزين ومحاولة حرقهم، كما بات رؤساء البلديات في نظر المواطن المتسبب الرئيسي في هضم حقوق العشرات من المواطنين وعدم تمكينهم من السكن.
ويرقد رئيس بلدية سوق النعمان، في ولاية تيسمسليت (530 كيلومترا شرقي العاصمة الجزائرية) في أحد مستشفيات العاصمة الجزائرية، بعد إقدام أحد الشبان على اعتراضه، وسكب عليه مادة "الديليون" المستخدمة في طلاء المركبات وأضرم النار فيه، فأصيب المسؤول بحروق من الدرجة الثانية.
وأحبطت مصالح البلدية قبل ذلك محاولة الشاب الجاني إحراق بناء عشوائي قرب مسكنه الخاص في قلب المدينة، لكنه لم يذعن، ونفذ محاولة حرق رئيس البلدية، فتدخلت مصالح الشرطة في الوقت المناسب لإنقاذ المجني عليه، وأوقفت الجاني، في وقت لاحق من ليل أمس.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ شهدت بلدية سيدي نعمان بولاية أم البواقي، جنوب الجزائر، حادثة مماثلة، بعد إقدام شاب في الخامسة والعشرين من العمر على سكب البنزين على رئيس البلدية محاولاً إحراقه، لأن اسمه لم يرد ضمن قائمة المستفيدين من السكن الاجتماعي الذي تمنحه الدولة للعائلات المعوزة. لكن رئيس البلدية نجا بفعل سرعة تدخل الموظفين.
وفي حادثة أخرى سابقة، حاول عامل في قسم النشاط الاجتماعي في ولاية شلف غربي الجزائر، إحراق مدير القسم وأصابه بحروق، احتجاجا على مشاكل إدارية.
وصار الحصول على شغل أو سكن أو تسوية بعض المشكلات الإدارية في الجزائر، عبئا ثقيلا على الكثيرين، كما يثير في الوقت نفسه مخاوف المسؤولين لأنهم هم من يواجهون تذمر السكان.
وأوضحت الأستاذة في علم الاجتماع، نورية بدري، لـ"العربي الجديد"، بدون أن تبرر الفعل في حد ذاته، أن "الجزائري، خلال السنوات الأخيرة، صار أكثر احتجاجاً على الإدارة عموماً، وعلى المسؤولين خصوصا في البلديات عند تقديم طلبات الحصول على السكن".
ورأت بدري أن "معضلة السكن هي إحدى أكبر الأزمات التي يعيشها المواطن الجزائري بعد مشكلة البطالة، خصوصا أمام تشتت العائلة الكبيرة، واستقلالية الأسر بعضها عن بعض"، مشيرة إلى أن "التغيير الذي طاول الأسرة الجزائرية أحدث اختلالا في المكون الاجتماعي، ما دفع الأزواج الجدد إلى البحث عن سكن مستقل في سنوات الزواج الأولى".
وأكدت أن "المواطن يجد أمامه، على الأغلب، رمز الدولة الأقرب إليه، والمتمثل بالبلدية ورئيسها أو بالهيئات الإدارية الأخرى الموجودة في محيطه".