- شهادات الناجين تصف الرعب والعجز الذي شعروا به خلال الهجوم، مع تفاصيل مؤلمة عن فقدان الوعي والاختباء للنجاة من الغازات السامة.
- بعد سبع سنوات، يطالب أهالي خان شيخون بالعدالة للضحايا ومحاسبة النظام، مع حملات لإحياء ذكرى المجزرة وتأكيد على أهمية تحقيق العدالة لمنع تكرار هذه الجرائم.
مرّت سبعة أعوام على مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات النظام السوري في مدينة خان شيخون بريف إدلب شمال سورية، في الرابع من أبريل/ نسيان 2017، وقُتل إثرها أكثر من 100 مدني بينهم 32 طفلاً و23 امرأة دون إراقة الدماء، بينما أصيب أكثر من 400 آخرين جلّهم من الأطفال.
ومن بين الشهود على مجزرة خان شيخون المريعة، جميلة النجم ذات الـ47 عاما، التي استيقظت على هدير الطائرات الحربية، التي كانت تقصف المدينة، وقالت لـ"العربي الجديد": إنها حين سمعت أصوات الانفجارات، ظنت أنها صواريخ فراغية كالعادة وانطلق ابنها للمساعدة في إسعاف المصابين على مقربة منهم، لكنها لم تتوقع أن يكون القصف بالكيماوي والمواد السامة، أيقنت ذلك حين بدأت أعراض السعال ونوبات الاختناق تظهر عليها وعلى أفراد أسرتها، كانت الساعة السابعة إلا ربع صباحاً، حين راح الموت يحيط بهم من كل جانب.
وتابعت: "بدأ أطفالي يفقدون الوعي تدريجياً، تم إسعافنا جميعا إلى أحد المشافي في جبل الزاوية، ووضعوا لنا الأكسجين وعالجونا بالسيرومات وغيرها، نجونا بصعوبة لكن ولدي توفي في ذلك اليوم بينما يحاول مساعدة الآخرين وكذلك أربعة من أقربائي".
أما رهف اليوسف (18عاماً) فقد كانت تستعد للذهاب للمدرسة حين تم قصف المدينة، وفق ما أوضحت لـ"العربي الجديد"، حيث هرعت للاختباء مع أسرتها في المغارة القريبة من منزلهم خوفا من تكرار القصف وما هي إلا دقائق حتى بدأت تشعر بضيق التنفس والسعال الشديد مع والديها وبقية أفراد أسرتها، ليعمد والدها لإخراجهم فورا من المغارة وإسعافهم بعد أن تيقن أن ما تم إلقاؤه على خان شيخون غازات كيماوية سامة وسبق أن رأوا أهالي الغوطة وما حلّ بهم جراء تلك المواد التي أفقدتهم حياتهم.
وأكدت اليوسف أنّ ذلك اليوم لا يمكن نسيانه: "كان المصابون يملؤون الشوارع قبل أن تصل سيارات الإسعاف لإنقاذهم، كثيرون لفظوا أنفاسهم الأخيرة، ومنهم أقرباؤنا الذين قضوا في منازلهم".
حمود الخاني كان من بين المراقبين لحركة الطيران خلال القصف، وفق ما أوضح لـ"العربي الجديد" فالأهالي في المدينة اعتادوا على قصف الطائرات بالبراميل المتفجرة إضافة للصواريخ، لكن قصف ذلك اليوم كان مختلفا تماما. أضاف: "بعد دقائق من القصف لم يكن لون الغبار مشابها لما رأيناه من قبل، حتى عناصر الدفاع المدني لم يسلموا فقد أغمي على سائق المنظمة بسبب الغاز، وأصبحوا بحاجة من يسعفهم... نحن نريد محاسبة المجرمين ومصدري الأمر وكل من شارك في هذه المجزرة المؤلمة".
بدورها، ما زالت سهير القطيني (33 عاماً) تتذكر تلك اللحظات المرعبة التي لا تكاد تفارق خيالها، حين استيقظت مع أفراد أسرتها على السعال والاختناق، وفق ما قالت لـ"العربي الجديد"، وحينها هرعوا مسرعين إلى الشوارع، بدأوا يتساقطون على الأرض الواحد تلو الآخر وحين استيقظوا وجدوا أنفسهم في مشافي تركيا بالعناية المركزة، وبقوا أسابيع قبل أن تتحسن صحتهم، حيث توفي طفلها واثنين من أشقائها في تلك المجزرة.
ويحيي أهالي المدينة والسوريون عموماً في منطقة شمال غربي البلاد كل عام "ذكرى المجزرة"، التي تعد ثاني أكبر هجوم كيميائي في سورية من حيث عدد القتلى والمصابين بعد هجوم استهدف مدن وبلدات غوطتي دمشق الشرقية والغربية في أغسطس/آب 2013 والذي أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 1400 مدني أغلبيتهم من الأطفال والنساء.
ودعت منظمة الدفاع المدني السوري إلى حملة "لا تخنقوا الحقيقة" لإحياء ذكرى مجزرة الكيماوي في خان شيخون بتاريخ الرابع من أبريل/ نيسان الجاري، ومجزرة دوما بتاريخ السابع من الشهر، وتتضمن الفعالية معرضاً في الهواء الطلق للوحات فنية تشكيلية لفنانين سوريين، إضافة لوقفة للمطالبة بتحقيق العدالة للضحايا وذويهم وبمحاسبة نظام الأسد على جرائمه الكيماوية بحق السوريين.