تكايا الطعام.. وسيلة الغزيين لإغاثة الأسر الفقيرة في رمضان
غزة
علاء الحلو
علاء الحلو
تسعى التكايا الخيرية المنتشرة في قطاع غزة، إلى تخفيف الأعباء اليومية عن كاهل الأسر الفقيرة والمُعدمة التي تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة، عبر توفير الطعام المجاني طيلة أيام شهر رمضان.
ويحاول المبادرون والمتطوعون القائمون على التكايا، استهداف أكبر نسبة ممكنة من الأسر الفقيرة، ولا سيما في ظل تدهور وقساوة الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي، وعدم انتظام دفع الرواتب، وقطعها أو اقتطاع نسب كبيرة منها.
وترى الأسر المعوزة في تكيات الطعام، التي تباشر عملها يومياً بمساهمات من المتبرعين، بصيص أمل يعينها على قضاء أيام الصوم، وخصوصاً أن المستلزمات اليومية لسفرة الإفطار الرمضاني تثقل كاهلهم، وتزيد من أعبائهم.
ويوضح المُشرف في تكية غزة، أديب عبد الحليم، أن التكية التابعة للجنة زكاة منطقة الشيخ رضوان (شمال مدينة غزة) أنشئت مطلع عام 2016، وكانت تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع، إلى أن تقلص ذلك نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة.
وتختلف طبيعة عمل التكية في شهر رمضان، إذ تعمل على مدار الشهر، وتطهو بين كيسين إلى ثلاثة أكياس من الأرزّ يومياً. وينتج الكيس الواحد نحو 60 صينية (وجبة لثلاثة أفراد) من الأرزّ بالدجاج، أو باللحم، وتوزع على الأسر المُسجلة في التكية التي تحصل على كوبون قبل يوم من موعد التسليم.
ويشير عبد الحليم لـ"العربي الجديد"، إلى أن التكية تستهدف نحو 120 عائلة يومياً تعيل كل أسرة قرابة 5 أشخاص، منهم 30 عائلة ثابتة، بسبب أوضاعها الاقتصادية المتردية، ويقول: "تتيح التكية للأسر الثابتة أصنافاً متنوعة من الطعام".
ويبين أن إعداد الطعام في التكية يشمل أنواعاً أساسية منها المنتجات الغذائية وهي الدجاج، اللحم، الأرزّ، البصل والبندورة، إلى جانب بعض المصاريف التشغيلية لأجرة العمّال، ومكان الطبخ، ومواصلات القائمين على العمل، مبيناً أن ثمن تلك المستلزمات والنفقات تغطيها التبرعات والمساعدات الداخلية والخارجية.
من جانبه؛ يوضح طباخ التكية نبيل المدهون، الذي يطهو طعامها برفقة شقيقه وعدد من المتطوعين، أن فريق العمل يتعامل مع طعام التكية بذات الإتقان الخاص مثل باقي الطلبات التي تصل إلى المطعم، مضيفاً: "نعمل منذ سنوات على إطعام الفقراء، ونجد متعة كبيرة في ذلك".
ويشير المدهون لـ"العربي الجديد"، إلى أن طبخ الطعام يبدأ بعد ظهر النهار الرمضاني، إلا أنه يختلف ويتأخر أحياناً وفق الكمية التي سيتم طبخها، مضيفاً: "نضطر في بعض الأحيان إلى طبخ كيس واحد، لإطعام أكثر الأسر فقراً وحاجة".
والعمل في التكية يمر عبر ثلاث مراحل؛ الأولى طهو الأرزّ على يد طباخين ومتطوعين، أما الثانية فهي تعبئة الأرزّ واللحم والتزيين والتغليف، أما المرحلة الثالثة، فهي التوزيع وفق البطاقة التي يحملها كل ربّ أسرة والتي يتسلّمها مسبقاً.
بدوره يفسر منسق فريق "مجتهدون" الخيري، القائم على تكية البريج (وسط القطاع) بلال سلامة، أنه تم إطلاق أنشطة التكية قبل نحو عام ونصف العام، بهدف خدمة الفقراء والشرائح المُعدمة اقتصادياً في مخيم البريج وسط قطاع غزة.
وعن اللحظة الأولى لإطلاق الفكرة، يقول لـ"العربي الجديد": "صادفنا عدداً من الغارمين غير القادرين على سداد ديونهم، وقمنا بإطلاق حملة سدد تؤجر لسداد ديونهم، ومن ثم فكرنا بافتتاح تكية لتوفير الطعام بشكل دائم للفقراء والمحتاجين".
ويبين سلامة أن التكية بدأت في يومها الأول باستهداف نحو 60 عائلة من العائلات الفقيرة في المخيم، وتدرجت إلى أن أصبحت تستهدف نحو 320 عائلة، بواقع 160 أسرة يومياً، طيلة أيام شهر رمضان.
ويشير إلى تقسيم توزيع الطعام المكوّن من فول، وحمص، وأرزّ في بعض الأحيان على فئتين، الأولى يومية وهي الفئة الأكثر حاجة، بينما يتم استهداف الفئة الثانية يوماً بعد الآخر، مشدداً على أهمية التكية في التخفيف من معاناة تلك الأسر.
ويوضح أن التكية تحاول توسيع دائرة استهداف تلك الأسر، وفق التمويل والمساهمات التي تصل إليها من المتبرعين، مضيفاً: "تغطي مؤسسة إندونيسية نحو 70 في المائة من الموادّ اللازمة لعملنا، بينما يساهم أهل الخير والمتبرعون بتوفير باقي الأساسيات".
ويروي سلامة تفاصيل تعطّش العديد من الأسر لخدمات التكايا الخيرية، مستشهداً بأمثلة لأسر تأتي مشياً على الأقدام من مسافات بعيدة للحصول على الطعام، مضيفاً: "هناك رغبة من المتبرعين بتقديم ما يمكنهم تقديمه، أملاً في استمرار عمل التكية، وتعميم مبدأ المودّة والتكافل المجتمعي".