تنوي بلجيكا إطلاق حملة خلال الشهر الجاري، تهدف إلى الحدّ من تدفُّق طالبي اللجوء الفلسطينيين إلى أراضيها. الرسالة التي ترغب في إيصالها إلى هؤلاء مفادها بأن بلجيكا ليست جنّة
عدد طالبي اللجوء المسجلين في شهر فبراير/ شباط إلى بلجيكا أقلّ بكثير من 2765 شخصاً، كانوا قد توجهوا إلى إدارة الهجرة خلال يناير/ كانون الثاني الماضي. طلبات غالبيّتها لفلسطينيين غادروا الأراضي الفلسطينية من جراء الممارسات الإسرائيلية أو قدموا من مناطق أخرى، ما دفع الوزيرة البلجيكية للهجرة واللجوء، ماغي دوبلوك، إلى الاستعداد لإطلاق حملة لثنيهم عن القدوم إلى بلجيكا لتقديم طلبات لجوء سياسي. تقول إن "بلجيكا ليست جنة عدن التي يتصورونها". وبحسب الإحصائيات المتوفرة حتى الآن، فقد تقدم 426 فلسطينياً بطلب للحصول على الحماية أو اللجوء السياسي في يناير/ كانون الثاني، بينما وصل عددهم خلال شهر فبراير/ شباط إلى نحو 250، علماً أن عددهم قد وصل إلى 2468 في عام 2018.
هذه الأعداد من الوافدين الفلسطينيين تخيف الوزيرة. لذلك، تستعد لإطلاق حملة خلال شهر مارس/ آذار الجاري من خلال موقع إلكتروني وصفحة على "فيسبوك" يفترض أن تنشر فيهما وستضم رسائل توضيحية لما تعتبره الوزيرة أخباراً مزيفة للمهربين أو لعائلات الفلسطينيين في الشتات حول الحياة السهلة في بلجيكا. "البلد ليس جنة يحصل فيها المرء على مساعدات اجتماعية بشكل تلقائي وفور الوصول. وستكون هناك إشارات أساسية إلى تكاليف المعيشة، كسعر الخبز على سبيل المثال، وتحذيرات تتعلق بلمّ شمل الأسرة". ويقول مسؤول في مكتب الوزيرة لـ"العربي الجديد": "باختصار، سنقدم معلومات صحيحة وواقعية عن بلجيكا. والحملة ستكون باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية". من جهته، يفيد مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنّ "منح صفة لاجئ لأشخاص قادمين من قطاع غزة لم يعد أوتوماتيكياً تقريباً"، والسبب هو "الوضع في قطاع غزة الذي ما زال محفوفاً بالمخاطر ويواجه العديد من المشاكل. كما توجد إمكانية حقيقية للعودة عبر مصر لأن مركز رفح الحدودي مفتوح".
وكانت وزيرة الهجرة واللجوء قد طلبت سابقاً استشارة من مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حول إمكانية إنهاء عمليات منح اللجوء والحماية لفلسطينيي قطاع غزة، من دون أن ترد المفوضية. ويوضح مكتب المفوضية لـ"العربي الجديد": "ننتظر من مجلس الدعاوى التابع للمفوضية أن يقرّر بشأن تغيير سياستنا. إلغاء منح الحماية أو اللجوء يحتاج إلى تطور كبير ومستدام للوضع مع مرور الوقت".
وبحسب المفوضية، يختلف مسار الفلسطينيين الذين يقدمون طلبات اللجوء في بلجيكا. يقول مسؤول في مكتب المفوضية لـ"العربي الجديد": "هناك أبناء رجال أعمال أثرياء يرتبطون أحياناً بمنظمة حماس، ولا يتعرضون للخطر على الفور. هناك أيضاً الأطباء على سبيل المثال، الذين لا يعيشون مشاكل سياسية، لكنهم يبحثون عن حياة أفضل في مكان آخر". يضيف: "هناك أشخاص غادروا قطاع غزة بالفعل لبعض الوقت، لكن من الواضح أنه لم يعد في إمكانهم تمديد إقامتهم في دولة الإمارات مثلاً". وحول الطريق الذي يسلكه هؤلاء الفلسطينيون للوصول إلى بلجيكا بأعداد كبيرة وأقل بكثير في البلدان المجاورة، يقول المسؤول في مكتب المفوضية: "من الواضح أن هناك شبكات تعدهم بالعجائب في بلجيكا. مع ذلك، فإذا كان هؤلاء الأشخاص لا يحتاجون إلى الحماية، فما زال هناك أشخاص يتعرضون لتهديد شديد. لا يجب الخلط بين الأمرين".
وبهدف دخول الحملة حيز التنفيذ في أقرب وقت وضمان نجاحها، قررت الوزيرة تسريع تسيير طلبات الحماية واللجوء. ومن التدابير تعزيز المؤسسات المتخصصة باستقبال هذه الطلبات، أي إدارة الأجانب ومكتب المفوضية، من خلال الاستعانة بموظفين إضافيين. وفي وقت سابق، صرّحت الوزيرة بأنه "خلال فترة ولايتي الأولى، اعتمدت بقوة على المعالجة السريعة والفعالة لطلبات اللجوء. الهدف هو أن يعرف طالبو اللجوء بسرعة ما يحدث ويُطردوا بسرعة أكبر إذا رفضت طلباتهم. في الأشهر الأخيرة، زادت مدة دراسات الطلبات. وهذا غير مقبول". ومن التدابير الأخرى تقديم حلول للمشاكل التي تظهر في بعض الأحيان بخصوص عودة اللاجئين الذين جاءوا من بلد آخر ومن دول الاتحاد الأوروبي إلى بلجيكا.
وليست الحملة الرادعة التي تستهدف طالبي اللجوء الفلسطينيين الوحيدة التي أعدّها مكتب وزيرة الهجرة واللجوء. هناك مجموعات أخرى سيتم استهدافها أيضاً. يتابع المسؤول في مكتب الوزيرة: "الرسالة نفسها دائماً. نريد إيقاف الشائعات حول الحياة السهلة في بلجيكا، وبالتالي نحمي طالبي اللجوء ضحايا المهربين. وخير مثال على هذه الشائعات يتعلق بالحصول على تصريح الإقامة والعمل الموجه لبعض الفئات. فتصريح الإقامة والعمل المنفرد ليس تسوية للوضع القانوني للشخص. إنه تبسيط إداري يتم عبر تقديم طلب واحد للعمل والإقامة، وهو خاص بفئات معينة من العمال الذين يحتاج إليهم سوق العمل في بلجيكا. ولا يتم تعديل شروط الإقامة من خلال هذا التصريح. هناك نوع من سوء الفهم". وكان مكتب الأجانب قد اضطر للتعامل مع مجموعة من الطلبات قدمها أفراد من الجالية المغربية الذين كانوا يعتقدون بأن الأمر يتعلق بحملة لتسوية وضع المهاجرين غير الشرعيين.
ووصل عدد الذين تقدموا بطلبات اللجوء السياسي في بلجيكا في عام 2018 إلى 23 ألفاً و443 شخصاً، معظمهم قدموا من سورية وفلسطين وأفغانستان والعراق. ومنحت الحماية الدولية لـ 16 ألفاً و545 شخصاً.