مرّت 24 عاماً على بدء خدمة زهراء علام كسجّانة في قوى الأمن الداخلي في لبنان، أو "الدرك" بحسب المواطنين. خلالها، تنقّلت بين سجون النساء، واعتادت التعامل مع مختلف النساء اللواتي يقضين العقوبة في زنازين لا تُراعي جميعها حقوق الإنسان الأساسية، فالأمر مرتبط بالإمكانيات. انضمّت علام إلى السلك العسكري في وقت ندُرت مشاركة النساء في قوى الأمن الداخلي. لكنّها اليوم، باتت واحدة من بين نحو ألف ضابط ورتيب وفرد من نساء قوى الأمن الداخلي، بعد تطويع 22 ضابطاً و985 عنصراً على دفعتين عامي 2001 و2012. وبرزت مشاركة "نساء السلك" في قمع تظاهرات الحراك الشعبي والمدني خلال أزمة النفايات في محافظتي بيروت وجبل لبنان طوال عام ونصف العام.
وانضمّت الرقيب أوّل أسماء أكدنيز، والملازم أول ألسي الحاج، إلى السلك، وتشاركتا تجربة مميّزة في العمل الميداني والإداري في صفوف قوى الأمن. الصدفة قادت أكدنيز لتصبح رتيباً، بعدما رافقت صديقتها في رحلة التقديم التي تبدأ بالامتحانات الشفهية والخطية، مروراً بالاختبارات الصحيّة والرياضية والنفسية، قبل أن تُفرز النساء والرجال إلى أماكن العمل.
تتنقل أكدنيز بين مكتبها في فصيلة المصيطبة الواقعة في قلب ثكنة الحلو في العاصمة بيروت، ومكتب آمر الفصيلة لإطلاعه على شكاوى المواطنين ومراجعاتهم. وصلت الرقيب أول إلى الثكنة بعدما تنقلت بين عدد من مراكز العمل التي تفضل عدم الخوض في تفاصيلها لأسباب أمنية وأخرى شخصية. تتحدث عن التجربة بشكل عام، وتقول إنّه بعد مرور أربع سنوات من الخدمة "كانت التجربة الإداريّة خلف المكتب أسهل من العمل في الشارع، لأن المجتمع ما زال ذكوريّاً ولم يتقبل كثيرون التعامل مع فتاة ترتدي بذة عسكريّة". حتّى عائلتها تلقّت خبر قبول ابنتها في السلك العسكري باستغراب، قبل أن يتحوّل نمط الحياة العسكريّة في يومياتها إلى أمر عادي، من المظهر واللباس والالتزام بالوقت وغيرها من الضوابط التي تضعها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لكافة عناصرها. لم تخل تجربة أكدنيز من مواقف طريفة. إحدى النساء التي توجهت إلى الثكنة لتقديم شكوى، حاولت التقدم لخطبتها لأحد أقاربها.
وخلال الخدمة في الشارع، تسبّب إطراء أحد سائقي الدرّاجات النارية بتوقيفه بسبب مخالفته قانون السير، علماً أنها كانت ضمن دورية لتوقيف المخالفين. تذكر هذه الحادثة للتأكيد على أنّه يمكن للنساء أداء كافة المهام المطلوبة منها في السلك على غرار الرجال، "وأحياناً نتفوّق عليهم".
في ثكنة الأشرفيّة المزدحمة في بيروت، تستقبل الملازم أوّل الحاج المراجعين من عناصر الفصيلة والمواطنين. تُتابع كلّ الملفّات التي تصلها. "المواطن لا يُحبّ الانتظار، ونسعى إلى تطبيق مبادئ الشرطة المُجتمعية التي تؤهّل فصيلتنا للتحوّل إلى فصيلة نموذجيّة". انضمّت الحاج إلى السلك في عام 2012 كضابط إداري في تخصّص الهندسة، وقضَت فترتها الأولى في شعبة المعلومات، وقد عملت على مكننة الأنظمة في قوى الأمن. ومع اختيار فصيلة الأشرفية لتكون إحدى الفصائل النموذجيّة في العاصمة بيروت، نقلت الحاج إليها. وأهلّتها متابعتها اليوميّة للعمل والتواجد بين الناس على الأرض في منطقة حيوية كالأشرفية لتصبح مساعدة آمر الفصيلة. وشاركت في تأمين العديد من الفعاليّات التي شهدتها المنطقة خلال سنوات عملها، ولم يمنعها إعجاب الفتيات والعائلات ببذتها العسكرية والتفاعل العفوي معهم، من فرض الهيبة والاحترام في كافة المواقف.
بعكس تجربة أكدنيز، لم تُصادف الحاج أية معاملة سلبية من المواطنين معها في الشارع، ما يعكس تفاوتاً في تقبّل اللبنانيّين لعمل النساء في صفوف قوى الأمن الداخلي. ويتأثّر هذا التفاوت بعلاقة قوى الأمن بالمواطنين، هي التي تُمثل كل أجهزة الدولة في تعاملها اليومي مع المواطنين.
اقــرأ أيضاً
وانضمّت الرقيب أوّل أسماء أكدنيز، والملازم أول ألسي الحاج، إلى السلك، وتشاركتا تجربة مميّزة في العمل الميداني والإداري في صفوف قوى الأمن. الصدفة قادت أكدنيز لتصبح رتيباً، بعدما رافقت صديقتها في رحلة التقديم التي تبدأ بالامتحانات الشفهية والخطية، مروراً بالاختبارات الصحيّة والرياضية والنفسية، قبل أن تُفرز النساء والرجال إلى أماكن العمل.
تتنقل أكدنيز بين مكتبها في فصيلة المصيطبة الواقعة في قلب ثكنة الحلو في العاصمة بيروت، ومكتب آمر الفصيلة لإطلاعه على شكاوى المواطنين ومراجعاتهم. وصلت الرقيب أول إلى الثكنة بعدما تنقلت بين عدد من مراكز العمل التي تفضل عدم الخوض في تفاصيلها لأسباب أمنية وأخرى شخصية. تتحدث عن التجربة بشكل عام، وتقول إنّه بعد مرور أربع سنوات من الخدمة "كانت التجربة الإداريّة خلف المكتب أسهل من العمل في الشارع، لأن المجتمع ما زال ذكوريّاً ولم يتقبل كثيرون التعامل مع فتاة ترتدي بذة عسكريّة". حتّى عائلتها تلقّت خبر قبول ابنتها في السلك العسكري باستغراب، قبل أن يتحوّل نمط الحياة العسكريّة في يومياتها إلى أمر عادي، من المظهر واللباس والالتزام بالوقت وغيرها من الضوابط التي تضعها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لكافة عناصرها. لم تخل تجربة أكدنيز من مواقف طريفة. إحدى النساء التي توجهت إلى الثكنة لتقديم شكوى، حاولت التقدم لخطبتها لأحد أقاربها.
وخلال الخدمة في الشارع، تسبّب إطراء أحد سائقي الدرّاجات النارية بتوقيفه بسبب مخالفته قانون السير، علماً أنها كانت ضمن دورية لتوقيف المخالفين. تذكر هذه الحادثة للتأكيد على أنّه يمكن للنساء أداء كافة المهام المطلوبة منها في السلك على غرار الرجال، "وأحياناً نتفوّق عليهم".
في ثكنة الأشرفيّة المزدحمة في بيروت، تستقبل الملازم أوّل الحاج المراجعين من عناصر الفصيلة والمواطنين. تُتابع كلّ الملفّات التي تصلها. "المواطن لا يُحبّ الانتظار، ونسعى إلى تطبيق مبادئ الشرطة المُجتمعية التي تؤهّل فصيلتنا للتحوّل إلى فصيلة نموذجيّة". انضمّت الحاج إلى السلك في عام 2012 كضابط إداري في تخصّص الهندسة، وقضَت فترتها الأولى في شعبة المعلومات، وقد عملت على مكننة الأنظمة في قوى الأمن. ومع اختيار فصيلة الأشرفية لتكون إحدى الفصائل النموذجيّة في العاصمة بيروت، نقلت الحاج إليها. وأهلّتها متابعتها اليوميّة للعمل والتواجد بين الناس على الأرض في منطقة حيوية كالأشرفية لتصبح مساعدة آمر الفصيلة. وشاركت في تأمين العديد من الفعاليّات التي شهدتها المنطقة خلال سنوات عملها، ولم يمنعها إعجاب الفتيات والعائلات ببذتها العسكرية والتفاعل العفوي معهم، من فرض الهيبة والاحترام في كافة المواقف.
بعكس تجربة أكدنيز، لم تُصادف الحاج أية معاملة سلبية من المواطنين معها في الشارع، ما يعكس تفاوتاً في تقبّل اللبنانيّين لعمل النساء في صفوف قوى الأمن الداخلي. ويتأثّر هذا التفاوت بعلاقة قوى الأمن بالمواطنين، هي التي تُمثل كل أجهزة الدولة في تعاملها اليومي مع المواطنين.