بعد الثورة، لم تكتفِ المرأة في السودان بتحقيق أعلى نسبة مشاركة في السلطة في تاريخها السياسي، إذ تستمرّ في مواجهة تحديات جديدة. وعلى مدى العقود الماضية، ظلّت المرأة السودانية تشكو جملة من المصاعب، أبرزها النظرة السلبية إليها وضعف مشاركتها في المناصب العامة وتوظيفها في الخدمة المدنية، والتمييز في الرواتب بينها وبين الرجل، إضافة إلى إقرار قوانين هدفت إلى اضطهاد المرأة وإذلالها، بحسب عدد من المنظمات والاتحادات النسوية، خصوصاً قانون النظام العام (يُعنى بتجريم السلوكيات الشخصية مثل ما يعرف بالزي الفاضح، وشرب الخمر، والأعمال الفاحشة، والأعمال الفاضحة، والإغواء، والمواد والعروض المخلة بالآداب العامة)، الذي سنه نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
تاريخياً، تفتخر السودانيات بما حققنه من مكاسب في وقت مبكّر كحق الانتخاب والترشح. وفي منتصف ستينيات القرن الماضي، انتخبت فاطمة أحمد إبراهيم (عن الحزب الشيوعي) كعضوة في البرلمان السوداني، وكانت أول برلمانية على مستوى الوطن العربي.
وفي سبعينيات القرن الماضي، عينت فاطمة عبد المحمود وزيرة للرعاية الاجتماعية في حكومة الرئيس الأسبق جعفر نميري، في وقت شغلت أقنس لوكودو منصب الحاكم في الولاية الاستوائية الكبرى، كأول وآخر امرأة تتولّى هذا المنصب في البلاد. وحين اندلعت الثورة السودانية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بهدف الإطاحة بنظام البشير، لعبت المرأة دوراً كبيراً فيها. كما قادت متظاهرين من خلال إطلاق الزغاريد وتأليف الأناشيد الحماسية وتوفير المأكل والمشرب وإيواء الثوار الذين كانت تطاردهم أجهزة الأمن. وتعرض الكثير من النساء إلى الاعتقال والضرب والتعذيب، في حين أشارت تقارير مؤخراً إلى حدوث حالات اغتصاب أثناء فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي.
اقــرأ أيضاً
ونتيجة لذلك الدور والثمن الذي تدفعه النساء، حرص رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، على منح نسبة من المناصب للنساء وصلت إلى نحو 22 في المئة. ومن بين 18 منصبا وزاريا، عينت أربع نساء في كل من وزارة الخارجية والتعليم العالي والعمل والشباب والرياضة. واللافت هو حصول امرأة على منصب وزيرة للخارجية لأول مرة في تاريخ السودان، وتدعى أسماء محمد عبد الله، إضافة إلى تولي ولاء البوشي مسؤولية الشباب والرياضة.
وبموجب اتفاق نقل السلطة إلى حكومة مدنية، والموقع بين المجلس العسكري وتحالف الحرية والتغيير، يتعين تشكيل برلمان انتقالي في غضون 90 يوماً يضم 300 عضو. ويشترط الاتفاق منح النساء نسبة عضوية لا تقل عن 40 في المائة. وسبق أن حصلت النساء على مقعدين في مجلس السيادة الانتقالي من جملة 11 مقعداً، الأمر الذي لم يحدث خلال عقود سابقة، سواء في مجلس السيادة أو مناصب رئاسة الجمهورية ونواب الرئيس أو مساعديه.
الكثير من الناشطات لا يخفين سعادتهن بما أنجز بعد الثورة، لكنهن يرين أن الطريق ما زال طويلاً جداً وشاقاً، خصوصاً أن الصعوبات التي تواجه المرأة السودانية ما زالت موجودة، ولن تحلّ بمجرّد حصول النساء على مناصب فقط. وتقول إحسان عبد العزيز، وهي قياديّة في الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، إنّ نساء السودان كنّ يأملن بمشاركة أكبر في السلطة، مشيرة إلى أن النسبة الفضلى كانت في المجلس التشريعي، الأمر الذي كان يجب أن ينسحب على مجلس السيادة ومجلس الوزراء، خصوصاً أن مشاركة المرأة في الحراك الثوري وصلت إلى 60 في المائة بشهادة الغالبية. وتشدّد عبد العزيز خلال حديثها لـ "العربي الجديد" على مشاركة المرأة في 11 مفوضية سيتم تشكيلها في الفترة المقبلة، خصوصاً مفوضية السلام، مبينة أن المرأة تعد الأكثر تضرراً من الحرب في عدد من المناطق السودانية. كما أن الكثير من النساء بتن إما نازحات أو لاجئات.
وتشير عبد العزيز إلى أن أبرز التحديات التي تواجه المرأة بعد الثورة تتمثل في إلغاء قانون النظام العام وكل القوانين التي تحط من قدر المرأة ومكانتها، بما في ذلك القانون الجنائي وقانون الأحوال الشخصية الذي يسمح بتزويج الفتيات القاصرات، حتى لو كن في سن العاشرة.
وتوضح أن من بين التحديات الضغط على الحكومة للمصادقة على اتفاقية سيداو والمواثيق الأفريقية الخاصة بحقوق المرأة، عدا عن إيجاد فرص أوسع للمرأة في التعليم، ومكافحة الأمية، وتأمين المساواة في التوظيف بين المرأة والرجل.
اقــرأ أيضاً
وبعيداً من مطالب إحسان عبد العزيز، هناك مطالب فردية تثير قلق المجتمع، منها دعوات للتحرر الكامل من القيود المجتمعية. تقول الصحافية إيمان كمال الدين إن هناك ميلا ونزعة للتحرر من القيود التي تنص عليها بعض القوانين، منها منع الأم من السفر واصطحاب أطفالها من دون إذن الزوج. وبدأت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى إلغاء هذه القوانين.
وترى كمال الدين أن تلك المطالب مشروعة ولا جدال حولها. من جهة أخرى، تشير إلى التركيز على قضية قد تبدو غير جوهرية، وتتعلق بحرية المرأة في اختيار زيّها، علماً أن ذلك يصطدم بالأعراف المجتمعية. تضيف لـ "العربي الجديد": "هناك قضايا كثيرة تتعلق بزواج القاصرات، والختان، وعمل المرأة، والتعليم. وهناك نظرة نخبوية حول ما تحتاجه المرأة في العاصمة، الأمر الذي يختلف تماماً عن الريف".
تاريخياً، تفتخر السودانيات بما حققنه من مكاسب في وقت مبكّر كحق الانتخاب والترشح. وفي منتصف ستينيات القرن الماضي، انتخبت فاطمة أحمد إبراهيم (عن الحزب الشيوعي) كعضوة في البرلمان السوداني، وكانت أول برلمانية على مستوى الوطن العربي.
وفي سبعينيات القرن الماضي، عينت فاطمة عبد المحمود وزيرة للرعاية الاجتماعية في حكومة الرئيس الأسبق جعفر نميري، في وقت شغلت أقنس لوكودو منصب الحاكم في الولاية الاستوائية الكبرى، كأول وآخر امرأة تتولّى هذا المنصب في البلاد. وحين اندلعت الثورة السودانية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بهدف الإطاحة بنظام البشير، لعبت المرأة دوراً كبيراً فيها. كما قادت متظاهرين من خلال إطلاق الزغاريد وتأليف الأناشيد الحماسية وتوفير المأكل والمشرب وإيواء الثوار الذين كانت تطاردهم أجهزة الأمن. وتعرض الكثير من النساء إلى الاعتقال والضرب والتعذيب، في حين أشارت تقارير مؤخراً إلى حدوث حالات اغتصاب أثناء فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي.
ونتيجة لذلك الدور والثمن الذي تدفعه النساء، حرص رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، على منح نسبة من المناصب للنساء وصلت إلى نحو 22 في المئة. ومن بين 18 منصبا وزاريا، عينت أربع نساء في كل من وزارة الخارجية والتعليم العالي والعمل والشباب والرياضة. واللافت هو حصول امرأة على منصب وزيرة للخارجية لأول مرة في تاريخ السودان، وتدعى أسماء محمد عبد الله، إضافة إلى تولي ولاء البوشي مسؤولية الشباب والرياضة.
وبموجب اتفاق نقل السلطة إلى حكومة مدنية، والموقع بين المجلس العسكري وتحالف الحرية والتغيير، يتعين تشكيل برلمان انتقالي في غضون 90 يوماً يضم 300 عضو. ويشترط الاتفاق منح النساء نسبة عضوية لا تقل عن 40 في المائة. وسبق أن حصلت النساء على مقعدين في مجلس السيادة الانتقالي من جملة 11 مقعداً، الأمر الذي لم يحدث خلال عقود سابقة، سواء في مجلس السيادة أو مناصب رئاسة الجمهورية ونواب الرئيس أو مساعديه.
الكثير من الناشطات لا يخفين سعادتهن بما أنجز بعد الثورة، لكنهن يرين أن الطريق ما زال طويلاً جداً وشاقاً، خصوصاً أن الصعوبات التي تواجه المرأة السودانية ما زالت موجودة، ولن تحلّ بمجرّد حصول النساء على مناصب فقط. وتقول إحسان عبد العزيز، وهي قياديّة في الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، إنّ نساء السودان كنّ يأملن بمشاركة أكبر في السلطة، مشيرة إلى أن النسبة الفضلى كانت في المجلس التشريعي، الأمر الذي كان يجب أن ينسحب على مجلس السيادة ومجلس الوزراء، خصوصاً أن مشاركة المرأة في الحراك الثوري وصلت إلى 60 في المائة بشهادة الغالبية. وتشدّد عبد العزيز خلال حديثها لـ "العربي الجديد" على مشاركة المرأة في 11 مفوضية سيتم تشكيلها في الفترة المقبلة، خصوصاً مفوضية السلام، مبينة أن المرأة تعد الأكثر تضرراً من الحرب في عدد من المناطق السودانية. كما أن الكثير من النساء بتن إما نازحات أو لاجئات.
وتشير عبد العزيز إلى أن أبرز التحديات التي تواجه المرأة بعد الثورة تتمثل في إلغاء قانون النظام العام وكل القوانين التي تحط من قدر المرأة ومكانتها، بما في ذلك القانون الجنائي وقانون الأحوال الشخصية الذي يسمح بتزويج الفتيات القاصرات، حتى لو كن في سن العاشرة.
وتوضح أن من بين التحديات الضغط على الحكومة للمصادقة على اتفاقية سيداو والمواثيق الأفريقية الخاصة بحقوق المرأة، عدا عن إيجاد فرص أوسع للمرأة في التعليم، ومكافحة الأمية، وتأمين المساواة في التوظيف بين المرأة والرجل.
وبعيداً من مطالب إحسان عبد العزيز، هناك مطالب فردية تثير قلق المجتمع، منها دعوات للتحرر الكامل من القيود المجتمعية. تقول الصحافية إيمان كمال الدين إن هناك ميلا ونزعة للتحرر من القيود التي تنص عليها بعض القوانين، منها منع الأم من السفر واصطحاب أطفالها من دون إذن الزوج. وبدأت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى إلغاء هذه القوانين.
وترى كمال الدين أن تلك المطالب مشروعة ولا جدال حولها. من جهة أخرى، تشير إلى التركيز على قضية قد تبدو غير جوهرية، وتتعلق بحرية المرأة في اختيار زيّها، علماً أن ذلك يصطدم بالأعراف المجتمعية. تضيف لـ "العربي الجديد": "هناك قضايا كثيرة تتعلق بزواج القاصرات، والختان، وعمل المرأة، والتعليم. وهناك نظرة نخبوية حول ما تحتاجه المرأة في العاصمة، الأمر الذي يختلف تماماً عن الريف".