صلّى الجميع وتبركوا بصور ضخمة للسيد المسيح، ونالوا عطور وبخور الكنيسة، قبل أن يعودوا إلى منازلهم ليبدأ يوم طويل من استقبال الزوار والمهنئين، والردّ على المكالمات الهاتفية من أصدقائهم وجيرانهم المسلمين. الجميع في حي الوادي وباب حطة وحارة السعدية هنأوا عائلة المختار بمناسبة العيد، تماماً كما يفعل إخوانهم المسيحيون في عيدي الفطر والأضحى، فالمقدسيون يتشاركون الأفراح.
حمل المختار أفراد عائلته إلى فندق خارج أسوار البلدة القديمة متاخم لمنطقة سكنه في حارة النصارى، وأمضوا هناك عدة ساعات تناولوا خلالها طعام العيد، واستقبلوا أصدقاء من عائلات أخرى انضمت إليهم في طقوس الاحتفال، وتبادلوا أطراف الحديث والأمنيات بأن تكون السنة الميلادية القادمة أفضل من السنة التي تشارف على الانتهاء.
وقال المختار لـ"العربي الجديد": "أملي أن يحل السلام رغم الألم الذي يعيشه شعب فلسطين، خاصة في قطاع غزة الذي لا يزال يئن تحت الحصار. أديت الصلاة أنا وعائلتي، وها نحن نحتفل بالعيد على طريقتنا. بعد ذلك لا بدّ من التزاور واستقبال المهنئين، نتمنى عيداً سعيداً لكل أبناء شعبنا".
وعمّ الهدوء والسكينة حارة النصارى بالقدس القديمة، وملأت زينة الميلاد الأزقة وجدران المنازل ونوافذها، وواصلت بعض المحلات فتح أبوابها لبيع الزينة لطالبيها من المسيحيين والمسلمين على حد سواء. ومع قدوم المساء تضاء شجرة الميلاد الضخمة، وكذلك الزينة التي علقت في كل مكان.
وكانت منطقة باب الخليل، وتحديداً محيط كنيسة دير اللاتين، شاهداً على مسيرة كبرى تقدمها بالأمس المدبر الرسولي باتجاه مدينة بيت لحم، وشاركت فيها أعداد كبيرة من مسيحيي القدس، ليعودوا فجر اليوم إلى كنيسة القيامة ليؤدوا طقوس العيد، ومنها إلى منازلهم، قبل أن يعودوا عند الظهيرة إلى محيط دير اللاتين مجدداً، حيث تتجمع العائلات هناك لتنطلق إلى ساحة باب الخليل، حيث تتواجد الكثير من المطاعم.
قرب دير اللاتين، التقى "العربي الجديد"، عائلة المواطن الفلسطيني، جورج شكيب، وهو من مدينة الناصرة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بعد أن شاركت في قداس منتصف الليل ببيت لحم، وعبر شكيب عن سعادته بروعة الاحتفال في بيت لحم، وأجواء الميلاد الساحرة في القدس القديمة. وقال: "سنمضي أياماً أخرى هنا حتى رأس السنة، زيارة القدس أمر لا يعوض".
بدورهم، شارك تجار البلدة القديمة من المسلمين زملاءهم التجار المسيحيين فرحة عيد الميلاد، باستقبالهم في محلاتهم والالتقاء ببعضهم بالقرب من منازلهم، بينما تستعد حركات شبابية مقدسية لزيارة بيوت أصدقائهم في حارة النصارى والدباغة وحي الجبشة، وعقبة البطيخ.