أطلق وزير الصحة العامة في لبنان جميل جبق، تحت شعار: "ما تترددي، اعملي الصورة وطمني بالك"، الحملة الصحية الوطنية الأكبر في لبنان للتوعية بشأن سرطان الثدي، والتي تستمر حتى نهاية العام الجاري، وتتيح للنساء إجراء الصورة الشعاعية والفحوصات الدورية اللازمة في المستشفيات الخاصة والحكومية والمراكز الطبية.
وخاطب الوزير جبق الحضور الرسمي والطبي إلى جانب عدد من الناجيات من مرض سرطان الثدي، بالقول "إن مواجهة السرطان أمر سهل، لأن الكشف الدوري السنوي كل سنة أو سنتين، حسب وضع كل سيدة، يحمي الحياة وينقذها من مرض قد يقضي عليها في حال إهماله ويدمر الحياة العائلية".
وأكد جبق أنه "بموجب هذه الحملة، يمكن إجراء صورة شعاعية شبه مجانية للنساء، على أن يتم السعي لأن تكون هذه الصورة مجانية في مراكز الرعاية الأولية، ووفق الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع عدد من المستشفيات الحكومية وعدد من المراكز الطبية".
وأعلن أن موازنة وزارة الصحة "زادت هذه السنة وبالاتفاق مع مجلس الوزراء بمبلغ 25 مليارا، ما يشكل تطورا إيجابيا يساعد على إنجاز الكثير من الأمور الأساسية، خصوصا أن كلفة العلاجات الحديثة التي بدأ اعتمادها في السنوات الأخيرة باهظة ولكنها فعالة جدا في علاج المرضى وإنقاذ حياتهم".
وأكد أن "الوزارة تؤمن العلاجات على حساب موازنتها"، آملا من الجهات الضامنة في لبنان مساعدتها في هذا المجال، مذكرا إياها بأن "وزارة الصحة العامة هي المرجعية الطبية الوحيدة التي يجب على هذه الجهات من ضمان وشركات تأمين الالتزام بها، وبما تصدره من تعليمات وقوانين وما تضعه من بروتوكولات علاجية، بحيث لا تضع الجهات الضامنة استثناءات لأدوية أو بروتوكولات أو عمليات تعترف بها وزارة الصحة العامة وذلك لتخفيض الكلفة عنها، ما يوقع المريض في مأزق ومشكلة".
وشدد جبق على أن "ما تقوم به الوزارة على صعيد وضع بروتوكولات الأدوية يتم بالتعاون مع أساتذة متخصصين في كليات الطب وجمعيات لبنانية متخصصة بالأورام والأمراض الخبيثة". وتمنى على كل الجهات الضامنة "التزام هذه البروتوكولات، فلا يلجأ المريض إلى وزارة الصحة للحصول على دوائه في حال كان مضمونا أو لديه تأمين"، متمنيا أن يكون الدواء الذي تعترف به وزارة الصحة يعترف به الجميع للاشتراك في تخفيف الأعباء.
وقدمت الإعلامية إسبرانس غانم شهادتها الخاصة في مجال الإصابة بسرطان الثدي، الذي أصيبت به في عمر مبكر رغم كونها من غير المدخنات وليس لديها سبب وراثي أو وزن زائد. وقالت غانم إنها اكتشفت إصابتها بالمرض من خلال الفحص الذاتي، وتبين بالفعل أنها مصابة بسرطان الثدي من الدرجة الثانية ومن النوع الفتاك. وتوجهت إلى كل السيدات بالقول "المهم عدم الخوف، بل الإقدام على إجراء الفحوصات الدورية في الوقت اللازم لأن الكشف المبكر مفتاح النجاة".
سرطان الثدي الأكثر شيوعاً
من جهته، أوضح المدير العام لوزارة الصحة، الدكتور وليد عمار، أن "سرطان الثدي من أكثر الأمراض السرطانية شيوعا، ويشكل 42 في المائة من أمراض السرطان عند المرأة و21 في المائة من الإجمالي العام في لبنان".
وقال إن "الوزارة تريد إيصال ثلاث رسائل من خلال الحملة، أولاً أن كل امرأة تعتبر معرضة للإصابة بسرطان الثدي، ثانيا أنه يمكن الشفاء تماماً من هذا المرض باكرا، ثالثا أن العلاجات اللازمة لذلك متوافرة. كما أن طريقة الاكتشاف المبكر بسيطة وغير مكلفة وبمتناول الجميع، وهي عبارة عن فحص ذاتي متكرر للثدي شهريا ابتداء من سن العشرين وإجراء صورة شعاعية Mammography كل سنة ابتداء من سن الأربعين أو من سن الخامسة والثلاثين للواتي لهن قريبات أصبن بهذا المرض".
وأشار إلى أن وزارة الصحة العامة تحدد تعرفة مخفضة لصورة الثدي هي 40 ألف ليرة (26.6 دولارا)، وتضع لائحة بالمستشفيات والمراكز التي تتعهد بالتزام هذه التعرفة خلال الحملة التي تستمر 4 أشهر (أي لغاية 31 ديسمبر/كانون الأول 2020)، وبلغ عدد هذه المستشفيات والمراكز هذا العام 90، علما أن 25 مستشفى حكوميا سيقدم هذه الخدمة مجانا.
وطمأن إلى أن "عدد النساء اللواتي يخضعن لتصوير الثدي يزداد عاما بعد عام، فبعدما كانت هذه النسبة 11 في المائة في بداية الحملات عام 2002 وفقا لدراسة ميدانية أجريت في حينه، ناهزت هذه النسبة حاليا الـ50 في المائة".
واقترح عضو اللجنة الوطنية لمكافحة سرطان الثدي، الدكتور عماد الحاج، اختيار عنوان متمحور حول "عناية كاملة متكاملة" لمواجھة سرطان الثدي، وقال: "كلما تعمقنا في دراسة هذا المرض اقتنعنا أكثر بأن المشكلة متعددة الأوجه والطريقة المثلى لمواجھته ھي مناقشة كل حالة سرطان ثدي من قبل مجموعة من الاختصاصيين في ھذا المجال".
وقال: "هذه الطريقة في العلاج أصبحت قانونا في عدة بلدان أوروبية، وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال أصبح من الضروي تقديم دليل موثق بمناقشة اي حالة سرطان من قبل اللجان المتعددة الاختصاصات لتغطية نفقة العلاج من قبل الحكومة".
ولفت إلى أن مراكز عدة في لبنان تتبع ھذه المنھجية، ولكن من الضروري أن تطبق العناية الكاملة المتكاملة لسرطان الثدي في جميع المراكز الطبية في لبنان. وتمنى على وزارة الصحة العامة ونقابة الأطباء واللجان المختصة العمل على دعم ھذه الظاھرة والتوجه إلى الأطباء بوجوب تطبيق هذه الآلية في علاج جميع حالات السرطان.
تطور مذهل في العلاج
بدوره، أوضح رئيس الجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث، الدكتور نزار بيطار، أن "الهدف من الحملة التوعية منعا لاكتشاف المرض في مراحل متقدمة حيث يصبح العلاج أكثر صعوبة وكلفة". وقال: "الحملة تتوجه للناس الأصحاء. فالمرأة التي لا تشعر بشيء عليها إجراء الصورة الشعاعية".
ولفت إلى أن "الأبحاث أدت إلى تطور مذهل في العلاج الجراحي وسهلت العمليات الجراحية التي أصبحت أكثر سهولة وأقل تشويها. كما أن التطور الكبير في العلاج يتمثل في اكتشاف أدوية جديدة ووسائل علاجية مركزة توجه لمرضى معينين وعلاجات هرمونية أدت إلى إطالة عمر المصابات من عدة أشهر إلى أكثر من أربعين شهرا. وسمح ذلك بممارسة طب تشخيصي وطب دقيق، ما حوّل أمراضا كهذه إلى أمراض مزمنة يمكن التعايش معها سنوات طويلة وعديدة".