يصل العام الدراسي إلى نهايته في العراق، ولا يحمل التلاميذ همّ الامتحانات فقط، بل أيضاً كلّ ما يرافق العملية التعليمية من فوضى في المقررات وطرق التدريس، وفلتان أمني في المدن والبلدات
على الرغم من الظروف القاسية في العراق التي تمتد من الأسباب الطبيعية كاشتداد حرارة فصل الصيف، إلى انقطاع التيار الكهربائي، وصولاً إلى النزوح والفوضى والجرائم والقتل والمعارك الدائرة في كبرى مدن البلاد، الموصل، يبدأ العد التنازلي لامتحانات نهاية العام الدراسي إذ يستعد نحو ستة ملايين تلميذ لإجراء الامتحانات وفقاً لأرقام أعلنتها وزارة التربية العراقية الأسبوع الماضي.
يقول محمد محمود (18 عاماً): "أعيش في محافظة ديالى المضطربة أمنياً. المدارس هنا يمكن أن تغلق أبوابها في أي لحظة ولأيام غير محددة. وحتى عندما يستتب الوضع الأمني كما حدث قبل عام جرى تفجير المقهى الشبابي في مدينة المقدادية، فأغلقت المدارس أبوابها وتوقفت الحياة لما يقارب من شهر. هذه المدة لها تأثير سلبي علينا كتلاميذ في المراحل المنتهية (المفصلية، أي السادس المتوسط والثالث الثانوي) بشكل خاص، فالمادة الدراسية المقررة يجب أن تأخذ وقتها في التدريس، وفي مثل هذه الحالات لا يقدم المدرسون أداء جيداً في التدريس بل يجري ترك بعض المواضيع والقفز إلى مواضيع أخرى من أجل أن ينهوا المنهاج المقرر بنهاية السنة وقبل الامتحانات".
يضيف محمود: "فقدت عمي وابن عمي أثناء امتحانات صيف 2013 وقد أثر هذا على تأديتي الامتحانات خصوصاً أنّهما قتلا غدراً بعد خطفهما. الأمر لا يقتصر على الوضع الأمني الذي أثر بشكل كبير على المستوى التعليمي في ديالى وحتى باقي مدن العراق بل إنّنا نعاني كثيراً من المشاكل التي قد تكون مرتبطة أيضاً بالوضع الأمني أو المسؤولين عن التعليم الذين لا يهتمون بالظروف التي تواجهنا. في امتحانات نهاية السنة الدراسية توضع الأسئلة لجميع محافظات العراق، وليس هناك استثناء لتلاميذ محافظة دون أخرى بسبب ظروف تعرضت لها مدينتهم. هذا، في حد ذاته، إجحاف بحقنا لأنّنا في النهاية لن نحصل على المعدل الذي نرغب فيه والذي يؤهلنا لاختيار الاختصاصات والجامعات".
اقــرأ أيضاً
نزوح
تشرح لجين الموصلي (19 عاماً) لـ "العربي الجديد" سبب تأجيلها الامتحانات وعدم تخرّجها من المرحلة الثانوية: "كنت متفوقة دراسياً فلا ألهو قبل أن أكمل تحضيراتي المدرسية، إلاّ أنّ الأمر تغير قبل عامين وهي المرحلة التي أعتبرها الأصعب في حياتي بسبب النزوح وما مررنا به من ظروف قاسية وخوف وقتل في الشوارع وإقفال للمدراس وتهديد ووعيد في مدينتنا الموصل وتحديداً في الجانب الأيمن. كلّ هذه الأوضاع اضطرتنا للخروج من المدينة، وكانت رحلة نزوحنا وحدها تكفي للإحباط واليأس، لكني لم أكن أخشى غير ضياع سنة دراسية وعدم إتمامي الامتحانات النهائية. وقد حدث ما أخشاه، وحين نزحنا حزمت ضمن أمتعتي بعض الكراسات والدفاتر الخاصة بالمواد التي أدرسها، لكنّ بعضها وقع مني أثناء رحلة النزوح مشياً على الأقدام لمسافات طويلة، وبعضها تمزق من كثرة الترحال. لكنّي أراجع يومياً عن ظهر قلب ما حفظته وأتمنى فعلاً أن تسنح لي الظروف للعودة إلى مقاعد الدراسة لأكمل دراستي وأدخل الجامعة التي أرغب فيها".
تشير الموصلي إلى أنّ كثيراً من التلاميذ ينتظرون تحسن الظرف الأمني ليتسنى لهم إكمال دراستهم وأخذ حقهم في التعليم: "رأيت الكثير منهم في المخيم يواصلون دراستهم داخل خيامهم حتى وإن لم ينتظموا في المدارس".
لا كهرباء
من جهته، يشتكي آدم علي وهو تلميذ ثانوي من سكان محافظة بابل جنوب العراق، لـ"العربي الجديد" الكادر التدريسي الذي "لا يصلح لإنشاء جيل كونه ينقصه الكثير علمياً وتربوياً". يفسر: "الكادر التدريسي يحتاج إلى تطوير أساليبه ليواكب تغيير المناهج، فالمدرسون لا يصلحون لإنشاء جيل كونهم يفتقرون الكثير علمياً وتربوياً. المناهج المقررة باتت اليوم تتغير قبل نصف العام الدراسي وبعد النصف الأول من العام، وما إن نحفظ المادة المقررة حتى نفاجأ بتغييرها من قبل وزارة التربية أو تغيير جزء من المادة من دون أن تكون هناك دراسة وخطة واضحة. هذا التغيير المفاجئ في المواد المقررة له تأثير سلبي للغاية على تحصيلنا ومعدلاتنا، كما أنّ الكادر التدريسي هو الآخر في حاجة إلى فهم المادة الجديدة حتى يتمكن من شرحها لتلاميذه".
اقــرأ أيضاً
يتابع علي: "نعاني في مدارسنا من ندرة المكتبات والكتب العلمية التي تعتبر من المصادر والمراجع التي يحتاج إليها التلميذ في دراسته، كما أنّ تصاميم مدارس العراق تقليدية ولا تواكب التطورات الحاصلة في مجال التعليم في مختلف البلدان، ليس ذلك فحسب بل أيضاً تكتظ الفصول الدراسية بضعفي العدد المقرر لها، ويجري تحميل التلميذ أكثر مما يحتمل بسبب عدم توفر مدارس كافية. وهو ما يدعو إلى تبديل الدوام الاعتيادي إلى ثلاثة دوامات نتيجة عدم وجود مبان مدرسية أو نتيجة هدم المدارس الموجودة سابقاً بحجة ترميمها أو بناء مدرسة جديدة، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث. وداخل المدرسة نعاني من غياب المختبرات التي تخص الكيمياء والفيزياء والأحياء. هذه المختبرات أساسية إذ تجعل المادة أسهل في الفهم في حال توفرت".
بدوره، يقول التلميذ صفاء الجنابي (17 عاماً) وهو من سكان العاصمة بغداد لـ "العربي الجديد": "نعاني كما مئات الآلاف من التلاميذ بشكل خاص من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى درجات الحرارة التي تتجاوز خمسين مئوية". يقول: "أعرف أزمة انقطاع التيار الكهربائي منذ طفولتي الأولى. لم تكن هنالك وسائل بديلة كما اليوم مثل المولدات الكهربائية التي تعمل على مادة الكاز أو البنزين أو اليو بي إس، التي تعمل على البطاريات الكبيرة. وحتى هذه الوسائل البديلة لا تفي بالغرض الآن لأنّ هناك ساعات لا بد لنا من أن نقضيها من دون كهرباء، وغالباً ما تكون وقت العصر أو في الليل مع درجات حرارة تزيد يوماً بعد آخر. بذلك، تصبح المذاكرة مستحيلة، إذ كيف نذاكر ونحن نتصبب عرقاً على ضوء الشمعة؟ حالتنا أشبه بالشمعة حين تذوب، لكنّ استمرار الشيء يجعل منه أمراً واقعاً ولا بدّ من التعايش معه. لا أنكر أنّنا على الرغم من كلّ ذلك نواصل دراستنا، وهذا في حد ذاته تحدٍ يستحق الوقوف عنده".
يتابع الجنابي أنّ المعاناة في المذاكرة ومواصلة الدراسة لا تقتصر على أزمة الكهرباء بل هناك تحدٍ آخر بدأ يكبر وتتسع رقعته تمثله الدروس الخصوصية التي هي "أشبه بالإسفنجة التي تمتص المال من جيوب أهلنا، فعلينا كلّ مرة أن ندفع المزيد من المال حتى نفهم الدروس. لا يعطي المدرّس الدروس حقها خلال الحصة اليومية المقررة في المدرسة، لكنّه يبذل جهداً أكبر عندما ندفع المال له مع أخذنا دروساً خصوصية". يضيف: "أما أخطر ما نواجه فهو إعطاء حقنا لغيرنا نتيجة سيطرة أحزاب ومليشيات على بعض المدارس والكوادر التدريسية أو مراكز الامتحانات مما يجعل من التلميذ غير المجتهد يحصل على معدل مرتفع مع نهاية العام الدراسي بسبب الغش أثناء الامتحان أو بيع الأسئلة أو التعامل الطائفي مع التلاميذ إذا كانوا من محافظة معينة".
إجراءات مطلوبة
من جهتها، تعتبر مدرّسة اللغة الإنكليزية، نبأ خالد، أنّ العملية التربوية تمرّ بمخاض عسير وسط تهجير وتهديد الكفاءات العلمية في هذا القطاع الحيوي. تشير إلى أنّ أركان العملية التربوية ثلاثة، هي: التلميذ والمدرسة والأسرة، لكنّ المدارس خلال السنوات الماضية مقيدة بمناهج قليلة متغيرة ما يرهق التلميذ والمعلم على حد سواء، وبالتالي، لا بدّ من تغيير المناهج خلال العطلة الصيفية وتدريب الكوادر التعليمية عليها قبل بدء الدوام وليس العكس.
تشير خالد في حديثها إلى "العربي الجديد" إلى أنّ تأخر توزيع المواد الدراسية يتسبب في الفوضى وعدم التدريس بالشكل الصحيح. وتعزو إخفاق بعض التلاميذ في دراستهم بالوضع الأمني المتردي، فكثيرون من بينهم يتعرضون إلى ضغوط نفسية خصوصاً أنّ بعضهم فقد أعزاء له نتيجة قتل أو اعتقال أو تهجير، ما يؤدي إلى حالة من التوتر النفسي لدى التلاميذ وبالتالي إلى إخفاق في الدراسة، وفي تحقيق النتائج المرجوة منه في امتحانات نهاية العام الدراسي.
اقــرأ أيضاً
على الرغم من الظروف القاسية في العراق التي تمتد من الأسباب الطبيعية كاشتداد حرارة فصل الصيف، إلى انقطاع التيار الكهربائي، وصولاً إلى النزوح والفوضى والجرائم والقتل والمعارك الدائرة في كبرى مدن البلاد، الموصل، يبدأ العد التنازلي لامتحانات نهاية العام الدراسي إذ يستعد نحو ستة ملايين تلميذ لإجراء الامتحانات وفقاً لأرقام أعلنتها وزارة التربية العراقية الأسبوع الماضي.
يقول محمد محمود (18 عاماً): "أعيش في محافظة ديالى المضطربة أمنياً. المدارس هنا يمكن أن تغلق أبوابها في أي لحظة ولأيام غير محددة. وحتى عندما يستتب الوضع الأمني كما حدث قبل عام جرى تفجير المقهى الشبابي في مدينة المقدادية، فأغلقت المدارس أبوابها وتوقفت الحياة لما يقارب من شهر. هذه المدة لها تأثير سلبي علينا كتلاميذ في المراحل المنتهية (المفصلية، أي السادس المتوسط والثالث الثانوي) بشكل خاص، فالمادة الدراسية المقررة يجب أن تأخذ وقتها في التدريس، وفي مثل هذه الحالات لا يقدم المدرسون أداء جيداً في التدريس بل يجري ترك بعض المواضيع والقفز إلى مواضيع أخرى من أجل أن ينهوا المنهاج المقرر بنهاية السنة وقبل الامتحانات".
يضيف محمود: "فقدت عمي وابن عمي أثناء امتحانات صيف 2013 وقد أثر هذا على تأديتي الامتحانات خصوصاً أنّهما قتلا غدراً بعد خطفهما. الأمر لا يقتصر على الوضع الأمني الذي أثر بشكل كبير على المستوى التعليمي في ديالى وحتى باقي مدن العراق بل إنّنا نعاني كثيراً من المشاكل التي قد تكون مرتبطة أيضاً بالوضع الأمني أو المسؤولين عن التعليم الذين لا يهتمون بالظروف التي تواجهنا. في امتحانات نهاية السنة الدراسية توضع الأسئلة لجميع محافظات العراق، وليس هناك استثناء لتلاميذ محافظة دون أخرى بسبب ظروف تعرضت لها مدينتهم. هذا، في حد ذاته، إجحاف بحقنا لأنّنا في النهاية لن نحصل على المعدل الذي نرغب فيه والذي يؤهلنا لاختيار الاختصاصات والجامعات".
نزوح
تشرح لجين الموصلي (19 عاماً) لـ "العربي الجديد" سبب تأجيلها الامتحانات وعدم تخرّجها من المرحلة الثانوية: "كنت متفوقة دراسياً فلا ألهو قبل أن أكمل تحضيراتي المدرسية، إلاّ أنّ الأمر تغير قبل عامين وهي المرحلة التي أعتبرها الأصعب في حياتي بسبب النزوح وما مررنا به من ظروف قاسية وخوف وقتل في الشوارع وإقفال للمدراس وتهديد ووعيد في مدينتنا الموصل وتحديداً في الجانب الأيمن. كلّ هذه الأوضاع اضطرتنا للخروج من المدينة، وكانت رحلة نزوحنا وحدها تكفي للإحباط واليأس، لكني لم أكن أخشى غير ضياع سنة دراسية وعدم إتمامي الامتحانات النهائية. وقد حدث ما أخشاه، وحين نزحنا حزمت ضمن أمتعتي بعض الكراسات والدفاتر الخاصة بالمواد التي أدرسها، لكنّ بعضها وقع مني أثناء رحلة النزوح مشياً على الأقدام لمسافات طويلة، وبعضها تمزق من كثرة الترحال. لكنّي أراجع يومياً عن ظهر قلب ما حفظته وأتمنى فعلاً أن تسنح لي الظروف للعودة إلى مقاعد الدراسة لأكمل دراستي وأدخل الجامعة التي أرغب فيها".
تشير الموصلي إلى أنّ كثيراً من التلاميذ ينتظرون تحسن الظرف الأمني ليتسنى لهم إكمال دراستهم وأخذ حقهم في التعليم: "رأيت الكثير منهم في المخيم يواصلون دراستهم داخل خيامهم حتى وإن لم ينتظموا في المدارس".
لا كهرباء
من جهته، يشتكي آدم علي وهو تلميذ ثانوي من سكان محافظة بابل جنوب العراق، لـ"العربي الجديد" الكادر التدريسي الذي "لا يصلح لإنشاء جيل كونه ينقصه الكثير علمياً وتربوياً". يفسر: "الكادر التدريسي يحتاج إلى تطوير أساليبه ليواكب تغيير المناهج، فالمدرسون لا يصلحون لإنشاء جيل كونهم يفتقرون الكثير علمياً وتربوياً. المناهج المقررة باتت اليوم تتغير قبل نصف العام الدراسي وبعد النصف الأول من العام، وما إن نحفظ المادة المقررة حتى نفاجأ بتغييرها من قبل وزارة التربية أو تغيير جزء من المادة من دون أن تكون هناك دراسة وخطة واضحة. هذا التغيير المفاجئ في المواد المقررة له تأثير سلبي للغاية على تحصيلنا ومعدلاتنا، كما أنّ الكادر التدريسي هو الآخر في حاجة إلى فهم المادة الجديدة حتى يتمكن من شرحها لتلاميذه".
يتابع علي: "نعاني في مدارسنا من ندرة المكتبات والكتب العلمية التي تعتبر من المصادر والمراجع التي يحتاج إليها التلميذ في دراسته، كما أنّ تصاميم مدارس العراق تقليدية ولا تواكب التطورات الحاصلة في مجال التعليم في مختلف البلدان، ليس ذلك فحسب بل أيضاً تكتظ الفصول الدراسية بضعفي العدد المقرر لها، ويجري تحميل التلميذ أكثر مما يحتمل بسبب عدم توفر مدارس كافية. وهو ما يدعو إلى تبديل الدوام الاعتيادي إلى ثلاثة دوامات نتيجة عدم وجود مبان مدرسية أو نتيجة هدم المدارس الموجودة سابقاً بحجة ترميمها أو بناء مدرسة جديدة، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث. وداخل المدرسة نعاني من غياب المختبرات التي تخص الكيمياء والفيزياء والأحياء. هذه المختبرات أساسية إذ تجعل المادة أسهل في الفهم في حال توفرت".
بدوره، يقول التلميذ صفاء الجنابي (17 عاماً) وهو من سكان العاصمة بغداد لـ "العربي الجديد": "نعاني كما مئات الآلاف من التلاميذ بشكل خاص من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى درجات الحرارة التي تتجاوز خمسين مئوية". يقول: "أعرف أزمة انقطاع التيار الكهربائي منذ طفولتي الأولى. لم تكن هنالك وسائل بديلة كما اليوم مثل المولدات الكهربائية التي تعمل على مادة الكاز أو البنزين أو اليو بي إس، التي تعمل على البطاريات الكبيرة. وحتى هذه الوسائل البديلة لا تفي بالغرض الآن لأنّ هناك ساعات لا بد لنا من أن نقضيها من دون كهرباء، وغالباً ما تكون وقت العصر أو في الليل مع درجات حرارة تزيد يوماً بعد آخر. بذلك، تصبح المذاكرة مستحيلة، إذ كيف نذاكر ونحن نتصبب عرقاً على ضوء الشمعة؟ حالتنا أشبه بالشمعة حين تذوب، لكنّ استمرار الشيء يجعل منه أمراً واقعاً ولا بدّ من التعايش معه. لا أنكر أنّنا على الرغم من كلّ ذلك نواصل دراستنا، وهذا في حد ذاته تحدٍ يستحق الوقوف عنده".
يتابع الجنابي أنّ المعاناة في المذاكرة ومواصلة الدراسة لا تقتصر على أزمة الكهرباء بل هناك تحدٍ آخر بدأ يكبر وتتسع رقعته تمثله الدروس الخصوصية التي هي "أشبه بالإسفنجة التي تمتص المال من جيوب أهلنا، فعلينا كلّ مرة أن ندفع المزيد من المال حتى نفهم الدروس. لا يعطي المدرّس الدروس حقها خلال الحصة اليومية المقررة في المدرسة، لكنّه يبذل جهداً أكبر عندما ندفع المال له مع أخذنا دروساً خصوصية". يضيف: "أما أخطر ما نواجه فهو إعطاء حقنا لغيرنا نتيجة سيطرة أحزاب ومليشيات على بعض المدارس والكوادر التدريسية أو مراكز الامتحانات مما يجعل من التلميذ غير المجتهد يحصل على معدل مرتفع مع نهاية العام الدراسي بسبب الغش أثناء الامتحان أو بيع الأسئلة أو التعامل الطائفي مع التلاميذ إذا كانوا من محافظة معينة".
إجراءات مطلوبة
من جهتها، تعتبر مدرّسة اللغة الإنكليزية، نبأ خالد، أنّ العملية التربوية تمرّ بمخاض عسير وسط تهجير وتهديد الكفاءات العلمية في هذا القطاع الحيوي. تشير إلى أنّ أركان العملية التربوية ثلاثة، هي: التلميذ والمدرسة والأسرة، لكنّ المدارس خلال السنوات الماضية مقيدة بمناهج قليلة متغيرة ما يرهق التلميذ والمعلم على حد سواء، وبالتالي، لا بدّ من تغيير المناهج خلال العطلة الصيفية وتدريب الكوادر التعليمية عليها قبل بدء الدوام وليس العكس.
تشير خالد في حديثها إلى "العربي الجديد" إلى أنّ تأخر توزيع المواد الدراسية يتسبب في الفوضى وعدم التدريس بالشكل الصحيح. وتعزو إخفاق بعض التلاميذ في دراستهم بالوضع الأمني المتردي، فكثيرون من بينهم يتعرضون إلى ضغوط نفسية خصوصاً أنّ بعضهم فقد أعزاء له نتيجة قتل أو اعتقال أو تهجير، ما يؤدي إلى حالة من التوتر النفسي لدى التلاميذ وبالتالي إلى إخفاق في الدراسة، وفي تحقيق النتائج المرجوة منه في امتحانات نهاية العام الدراسي.