أدّى المنخفض الجوي "كريم" الذي يسيطر على لبنان منذ ليل الخميس الماضي، إلى عزل عدد كبير من مخيّمات اللاجئين السوريّين في بلدة عرسال (البقاع الشمالي) على مدى يومين، من جرّاء تراكم الثلوج وانقطاع الطرقات المؤدّية إلى المخيمات، قبل أن يُسجّل يوم أمس تدخّل خجول لبعض الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية بالتعاون مع بلدية عرسال، وبإيعاز من القوى الأمنية والمؤسّسة العسكرية، لفتح الطرقات ومساعدة اللاجئين في ظل موجة الجليد والصقيع التي لم يشهد اللاجئون مثيلاً لها منذ عام 2014.
وكان لاجئو البلدة قد أطلقوا مناشدات عدة تطالب بإغاثة نحو 61 ألفاً و400 لاجئ موزّعين على 143 مخيّماً و2300 منزل، من خلال تأمين مادة المازوت للتدفئة وأرغفة الخبز لهم ولأطفالهم، وبالتالي فكّ عزلتهم وتسهيل وصول الشاحنات المعنية بتأمين مياه الشرب بعد انقطاعها نهائياً وعلى مدى يومين في بعض المخيّمات، أو تجمّدها في الخزّانات، إلى جانب الإسراع في التخلّص من مياه الصرف الصحي بعد تعذّر ذلك منذ بدء العاصفة.
ويقول اللاجئ السوري والناشط مع منظّمات المجتمع المدني نوار بدران، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع "صعب في ظلّ ما تشهده بلدة عرسال من عاصفة شديدة البرودة وموجة جليدٍ وصقيع"، معتبراً أنّ "المعاناة الأولى والأخيرة هي شحّ مادة المازوت للتدفئة في غالبيّة المخيّمات. ولجأ بعضهم إلى إحراق الأحذية والبلاستيك والكرتون، علماً أنّ هناك ما يقارب 1200 لاجئ من الأشخاص المعوقين الذين هم في أمسّ الحاجة إلى التدفئة على مدار الساعة".
ويلفت إلى "وجود نحو 1100 طفل يتيم، بينهم 400 من دون كفالة". ويوضح أن المخيمات شهدت "صعوبة في تأمين الخبز والغذاء، في حين كان تدخّل الجمعيات والجهات المعنية خجولاً". ويكشف أنّ "العاصفة عزلت بعض المخيّمات في منطقتي وادي الحصن ووادي عطا، في حين عزلت كامل مخيمات مناطق وادي أرنب ووادي سويد ووادي حميّد ووادي التون وعقبة الجرد ومنطقة رأس السن المرتفعة والواقعة على منزلقٍ، قبل أن تُفتح بعض الطرقات لتأمين مستلزمات الحياة عبر سيّارات الدفع الرباعي".ويشير إلى أن "الأضرار اقتصرت على تمزّق بعض شوادر الخيم وتسرّب المياه إلى بعضها الآخر".
Twitter Post
|
وفي السياق، ناشد اللاجئ السوري المقيم في مخيم "قرية حياة" أبو اسماعيل سالم، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والجمعيات والهيئات الإغاثية، التدخّل والنظر في أحوالنا. الوضع مزرٍ وشديد الصعوبة، سواء لناحية تأمين مادة المازوت للتدفئة بعدما وصلت درجات الحرارة إلى ما دون 12 درجة مئوية، أو لناحية توفير الغذاء في ظلّ استمرار انقطاع بعض الطرقات وانعدام المساعدات الغذائية". وفي حديثه لـ "العربي الجديد"، يُحذّر من أن "المخيم يضمّ نحو مائة خيمة و500 لاجئ بين أطفالٍ ورجال ونساء، والبرد قاتل لا يرحم أحداً".
إلى ذلك، تحدّث رئيس "لجنة صوت اللاجئ السوري في لبنان" أبو أحمد صيبعة عن "الظروف المعيشية والصحية السيّئة التي يعانيها اللاجئون في عرسال، في ظلّ المنخفض الجوي الراهن، خصوصاً أنّ غالبيّتهم يعيشون ضمن خيمٍ هي أشبه بأكياس نايلون. وشهد مخيّم أبو عبيدة في منطقة ورا الجفر والغفران في منطقة وادي أرنب، وقوع بعض الخيم نتيجة تراكم الثلوج واشتداد سرعة الرياح، ما أدّى إلى لجوء عائلات هذه الخيم إلى الجيران للاحتماء من الجليد والصقيع".
Twitter Post
|
ويكشف لـ"العربي الجديد" أنّ "الجولات التي قام بها وفريق المتطوّعين على المستوصفات والمراكز الصحية، أظهرت نقصاً حادّاً في أدوية الأطفال وكبار السن، في ظلّ تسجيل العديد من حالات الرشح والزكام، إضافة إلى انعدام التجهيزات الطبية اللازمة. واضطررنا إلى استخدام سيارة رباعية الدفع أول من أمس، نقلت امرأة حاملاً كانت عالقة في أحد المخيّمات، إلى المستوصف حيث وضعت مولودها".
وأسف لـ"التدخل الخجول الذي قامت به "غرفة الطوارئ" رغم المناشدات المتكرّرة، علماً أنّها تضمّ مختلف الجمعيات والمنظمات العاملة في عرسال، ومن ضمنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
وكانت دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية توقعت انحسار المنخفض الجوي "كريم" غداً الثلاثاء تدريجياً عن الحوض الشرقي للمتوسط، على أن يبقى تأثير الكتل الهوائية الباردة، والتي تؤدي إلى طقس متقلب حتى ليل يوم غد الأربعاء، ثم يتحول إلى مستقر". وأفادت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في تل عمارة ــ رياق (البقاع اللبناني) بأن "موجة البرد الشديدة تشمل البلدان التالية: تركيا، العراق، سورية، الأردن، لبنان، فلسطين المحتلة، السعودية ومصر".