لاجئون أفارقة في لبنان مهدّدون بالاعتقال بعد تشريدهم

بيروت

سارة مطر

avata
سارة مطر
29 يناير 2020
7D979F31-12FB-4C0F-B559-2A0E42666CE9
+ الخط -
على الرغم من إزالة خيمهم من القوى الأمنية اللبنانية، أمس الثلاثاء، ما زال عدد من اللاجئين الأفارقة في لبنان يعتصمون أمام المقرّ الرئيسي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، مطالبين بحقوقهم. وهم اليوم بحكم المشرّدين، في حين أنّ القوى الأمنية أبلغتهم صباحاً بضرورة مغادرة المكان تحت طائلة اعتقالهم.

أثار التهديد بالاعتقال حفيظة اللاجئين وسخطهم، فحاول أحدهم، وهو سوداني الجنسية، يُدعى مبارك إسماعيل، إضرام النار في نفسه، مسجّلاً بذلك حالة ثانية من محاولات الانتحار بينهم، غير أنّ القوى الأمنية اعتقلته على الفور، الأمر الذي فاقم غضب المعتصمين. وقد انضمّ إلى هؤلاء ناشطون لبنانيّون ولاجئون سوريّون سبق أن اعتصموا أمام مقرّ المفوضية للمطالبة كذلك بـ"حقوقهم الإنسانية المنتهكة".

وردّد المشاركون هتافات من قبيل: "بدنا (نريد) أمن وبدنا أمان، وين (أين) حقوق الإنسان؟ وين حقوق اللاجئين؟ عم نطالب من سنين، بدنا حماية للاجئين"، فيما طالبوا بالإفراج عن إسماعيل الذي "اعتُقل صباحاً فقط لأنّه أراد الانتحار"، مؤكّدين أنّه "يعاني مشاكل صحية حرجة في الكلى والكبد ومشاكل أمنية في بلده". وكان اللاجئون الأفارقة المعتصمون والبالغ عددهم 26 لاجئاً، قد افترشوا الرصيف وباتوا ليل أمس في العراء، تحت المطر وسط البرد القارس، علماً أنّ من بينهم أطفالاً ورجالاً ونساءً، وأنّ امرأتَين من بينهم في الأشهر الأخيرة من حملهما.



على مقربة من مدخل المفوضية، جلست لاجئة إثيوبية ترتّب بطانية صغيرة احتفظت بها لتحمي طفلتها التي لم تتعدّ عامها الثاني من صقيع الشتاء. تقول وقد فضّلت عدم الكشف عن هويتها لـ"العربي الجديد"، إنّها "حامل في الشهر التاسع ومتزوّجة لاجئاً سودانياً هرب من بلده بسبب قضية ثأر، لكنّه يقبع منذ شهرَين في السجن بعدما اعتقلته القوى الأمنية اللبنانية في خلال اعتصامنا". وتخبر اللاجئة نفسها: "أتيت إلى لبنان قبل عشرة أعوام بغرض العمل، غير أنّني تعرّضتُ للتحرّش من قبل ربّ المنزل، فتركت العمل وتزوّجت. لكنّ زوجي طُرد من عمله منذ نحو ستّة أشهر، واليوم بات معتقلاً من دون وجه حقّ، وصرنا أنا وابنتي مشرّدتَين. أنا لا أملك ثمن الحليب ولا الطعام ولا حتى الحفاضات، ولا أعلم إن كنتُ سألد في الشارع". 

في السياق، وجّهت لاجئة سودانية عبر "العربي الجديد" نداء استغاثة، تطالب فيه "المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية الرأفة بأحوالنا". وتؤكد وقد فضّلت كذلك عدم الكشف عن هويتها: "اعتصامنا سلمي، ونحن نريد حقوقنا والعيش بكرامة. فأنا لاجئة مرّتَين، مرّة هرباً من بلدي لأسباب أمنيّة، ومرة هرباً من زوجي في لبنان إذ إنّه كان يضربني ويعنّفني وقد حاول قتلي نتيجة إدمانه الكحول". تضيف: "أنا اليوم محرومة من ابني، ومشرّدة في الشوارع، ولا يمكنني حتى الادّعاء على زوجي، لكوني لا أملك أيّ أوراق ثبوتية". بالنسبة إليها، "ثمّة سبب خلف قرار إزالة الخيم بالقوة، لكنّنا لا نعرف ما هو بالتحديد"، مرجّحة أن تكون "القوى الأمنية قد تمهّلت في قرار اعتقالنا، نظراً إلى انضمام مجموعة من اللاجئين السوريين والناشطين اللبنانيين لدعمنا، وكذلك وجود بعض الصحافيين في المكان".



تجدر الإشارة إلى أنّ خبراً تناولته وسائل التواصل الاجتماعي تحدّث عن زيارة مرتقبة للمفوض السامي للمفوضية فيليبو غراندي للبنان، الأمر الذي دفع الجهات المعنية إلى فضّ اعتصام اللاجئين الأفارقة بالقوة. لكنّ مصادر في المفوضية أكّدت لـ"العربي الجديد" أن "لا صحة إطلاقاً لما يُتداوَل، ولا زيارة مرتقبة للمفوّض السامي ولا حتى لأيّ مسؤول رفيع المستوى في المفوضية". ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ المفوضية في لبنان تصدر قريباً بياناً رسمياً تعلن فيه مسألة إزالة الخيم.

ذات صلة

الصورة
عناصر من قوات الامن الليبية في طرابلس 26 أغسطس 2024 (محمود تركية/فرانس برس)

سياسة

قُتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا" في مدينة الزاوية الليبية، غرب طرابلس، على يد مسلحين مجهولين، وهو مطلوب دولياً وأحد قادة المجموعات المسلحة.
الصورة
يعتمد الغزيون على المساعدات للعيش (عمر القطان/ فرانس برس)

مجتمع

قرار الأمم المتحدة وقف عملياتها في قطاع غزة قد يكون أشبه بالكارثة في ظل اعتماد الغزيين على المساعدات الشحيحة أصلاً، ليشعر أهالي القطاع بمزيد من التخلي عنهم
الصورة
من حملة تطعيم سابقة ضد الكوليرا في تعز (عبد الناصر الصديق/الأناضول)

مجتمع

أدت الفيضانات والسيول التي شهدتها اليمن مؤخراً إلى موجة جديدة من وباء الكوليرا، في ظل انهيار القطاع الصحي، وتردي المرافق الطبية.
الصورة
طفلة فلسطينية ضحية سوء التغذية في دير البلح - وسط قطاع غزة - 14 أغسطس 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

مجتمع

أفاد تقرير أعدّته الأمم المتحدة بأنّ نحو 15 ألفاً من أطفال غزة مصابون بسوء التغذية الحاد، بعد فحص نحو 240 ألفاً منهم منذ بداية العام الجاري وسط الحرب.
المساهمون