دقّت الجمعية المغربية لطب الأطفال ناقوس الخطر حول نفاد الأدوية الخاصة بحالات الطوارئ لدى الأطفال، وما سيترتب عن ذلك، من تداعيات خطيرة على صحة المواطنين والأطفال، بشكل خاص.
وقال رئيس الجمعية المغربية لطب الأطفال، الدكتور حسن أفيلال في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إنه تلقى عدة اتصالات ومراسلات من أطباء الأطفال وأطباء العناية المركزة بشأن نفاد أدوية مهمة، لا غنى عنها من المصحات الخاصة ووحدات الإنعاش وحتى الصيدليات، وعلى إثر ذلك وجّه كتاباً إلى وزارة الصحة المغربية بشخص وزيرها الحسين الوردي".
وقال "لقد وصلنا إلى مرحلة خطيرة لا يجب السكوت عنها، فهذه الأدوية لا توصف لعلاج حرقة المعدة أو عسر الهضم أو الإمساك، بل إننا نتحدث عن أدوية لا يمكن الاستغناء عنها؛ وغيابها يعني أن يقف الأطباء مكتوفي الأيدي وهم ينتظرون وفاة المريض".
وأكد أفيلال أن هدف هذه المراسلة هو حثّ وزير الصحة على التدخل العاجل لتوفير هذه الأدوية الضرورية، فالأمر يتعلق بصحة المواطن المغربي، وأي تأخير لا يعني إلا الاستهتار بصحته. كما أشار إلى أن هذه الأدوية تشمل مضادات حيوية، وعقاقير خاصة لوقف حالة الأطفال ضحايا مرضى الصرع، وغيرها كـ "دوبامين" و"فانكومايسين" و"Amiklin"، و"فينوباربيتال" الخاص بالحقن. متسائلا عن الجدوى من سياسة دوائية تلجأ لها الوزارة بتخفيض أثمنة أدوية غير موجودة أصلا في السوق الوطنية.
بدوره، ضمّ رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة (منظمة غير حكومية)، علي لطفي، صوته إلى صوت الجمعية المغربية لطب الأطفال ليعبر عن مخاوفه من التلاعب بصحة المرضى، والسكوت عن النقص الحاصل في الأدوية.
وحمّل لطفي في تصريحات لـ "العربي الجديد"، وزارة الصحة مسؤوليتها الكاملة في هذا الخصاص الذي سبق أن تحدث عنه في تقرير مفصل، وجه نسخة منه إلى وزير الصحة الحسين الوردي ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني في يونيو/ حزيران الماضي، دون أن يكون هناك أي تدخل يذكر لتغطية النقص المسجل في "المخزون الأمني" للأدوية والمنتجات الحيوية الضرورية لسير المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة بالبلاد.
وعزا المتحدث غياب هذه الأدوية إلى محاولة لوبيات شركات الصيدلة وصناعة الأدوية في المغرب، التلاعب بأسعارها، بوقف استيرادها لفترة، ثم إعادة توفيرها بعد ارتفاع أصوات الجمعيات الطبية المعنية، لكن بأسعار مرتفعة.
وأكد أن وزارة الصحة المغربية تقوم بـ "تضليل الرأي العام"، عندما تتحدث عن تخفيض أسعار بعض الأدوية، لأن ثمن الأدوية التي يكثر عليها الإقبال مرتفعاً، إذا ما قورن ببلدان كمصر وتونس وفرنسا.
في المقابل، دعا الصيدلي عماد المعزوزي إلى فتح حوار جاد مع مهنيي القطاع الدوائي من مختبرات وشركات التوزيع والصيدليات وكافة المعنيين، لتدارك نفاد الأدوية عبر توفيرها أو استيرادها في حال تعذر إنتاجها محليا.
وأوضح أن إكراهات أطباء الإنعاش، تستدعي توفر مخزون بالمستشفيات للحالات الاستثنائية، يتم تحديدها حسب احتياجات الأطباء المعالجين، وهذا يفرض تنسيقا بين المختبرات المتعاقدة مع وزارة الصحة، لأن الصيدلية الخاصة كيفما كانت إمكانياتها يتعذر عليها توفير هذه الأدوية، لافتا إلى أن تواصل الصيدلي مع الطبيب والمختبر، يبقى عاملا أساسيا في تجاوز هذا الخصاص.
وأشار المعزوزي إلى أنه رغم الإكراهات التي يواجهها قطاع الصحة في المغرب، لا يمكن إغفال تقدم الصناعة الدوائية بالمغرب، وهو ما يبرز من خلال المرتبة الثانية التي يحتلها من حيث إنتاج الدواء أفريقيا، وتغطية أكثر من 70 في المائة من الطلب الداخلي.
يذكر أن وزارة الصحة المغربية، قد أعلنت في 16 يوليو/ تموز الماضي عن تخفيض أسعار 75 دواء بنسب وصلت إلى 65 في المائة، وذلك في إطار سياستها الدوائية الوطنية، وتكريسا لمبدإ الحق في الولوج إلى الأدوية كجزء لا يتجزأ من الحق الدستوري.
وأكدت في بيان سابق لها حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، أن هذا التخفيض "يهمّ الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض المزمنة، كأمراض القلب، والضغط الدموي والسكري وبعض الأمراض المعدية والالتهابية وأمراض الجهاز العصبي والأمراض النفسية والجلدية وأمراض الحساسية وأمراض الجهاز الهضمي وبعض المضادات الحيوية إلى جانب بعض الأدوية الخاصة بأنواع من السرطانات". كما قامت قبل ذلك بتخفيض أسعار 54 دواء، بنسب وصلت إلى 46 في المائة، ليصل المجموع إلى 3729 منتجا صحيا.