تأتي الحملة بالترافق مع عجز فعلي لدى كثير من المواطنين عن دفع أيّ فاتورة، تضاف إلى كلفة الغذاء اليومي التي بالكاد يستطيعون توفيرها. وردّد المحتجون هتاف: "لا إصلاح ولا تغيير ما رح ندفع فواتير"، و"حق (ثمن) فسادكم مش دافعين"، و"عايش ع الشمعة مقهور والحاكم عم يبني قصور"، و"ما رح ندفع فاتورتين ما حندفع حق الدَّين". ومن المعروف أنّ المواطن اللبناني يدفع ثمن كهرباء الدولة، لكنّ تغذيتها لا تغطي غير ساعات محددة من اليوم، ما يجبره على الاشتراك في مولد كهربائي خاص في الحيّ الذي يسكن فيه، ويدفع بالتالي فاتورة ثانية. وتبلغ كلفة فاتورة الاشتراك الخاص ما بين 70 دولاراً أميركياً و120 (5 أمبيرات) شهرياً، بحسب عدد الساعات التي حلّ فيها الاشتراك محلّ كهرباء الدولة. أما فاتورة كهرباء الدولة فهي في حدود تتراوح بين 25 دولاراً و60 شهرياً، في الغالب، بحسب معدل استهلاك كلّ منزل.
ووزّع المعتصمون منشورات على السيارات المارّة، دعوا فيها إلى "الامتناع عن دفع الضرائب والرسوم والتوقف عن تسديد القروض المصرفية المستحقة إلى حين استرجاع الحقوق"، لأنّ "الضرايب عالأرباح مش عالعامل والفلاح" كما هتفوا. وحملوا لافتات كُتب عليها "عفواً الكهرباء مقطوعة"، و"بدنا (نريد) رئيس حكومة إنقاذ مش (لا) حكومة مجاعة".
وفي حديثه إلى "العربي الجديد"، أوضح المحامي واصف الحركة أنّ "حملة #مش_دافعين تشمل في مرحلتها الأولى الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء والبلديات (المجالس المحلية) والمالية والميكانيك (دائرة السيارات والمركبات)، بالإضافة إلى عدم دفع قروض السكن والتعليم والسيارات، وذلك للوقوف إلى جانب المواطنين العاجزين عن الدفع". وأكد "وجود مشاريع قوانين تحمي المواطنين المتخلفين عن الدفع عندما تصبح هذه الحالة شعبية عامة". وأعلن أنّ الاعتصام المقبل سيكون أمام جمعية المصارف.
وفي كلمة له أمام المعتصمين، أسف المحامي علي عباس لاستمرار "قوى السلطة بتجاهل الناس ولاستمرار نهج المحاصصة والتزبيطات (المحسوبيات) والمحاور" مستنكراً تكليف حسان دياب لرئاسة الحكومة، وهو "الوزير السابق بواحدة من أسوأ الحكومات التي مرّت على لبنان".
من جهته، قال الممثل المسرحي زياد عيتاني: "من أمام شركة الكهرباء التي هي واحدة من أكبر مزاريب الهدر في البلد، جئنا لندعو الشعب اللبناني إلى الامتناع عن تسديد فاتورة الكهرباء ابتداءً من هذه اللحظة إلى حين تشكيل حكومة من المستقلين تلبّي مطالب الناس وتحظى بثقتهم". ولفت إلى أنّ "المواطن اللبناني يدفع فاتورة كهرباء مزدوجة هي من الأغلى في العالم، كما أنّ قطاع الكهرباء يستنزف الحصة الأكبر من الموازنة ويرفع فاتورة الدين العام (نحو ملياري دولار سنوياً كمعدل وسطي)، عدا عن أنّ نسبة الهدر غير الفني تصل إلى (21 في المائة)، كما أنّ 58 في المائة من الفواتير غير المستوفاة بقيمة 1800 مليار ليرة لبنانية تعود إلى الإدارات العامة ومصالح المياه".
وسأل عيتاني: "هل تريدون أن نعود لدفع فاتورة الكهرباء؟ ضعوا خطة مستدامة لتأمين الكهرباء 24/ 24 عوضاً عن حلول البواخر المكلفة التي تفوح منها رائحة الصفقات والتنفيعات، وأوقفوا السرقة والهدر والفساد". وأعلن أنّهم بصدد البدء بمزيد من "الخطوات التصعيدية" محذّراً من "التفكير بالانتقام من الناس عبر قطع الكهرباء عنهم، لأنّنا سنعيد وصلها".
وأكّدت المشاركة في الاحتجاج، أميرة يوسف في حديثها إلى "العربي الجديد" أنّها لم تعد قادرة على دفع الفواتير: "أولادي من دون عمل، والكهرباء تأتينا منذ مدة فاتورتين عن شهرين، عدا عن فاتورة اشتراك المولد الكهربائي. دفعنا ثلاثين عاماً من دون أن ننعم بالكهرباء، فكيف لنا أن ندفع بعد، ومن أين؟".