يبدو أن السجال الذي رافق أجواء عقد مؤتمر حركة "فتح" السابع، قد خبا مؤقتاً مع النتائج التي أراد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخروج بها، مظهراً أن الحركة تحتفظ بديمومتها وديناميكيتها، وأنها موّحدة أكثر من أي وقت مضى، وقادرة على رسم ملامح مستقبل القيادة والمشروع الوطني الفلسطيني.
فرغم ما رافق الإعلان عن عقد المؤتمر السابع، من تشكيك واسع في قدرة الحركة على الالتئام، إلى شن هجوم من قبل أنصار مسؤول الأمن الفلسطيني السابق، المفصول من الحركة، محمد دحلان، على المؤتمر، بزعم أنه محاولة لإقصاء المعارضين وخروجٌ عن قواعد فتح الحركية، فضلا عن حملة انتقادات من شخصيات فتحاوية، ليست محسوبة لا على عباس ولا على دحلان، والتي رأت أن ظروف انعقاد المؤتمر غير مناسبة، وطعنت بشرعية تمثيل أعضاء المؤتمر العام لقواعدها خصوصا في قطاع غزة والشتات، إلا أنه في النهاية استطاعت الجهات التنظيمية حشد أكثر من 1400 عضو ومشارك، من غير الذين منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قدومهم إلى رام الله.
ولم تكن العوامل الداخلية وحدها التحدي الأكبر الذي يواجه قيادة فتح، إذ أن المؤتمر جوبه باعتراضات من دول عربية من بينها الأردن ومصر، والذين طالبوا بإرجاء عقده مخافة حدوث انشقاقات واسعة قد تهدد استقرار السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها، و
الذي سبق عقده حملة أمنية واسعة على مخيمات شمالي الضفة الغربية بهدف فرض الأمن والنظام والتحسب لأي محاولات من قبل تيار دحلان لإثارة الفوضى وعرقلة عقد المؤتمر.
جاءت الصورة التي ظهر عليها المجتمعون في قاعد أحمد الشقيري، أقل قتامة مما كان يراهن على فشل المؤتمر، أقله من خلال الحضور الفصائلي الفلسطيني والوفود العربية والدولية المتضامنة، والأهم رسائل "المجاملات السياسية" التي بعثت بها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
وبعد مداولات استمرت خمسة أيام، اختتمت "فتح" مؤتمرها السابع بانتخاب أعضاء لجنتها المركزية ومجلس الثوري، بعد أن كانت قد افتتحته بالتصفيق والتصويت بالإجماع على زعامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو الأمر الذي يراه مراقبون، تأكيدا للداخل والخارج على إحكام عباس سيطرته على الحركة من دون منازع.
ومثلما كانت تلك طريقة فتح في تكريس زعامة عباس على رأس السلطة الفلسطينية وحزبها، كان البيان الختامي للمؤتمر تكريسا لنهجه السياسي الذي يمارسه منذ خلافته ياسر عرفات في عام 2005. إذ شدد البيان الختامي على "التمسك بالسلام كخيار إستراتيجي لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967".
لم يتحدث المؤتمر صراحة عن خلافة عباس، لكن دلالات نتائج التصويت التي أعطت الأسير مروان البرغوثي القابع في سجون الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 2002، 930 صوتاً من أصل 1300. كما منحت المرتبة الثانية لمسؤول الأمن الوقائي السابق، جبريل الرجوب، الذي حل ثانياً بفارق 100 صوت تقريباً عن البرغوثي، تصورات أن هذا شكل القيادة الجديدة التي ستخلف الرئيس عباس بعد رحيله.
واتهم معارضون الرئيس عباس وقيادة فتح، بأنهم سعوا من خلال المؤتمر، إلى التخلي عن ثوابت "فتح" حركة تحرر، والتحول إلى حزب سلطة، لكن واقع الحال يؤكد أن فتح، تحولت إلى حزب سلطة منذ توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993، ولذا يرى أعضاء المؤتمر أن فتح تتطور بشكل طبيعي وفق مشروعها الذي حددته خلال المؤتمر بالتحول إلى حزب بناء واستكمال التحرير.
ولم يعد عامل الانقسام الفلسطيني، والمواجهة أو الاختلاف، مع حركة حماس، التحدي الأكبر الذي تواجهه فتح، والذي وضعت أمام أعينها تحديات رئيسية مرتبطة بالرؤية والمسار السياسي وإعادة عمل مراجعة لمسار التسوية السلمية مع إسرائيل، وتجربة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة لإعادة توجيه البوصلة باتجاه ما أسمته خدمة المشروع الوطني الفلسطيني، واستكمال مشروع الدولة ومؤسساتها، بديلا عن العمل التنظيمي والمقاومة الشعبية، وهو الذي شرع فيه أصلا قبل عقد المؤتمر السادس للحركة عام 2009.
(العربي الجديد)
اقــرأ أيضاً
فرغم ما رافق الإعلان عن عقد المؤتمر السابع، من تشكيك واسع في قدرة الحركة على الالتئام، إلى شن هجوم من قبل أنصار مسؤول الأمن الفلسطيني السابق، المفصول من الحركة، محمد دحلان، على المؤتمر، بزعم أنه محاولة لإقصاء المعارضين وخروجٌ عن قواعد فتح الحركية، فضلا عن حملة انتقادات من شخصيات فتحاوية، ليست محسوبة لا على عباس ولا على دحلان، والتي رأت أن ظروف انعقاد المؤتمر غير مناسبة، وطعنت بشرعية تمثيل أعضاء المؤتمر العام لقواعدها خصوصا في قطاع غزة والشتات، إلا أنه في النهاية استطاعت الجهات التنظيمية حشد أكثر من 1400 عضو ومشارك، من غير الذين منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قدومهم إلى رام الله.
ولم تكن العوامل الداخلية وحدها التحدي الأكبر الذي يواجه قيادة فتح، إذ أن المؤتمر جوبه باعتراضات من دول عربية من بينها الأردن ومصر، والذين طالبوا بإرجاء عقده مخافة حدوث انشقاقات واسعة قد تهدد استقرار السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها، و
جاءت الصورة التي ظهر عليها المجتمعون في قاعد أحمد الشقيري، أقل قتامة مما كان يراهن على فشل المؤتمر، أقله من خلال الحضور الفصائلي الفلسطيني والوفود العربية والدولية المتضامنة، والأهم رسائل "المجاملات السياسية" التي بعثت بها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
وبعد مداولات استمرت خمسة أيام، اختتمت "فتح" مؤتمرها السابع بانتخاب أعضاء لجنتها المركزية ومجلس الثوري، بعد أن كانت قد افتتحته بالتصفيق والتصويت بالإجماع على زعامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو الأمر الذي يراه مراقبون، تأكيدا للداخل والخارج على إحكام عباس سيطرته على الحركة من دون منازع.
ومثلما كانت تلك طريقة فتح في تكريس زعامة عباس على رأس السلطة الفلسطينية وحزبها، كان البيان الختامي للمؤتمر تكريسا لنهجه السياسي الذي يمارسه منذ خلافته ياسر عرفات في عام 2005. إذ شدد البيان الختامي على "التمسك بالسلام كخيار إستراتيجي لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967".
لم يتحدث المؤتمر صراحة عن خلافة عباس، لكن دلالات نتائج التصويت التي أعطت الأسير مروان البرغوثي القابع في سجون الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 2002، 930 صوتاً من أصل 1300. كما منحت المرتبة الثانية لمسؤول الأمن الوقائي السابق، جبريل الرجوب، الذي حل ثانياً بفارق 100 صوت تقريباً عن البرغوثي، تصورات أن هذا شكل القيادة الجديدة التي ستخلف الرئيس عباس بعد رحيله.
واتهم معارضون الرئيس عباس وقيادة فتح، بأنهم سعوا من خلال المؤتمر، إلى التخلي عن ثوابت "فتح" حركة تحرر، والتحول إلى حزب سلطة، لكن واقع الحال يؤكد أن فتح، تحولت إلى حزب سلطة منذ توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993، ولذا يرى أعضاء المؤتمر أن فتح تتطور بشكل طبيعي وفق مشروعها الذي حددته خلال المؤتمر بالتحول إلى حزب بناء واستكمال التحرير.
ولم يعد عامل الانقسام الفلسطيني، والمواجهة أو الاختلاف، مع حركة حماس، التحدي الأكبر الذي تواجهه فتح، والذي وضعت أمام أعينها تحديات رئيسية مرتبطة بالرؤية والمسار السياسي وإعادة عمل مراجعة لمسار التسوية السلمية مع إسرائيل، وتجربة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة لإعادة توجيه البوصلة باتجاه ما أسمته خدمة المشروع الوطني الفلسطيني، واستكمال مشروع الدولة ومؤسساتها، بديلا عن العمل التنظيمي والمقاومة الشعبية، وهو الذي شرع فيه أصلا قبل عقد المؤتمر السادس للحركة عام 2009.
(العربي الجديد)