"الركبان"... مخيم اللاجئين السوريين المنسي على حدود الأردن

18 ابريل 2018
مخيم الركبان للنازحين السوريين (تويتر)
+ الخط -

يعيش النازحون في مخيم "الركبان" على الحدود بين سورية والأردن، حياة لا تختلف مشاهدها قسوة عن الحياة في البادية السورية، حيث تغيب مقومات الحياة الأساسية، وتسيطر السوق السوداء، وتنتشر طرق غير مشروعة للخروج من المخيم أو الدخول إليه.


كانت فاطمة (25 سنة)، ابنة مدينة تدمر، تحلم بأن تكون مدرسة لتعلم الأطفال في المرحلة الابتدائية، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها كانت مخطوبة وكان موعد زفافها قريباً، لكن اقتحام تنظيم "داعش" مدينة تدمر، أفسد كل الترتيبات، لتفترق عن خطيبها لمدة عام ونصف العام، وتلتقي به من جديد في مخيم الركبان.

وتروي الشابة السورية: "أتممنا زواجنا بترتيبات بسيطة مع مشاعر فرح ممزوجة بمآسي النزوح، لتكون الفرحة الثانية مع خبر الحمل. مضت أشهر الحمل سريعاً، وبعد مدة من المتابعة مع الأطباء في النقطة الطبية اتضح أن الولادة لن تكون طبيعية، وبالتالي من المستحيل إجراؤها في النقطة الطبية".


وتضيف: "تزايدت الضغوط مع تزايد حالات وفاة بعض الحوامل اللواتي يحتجن إلى عمليات قيصرية، وكانت آخرهن جارتي سهام، التي كانت تشاركني الطريق إلى النقطة الطبية، ونتبادل الأفكار حول اختيار الأسماء".

يتفاقم وضع فاطمة باقتراب موعد الولادة، فينصح أحد الأصدقاء أهلها بإرسالها إلى دمشق، رغم طول الطريق وخطورته، وارتفاع الثمن المطلوب لنقلها. يحسم الأهل أمرهم، ويقررون بيع بعض أغراضهم، وبينها خاتم الزفاف لإرسالها إلى دمشق عبر سيارة لنقل البضائع، وبعد رحلة تجاوزت العشر ساعات بسبب وعورة الطريق، وانتشار الحواجز العسكرية.
وصلت فاطمة إلى دمشق، واستقبلتها قريبة لها، ليتم نقلها على الفور إلى المشفى، حيث أكد الطبيب أنها لو تأخرت 48 ساعة أخرى لكانت حياتها وحياة جنينها مهددتين بالموت. أجريت العملية لفاطمة لتحتضن طفلها، وتنجو من موت شبه محتوم.

وفاة سهام ليست الأخيرة الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل تدهور الأوضاع، إذ توفيت سيدة سورية حامل في 18 فبراير/ شباط الماضي، بسبب غياب الرعاية الطبية، وصعوبة تلقي العلاج أو إجراء عمليات الولادة على الحدود الأردنية، لعدم توفر مشفى ميداني أو نقطة طبية في المخيم قادرة على إجراء هذا النوع من العمليات.

وكان المخيم يضم نقطتين طبيتين تعملان بأسعار رمزية، قبل أن يتم إغلاقهما أخيراً من دون معرفة الأسباب، ليعيش النازحون ظروفاً صعبة في ظل غياب المنظمات الإنسانية، وندرة المياه والمواد الغذائية، فضلاً عن نقص الأدوية، بخاصة مع قدوم فصل الصيف، وما يحمله من أمراض في المنطقة الصحراوية، وإغلاق الحكومة الأردنية الحدود، وتأكيدها أن المخيم مسؤولية دولية.


وأنشئ مخيم الركبان في المنطقة الحدوديّة من الجهة السوريّة، وهو مخيّم عشوائيّ للاجئين السوريّين، يمتد بطول 7 كلم في المنطقة المنزوعة السلاح بين سورية والأردن بعمق 3 كلم، ومعظم اللاجئين فيه فرّوا من ريف حمص الشرقيّ والبادية السوريّة التي سيطر عليها تنظيم "داعش" عام 2014.

وتتضارب أعداد قاطني المخيّم، فيقدّر الجيش الأردني عددهم بنحو 70 ألفًا، ويقدّرهم "جيش أحرار العشائر" بنحو 100 ألف، في حين تقول مفوضيّة شؤون اللاجئين إنّهم 55 ألفًا فقط، وهو ما ينعكس سلبًا على تقدير الاحتياجات الواجب توفيرها للاجئين.​