وكانت الولايات المتحدة قد شككت في طريقة إدارة الصين للوباء، وأثارت التساؤلات بشأن حجم المعلومات التي شاركتها بكين حقيقة مع المجتمع الدولي منذ ظهور الفيروس، أواخر العام الماضي.
وحاولت سلطات ووهان في بداية الأمر التغطية على الوباء، وعاقبت أطباء دقوا ناقوس الخطر على الإنترنت في ديسمبر/ كانون الأول، وبرزت تساؤلات إزاء تسجيل الحكومة للإصابات، في وقت كانت تغير فيه باستمرار معطيات الإحصاء خلال ذروة تفشي الفيروس.
وقال مركز مراقبة العدوى في ووهان، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، إنه أضاف 1290 وفاة إلى الحصيلة الإجمالية في ووهان التي سجلت أكبر عدد من الوفيات في الصين بكورونا.
ويرتفع بذلك العدد الإجمالي للوفيات في المدينة إلى 3869 وفاة. غير أن حكومة المدينة أضافت 325 إصابة فقط، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات في المدينة إلى 50333.
وهذه المراجعة للأرقام ترفع حصيلة الوفيات على مستوى البلاد بنسبة 39 بالمائة لتبلغ 4632، بحسب بيانات رسمية نشرت في وقت سابق الجمعة. غير أن الحصيلة الرسمية للوفيات في الصين، البالغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، لا تزال أدنى بكثير من مثيلاتها في بلدان أصغر مثل إيطاليا وإسبانيا.
وتعرضت الصين لضغوط متزايدة من دول غربية، فأثارت واشنطن الشكوك إزاء الشفافية الصينية بشأن تفشي فيروس كورونا، وأطلقت تحقيقات لمعرفة ما إذا كان الفيروس قد نشأ فعلا في مختبر في ووهان.
وكان علماء صينيون قد أعلنوا أن الفيروس انطلق من سوق في ووهان تباع فيه على الأرجح حيوانات برية للاستهلاك البشري.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، الخميس، "يتعين علينا طرح أسئلة أصعب حول كيف جاء الفيروس وكيف لم يكن بالإمكان وقفه في وقت أبكر مما جرى".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لصحيفة فايننشال تايمز، إنه من "السذاجة" التفكير بأن الصين تعاملت بشكل جيد مع الوباء، مضيفا "من الواضح أن هناك أمورا جرت ولا نعرفها".
وأقر المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان إن الانتشار السريع للفيروس ساهم في إحصاء أقل، لكنه أضاف "لم يكن هناك أي تستر على المعلومات ولن نسمح بأي إخفاء".
تغيير مفاجئ للبيانات
ودافعت صحيفة غلوبال تايمز القومية، والتي تشرف عليها الحكومة، عن مراجعة الأرقام في افتتاحية اعتبرت فيها الخطوة "تصحيحاً مسؤولاً" يستند إلى "حقائق"، ومضيفة أن البعض في الغرب "يبالغون" في تكهناتهم. وأضافت "نأمل أن تضع دقة البيانات حدا لكل الجدل المحيط بها".
وقال أستاذ الأمراض المعدية الجديدة في جامعة هونغ كونغ الصينية، جوزف كام، إن السلطات المحلية "ربما تم تكليفها بمهمة سياسية تقضي بإنجاز هدف محدد في إبلاغها عن الوفيات وحالات الإصابة المؤكدة".
وقال كام لوكالة "فرانس برس" "بالنظر إلى سذاجة هذه الأرقام، يبدو أن هذا التوقيت على الأرجح هو محاولة لتهدئة الغضب الخارجي وانعدام الثقة، وسط ارتفاع معدلات العدوى والإصابات التي شاهدناها".
ولفتت ووهان إلى أسباب عدة لعدم احتساب الحالات، بينها حقيقة أن الفرق الطبية في المدينة واجهت وضعا يفوق قدرتها في الأيام الأولى مع ارتفاع أعداد المصابين، ما أدى إلى "التأخر في الإبلاغ عنها أو الإغفال أو الخطأ في الإبلاغ".
وأشارت أيضا إلى عدم إجراء فحوص كافية والافتقار لمرافق العلاج، وقالت إن بعض المرضى توفوا في المنازل وبالتالي لم يتم الإبلاغ عن موتهم بشكل صحيح.
وسبق لسلطات الصحة في مقاطعة هوبي، وعاصمتها ووهان، أن أجرت مراجعات بشكل مفاجئ للأرقام.
ففي منتصف فبراير/شباط، أضافت السلطات بشكل غير متوقع نحو 15 ألف حالة إصابة للحصيلة، بعد أن بدأت في إحصاء المرضى الذين تم تشخيص حالتهم من خلال تصوير الرئة، إضافة إلى الذين يخضعون لفحوص مخبرية.
في وقت لاحق، حذفت اللجنة الوطنية للصحة 108 وفيات من الحصيلة الإجمالية، بعد أن اكتشفت أن بعض الوفيات احتسبت مرتين في هوبي.
وعادت السلطات إلى تغيير طريقة احتسابها مجددا في أواخر فبراير/شباط، عندما توقفت عن إحصاء حالات التشخيص من خلال تصوير الرئة.
مؤخرا، بدأت الصين في إحصاء الحالات التي لا تظهر فيها أعراض على المصابين، وذلك في أعقاب تصاعد قلق الرأي العام إزاء الأشخاص الذين جاءت فحوص إصابتهم بالفيروس موجبة من دون أن تبدو عليهم أعراضه.
وسعى تجانغ، المواطن من ووهان والبالغ 52 عاما، للحصول على أجوبة من الحكومة الصينية، بعد أن توفي والده المسن بالفيروس في أعقاب عملية جراحية غير متعلقة بالفيروس، واعتبر مراجعة العدد بمثابة تقدم.
وقال "أعرف العديد من المصابين الذين توفوا في منازلهم ولم تكن لديهم الفرصة لإجراء فحص كورونا، لذا لم يتم إحصاؤهم ضمن الوفيات".
وأضاف أن "مراجعة الأرقام تظهر أن الحكومة المحلية يمكنها أن تأخذ في الاعتبار المشكلات التي أثارها أقارب المتوفين، وهذا قد يحمل بعض العزاء للعائلات المفجوعة".