دخل انهيار النظام الصحي في اليمن طوراً جديداً من الخطورة بسبب الحرب التي دخلت عامها الثالث وأتت على مختلف الخدمات الأساسية، لتصل إلى حالات طبية حرجة جداً تتسبب في انهيارها، كما هي حال مستشفى القلب
الحرب زادت أعداد اليمنيين في المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية المتخصصة من جهة، وزادت الأوضاع سوءاً على من تسببت في مرضهم أو مرضوا قبلها من جهة أخرى. ها هي اليوم تصل في تأثيراتها القاتلة إلى أخطر الحالات الصحية وأكثرها حرجاً... أمراض القلب.
فاليوم، لم يعد لمرضى القلب أيّ أولوية في درجات الاهتمام الصحي بهم، بل رُفع كلّ الدعم عن مركز أمراض القلب الحكومي الوحيد في البلاد ليصبح الآن مهدداً بالتوقف نهائياً.
مئات مرضى القلب يتكدسون على أبواب المركز الواقع في مستشفى الثورة العام في صنعاء بعدما انخفضت دورة العلاج إلى أربعة مرضى يومياً كأدنى معدل تشغيلي للمركز منذ إنشائه عام 2000. بات المحظوظ هو من يحصل على دور في الخدمة الطبية. ولم تتمكن إدارة المركز أو وزارة السلطات الصحية من إيجاد حلول للمشكلة.
عبد الله العمراني أحد مرضى القلب يحضر يومياً منذ شهرين ويقف أمام بوابة المركز على أمل الإعلان عن اسمه للدخول. يقول: "أحتاج الى إجراء قسطرة للقلب بعد نوبة قلبية أصابتني قبل بضعة أشهر. حالتي المالية أفضل من غيري، ولله الحمد، لكنّ المركز سيوفر عليّ الكثير من المال اللازم للسفر إلى الخارج من أجل العملية، مع ذلك، لم أتوقع أن يكون الازدحام بهذا الشكل". يختم: "هذه حالي، فما حال الفقراء الذين بات بعضهم ينتظر دوره منذ عام وأكثر؟!".
تعقد الوضع التشغيلي للمركز شيئاً فشيئاً منذ بداية الحرب إلى أن وصل إلى هذا الفشل غير المسبوق في علاج أقل عدد من المرضى الذين بات عليهم تدبير الكثير من مستلزمات العلاج أو العمليات بسبب توقف الحكومة والمنظمات الدولية عن تزويد المركز بأيّ دعم مالي أو بالمستلزمات الطبية. يقول موظف إداري في المركز، رفض الكشف عن اسمه، إنّ وضع المريض وأفراد الطاقم الطبي والإدراي في المركز حرج وغير مسبوق. يفسر الموظف هذا الوضع: "قبل عامين، غادر معظم الأطباء الكبار المركز للعمل في دول الخليج أو في مستشفيات خاصة تقدم لهم أجوراً أفضل بكثير من المركز، وبات الأطباء الذين استمروا بالعمل هنا من دون رواتب منذ سبعة أشهر، وغير قادرين على توفير كلفة المواصلات إلى المستشفى، بل باتوا يكابدون لتوفير نفقات أسرهم. أما المريض فلا يتمكن من تحمل كلفة شراء مستلزمات وأدوية أو رسوم العملية، لتكون النتيجة استمرار تراكم الحالات المرضية بهذا الشكل المخيف من دون حل".
اقــرأ أيضاً
يتولى مركز القلب هذا مسؤولية علاج كلّ مرضى القلب في اليمن الذي يبلغ عدد سكانه 27 مليون نسمة، لكنّه، اليوم، في حكم المتوقف عن العمل. وبالإضافة إلى انقطاع رواتب طاقم موظفيه، لم تعد المستلزمات الأساسية للعلاج متوفرة مجاناً كما كانت، مثل صمامات القلب وأدوات الجراحة وأدوات القسطرة. وبات المرضى الميسورون فقط قادرين على تحمل كلفتها التي تصل إلى 1600 دولار أميركي لكلّ عملية.
يورد مصدر مسؤول في مستشفى الثورة، رفض الكشف عن اسمه، أنّ "هناك ضغطاً على المركز من جميع المحافظات بمعدل 20 حالة جديدة يومياً بينما يتمكن المركز من التعامل مع أربع حالات فقط، أما البقية فتنضم إلى قائمة الانتظار الطويلة. يتابع: "تفاقمت الأوضاع أكثر بسبب إضراب معظم العاملين في المركز منذ فبراير/شباط الماضي احتجاجاً على انقطاع الرواتب".
يضيف المصدر لـ"العربي الجديد": "مع انقطاع الدعم عن المركز والاعتماد على الإيراد كميزانية تشغيلية بعد رفع أسعار الخدمات على المرضى ثلاثة أضعاف السعر الأساسي، وبعد شح المؤن الطبية في المستشفى عامة، وخصوصاً مستلزمات مركز القلب لأنّها غالية، استحدث قسم للحالات الخاصة لإعطاء أولوية لمن يستطيع الدفع، وحددت الأسعار ابتداء من 1250 دولاراً إلى 2500 لعملية القلب المفتوح، بحسب نوعها. ويجري الآن إدخال 3 حالات مجانية مقابل كلّ حالة خاصة يدفع فيها المريض كلفة عمليته. ومع استمرار سوء الوضع، اضطر المريض أيضاً إلى شراء المستلزمات الناقصة. وتقلص عدد العمليات إلى اثنتين فقط يومياً، منهما حالة خاصة، بالإضافة إلى الحالات الطارئة جداً".
قبل الحرب، كان المركز يجري 4 آلاف عملية قلب مفتوح سنوياً، عدا عن عمليات القسطرة العلاجية والتشخيصية التي فاقت هذا الرقم. وكان يضم 56 سريراً للمبيت خارج العناية، و25 سرير عناية مركزة لا تفرغ على مدار العام. أما الوضع الحالي فيواجه فيه المركز ضغطاً كبيراً في تأمين الكادر الطبي إذ يضمّ 8 جراحين و18 اختصاصي أمراض قلب فقط تقع عليهم كلّ الضغوط.
وتنحصر خدمات جراحة القلب في 3 مستشفيات خاصة أخرى في صنعاء، كلفة العملية فيها لا تقل عن 7 آلاف دولار. أما بقية محافظات اليمن فلا تتوفر فيها خدمات القلب.
اقــرأ أيضاً
الحرب زادت أعداد اليمنيين في المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية المتخصصة من جهة، وزادت الأوضاع سوءاً على من تسببت في مرضهم أو مرضوا قبلها من جهة أخرى. ها هي اليوم تصل في تأثيراتها القاتلة إلى أخطر الحالات الصحية وأكثرها حرجاً... أمراض القلب.
فاليوم، لم يعد لمرضى القلب أيّ أولوية في درجات الاهتمام الصحي بهم، بل رُفع كلّ الدعم عن مركز أمراض القلب الحكومي الوحيد في البلاد ليصبح الآن مهدداً بالتوقف نهائياً.
مئات مرضى القلب يتكدسون على أبواب المركز الواقع في مستشفى الثورة العام في صنعاء بعدما انخفضت دورة العلاج إلى أربعة مرضى يومياً كأدنى معدل تشغيلي للمركز منذ إنشائه عام 2000. بات المحظوظ هو من يحصل على دور في الخدمة الطبية. ولم تتمكن إدارة المركز أو وزارة السلطات الصحية من إيجاد حلول للمشكلة.
عبد الله العمراني أحد مرضى القلب يحضر يومياً منذ شهرين ويقف أمام بوابة المركز على أمل الإعلان عن اسمه للدخول. يقول: "أحتاج الى إجراء قسطرة للقلب بعد نوبة قلبية أصابتني قبل بضعة أشهر. حالتي المالية أفضل من غيري، ولله الحمد، لكنّ المركز سيوفر عليّ الكثير من المال اللازم للسفر إلى الخارج من أجل العملية، مع ذلك، لم أتوقع أن يكون الازدحام بهذا الشكل". يختم: "هذه حالي، فما حال الفقراء الذين بات بعضهم ينتظر دوره منذ عام وأكثر؟!".
تعقد الوضع التشغيلي للمركز شيئاً فشيئاً منذ بداية الحرب إلى أن وصل إلى هذا الفشل غير المسبوق في علاج أقل عدد من المرضى الذين بات عليهم تدبير الكثير من مستلزمات العلاج أو العمليات بسبب توقف الحكومة والمنظمات الدولية عن تزويد المركز بأيّ دعم مالي أو بالمستلزمات الطبية. يقول موظف إداري في المركز، رفض الكشف عن اسمه، إنّ وضع المريض وأفراد الطاقم الطبي والإدراي في المركز حرج وغير مسبوق. يفسر الموظف هذا الوضع: "قبل عامين، غادر معظم الأطباء الكبار المركز للعمل في دول الخليج أو في مستشفيات خاصة تقدم لهم أجوراً أفضل بكثير من المركز، وبات الأطباء الذين استمروا بالعمل هنا من دون رواتب منذ سبعة أشهر، وغير قادرين على توفير كلفة المواصلات إلى المستشفى، بل باتوا يكابدون لتوفير نفقات أسرهم. أما المريض فلا يتمكن من تحمل كلفة شراء مستلزمات وأدوية أو رسوم العملية، لتكون النتيجة استمرار تراكم الحالات المرضية بهذا الشكل المخيف من دون حل".
يتولى مركز القلب هذا مسؤولية علاج كلّ مرضى القلب في اليمن الذي يبلغ عدد سكانه 27 مليون نسمة، لكنّه، اليوم، في حكم المتوقف عن العمل. وبالإضافة إلى انقطاع رواتب طاقم موظفيه، لم تعد المستلزمات الأساسية للعلاج متوفرة مجاناً كما كانت، مثل صمامات القلب وأدوات الجراحة وأدوات القسطرة. وبات المرضى الميسورون فقط قادرين على تحمل كلفتها التي تصل إلى 1600 دولار أميركي لكلّ عملية.
يورد مصدر مسؤول في مستشفى الثورة، رفض الكشف عن اسمه، أنّ "هناك ضغطاً على المركز من جميع المحافظات بمعدل 20 حالة جديدة يومياً بينما يتمكن المركز من التعامل مع أربع حالات فقط، أما البقية فتنضم إلى قائمة الانتظار الطويلة. يتابع: "تفاقمت الأوضاع أكثر بسبب إضراب معظم العاملين في المركز منذ فبراير/شباط الماضي احتجاجاً على انقطاع الرواتب".
يضيف المصدر لـ"العربي الجديد": "مع انقطاع الدعم عن المركز والاعتماد على الإيراد كميزانية تشغيلية بعد رفع أسعار الخدمات على المرضى ثلاثة أضعاف السعر الأساسي، وبعد شح المؤن الطبية في المستشفى عامة، وخصوصاً مستلزمات مركز القلب لأنّها غالية، استحدث قسم للحالات الخاصة لإعطاء أولوية لمن يستطيع الدفع، وحددت الأسعار ابتداء من 1250 دولاراً إلى 2500 لعملية القلب المفتوح، بحسب نوعها. ويجري الآن إدخال 3 حالات مجانية مقابل كلّ حالة خاصة يدفع فيها المريض كلفة عمليته. ومع استمرار سوء الوضع، اضطر المريض أيضاً إلى شراء المستلزمات الناقصة. وتقلص عدد العمليات إلى اثنتين فقط يومياً، منهما حالة خاصة، بالإضافة إلى الحالات الطارئة جداً".
قبل الحرب، كان المركز يجري 4 آلاف عملية قلب مفتوح سنوياً، عدا عن عمليات القسطرة العلاجية والتشخيصية التي فاقت هذا الرقم. وكان يضم 56 سريراً للمبيت خارج العناية، و25 سرير عناية مركزة لا تفرغ على مدار العام. أما الوضع الحالي فيواجه فيه المركز ضغطاً كبيراً في تأمين الكادر الطبي إذ يضمّ 8 جراحين و18 اختصاصي أمراض قلب فقط تقع عليهم كلّ الضغوط.
وتنحصر خدمات جراحة القلب في 3 مستشفيات خاصة أخرى في صنعاء، كلفة العملية فيها لا تقل عن 7 آلاف دولار. أما بقية محافظات اليمن فلا تتوفر فيها خدمات القلب.