مارست إسرائيل منذ نشأتها عام 1948 مجموعة جرائم حرب ترقى كلها وفق نص القانون الدولي الإنساني لجرائم التطهير العرقي والإنساني ضد كل ما هو فلسطيني، واستكملت هذه الجرائم بعد انسحابها من قطاع غزة في عدوانها المتكرر على قطاع غزة في عام 2008 وعام 2012 وعام 2014 ، وهو عدوان الهدف منه قلب المعادلة الديموغرافية وقتل مزيد من السكان باستخدام كل أدوات القتل المحرمة دوليا ضد مواطنين عزل في قطاع هو الأكثر كثافة سكانية في العالم. لم يكن العدوان منعزلا عن سلسلة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل على مدار عمر النكبة ومنذ تبلور مشروعها الصهيوني على أرض فلسطين.
لقد بدأت مبررات المشروع الصهيوني صوب فلسطين بفرضية (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، وهكذا تشكل صراع البقاء في العلاقة بين الإنسان والأرض، وهكذا أرادتها الحركة الصهيونية عبر السيطرة على المزيد من الأرض، ولا يمكن فهم حيثيات الصراع بمعزل عن معادلة العلاقة بين الأرض والإنسان أي إفراغ الأرض من الإنسان الفلسطيني، وستصبح السيطرة على أكبر مساحة من الأرض أحد أهم مقومات مخطط المشروع الصهيوني بالكامل، وفي المقابل سيرد الفلسطيني بالبحث عن كل ما يضمن له البقاء والثبات والانتشار في هذه الأرض، ستجلب الصهيونية أكبر قدر ممكن من اليهود لتوزيعهم على أكبر مساحة أرض ممكنة، في المقابل سيحرص الفلسطيني على قلب المعادلة لصالحه بالحفاظ على كثافة الحضور الإنساني الفلسطيني، ولو كانت المساحة المتاحة من الأرض لا تكاد تكفي.
السيطرة على أكبر مساحة من الأرض لم تعد مجرد مخطط، بل بالفعل بتنا الآن أمام حقيقة أن إسرائيل تسيطر على كل الأرض، واستعملت من أجل ذلك كل الأدوات من تهجير وطرد وتهويد واستجلاب لليهود، حتى التسوية السلمية قامت على هذه الفرضية - فرضية الأرض مقابل السلام- أن تبقى المساحة الأكبر من الأرض تحت التصرف الإسرائيلي، وأن يمنح للفلسطينيين كانتونات ومربعات وتقسيمات يمكنهم التنقل فيها وبينها دون تجاوز السيادة الإسرائيلية وهي السيادة التي تحول دون حرية تنقلهم وتصرفهم في أرضهم. لم يكن يوم الأرض مجرد احتجاج أو مناسبة للرفض أو الغضب، يوم الأرض في الوعي الفلسطيني كان يدرك مبكرا مساعي ومراد المخطط الصهيوني فكان إعلان يوم الأرض إنذارا مبكرا للحيلولة دون استمرار إسرائيل في تنفيذ ما تريده. كان يوم الأرض الفهم العملي لصراع الجغرافيا والديموغرافيا في فلسطين، وكان إعلانه ردا آخر وشكلا آخر من أشكال المقاومة والمواجهة.
لم تكتف إسرائيل بالتعهد البريطاني ممثلا بوعد بلفور، ولم تطمئن لوعود الانتداب ولم تركن لإعلانها دولة في عام 1948، فأوعزت باكرا لعصاباتها بطرد ما يزيد على 800 ألف فلسطيني كانوا حينها يشكلون ما يقرب من 53% من مجموع الشعب الفلسطيني إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فباتت الأرض التي تسيطر عليها هذه العصابات أكبر من الأرض التي يوجد عليها الفلسطينيون الذين سينحصر وجودهم في الضفة الغربية وقطاع غزة لاحقا، وتحديدا عقب نكسة عام 1967 ستضيق مساحة هذه الأرض بعد أن تحتل إسرائيل القدس والضفة وقطاع غزة وتقيم المستوطنات هناك لابتلاع مزيد من الأرض. هذه نواة المشروع الصهيوني وهذه مفاعيل الصراع مع إسرائيل، وهو بالمناسبة صراع لم ينته، وإن اختلفت أدواته، فحلم إسرائيل الكبرى لم ينته بعد.
الطرد مقابل الاستجلاب، والتهجير مقابل الهجرة، هكذا بدت المعادلة التي تنبه لها الشعب الفلسطيني مبكرا، وفهم المعادلة المفروضة أن تهجيره من أرضه يقابله هجرة يهودية لهذه الأرض، وأن قتله وقصفه واستهدافه يقابله تزايد عدد اليهود، بدا الأمر أن تقليل عدد الفلسطينيين يعني تقليل الأرض التي يملكونها، وتزايد عدد اليهود يعني زيادة الأرض التي يسيطرون عليها، واقتضت هذه المعركة استحضار كل الأدوات المتاحة صهيونيا، مقابل ثبات الفلسطينيين على أرضهم لإفشال هذه المعادلة والتي هي في صميمها المعركة على الأرض والإنسان الجغرافيا والديموغرافيا. فأصل الصراع وحيثياته صراع وجود لا صراع حدود فقط. سيصبح الفلسطينيون السكان الأصليون لهذه الأرض في موقع الدفاع عن أرضهم وعن بقائهم، وسيصبح التعامل معهم على أرضهم الأصلية كأقلية عربية تعرف اليوم بفلسطينيي عام 1948.
إن يوم الأرض هو محطة في محطات الصراع على الأرض والهوية، إن الغلبة في الشق المتعلق بالأرض تميل لصالح إسرائيل، ليس في الجليل فقط، بل في النقب والضفة الغربية والقدس ومعظم أراضي فلسطين- إسرائيل قامت في الأصل على سلب الأرض وسرقتها- وهي تسيطر بالقوة على هذه المناطق وتسعى إلى تكثيف الاستيطان لتثبيت ركائز سيطرتها عليها، وفرض أمر واقع. فإسرائيل تسيطر الآن وفق معطيات المنظمات الدولية على 85% من الأرض الفلسطينية، لكنها لم تسيطر على الإنسان الفلسطيني، وتحديدا في مناطق الجليل والساحل، كلما سيطرت إسرائيل على الأرض سيطر الفلسطينيون على كثافة الحضور في العدد والانتماء والهوية الوطنية الفلسطينية الحضور في عمق المشهد الفلسطيني، على مر السنوات والمواجهات والانتفاضات وحضور فلسطينيي الجليل يتزايد ويتنامى لم يتركوا أرضهم لإسرائيل ولم يذوبوا في المشهد الجديد ولم يتراجعوا أو ينزووا في الركن قابلين بالأمر الواقع. بعد 42 عاما ما زال فلسطينيو الداخل هم رمانة الميزان في المشهد الفلسطيني سياسيا وجغرافيا ووطنيا وديموغرافيا.
لا يمكن التقليل من الحضور الفلسطيني في الداخل، ولا يمكن إغفال حرب الديموغرافيا الحاصلة بيننا وبين إسرائيل ومعركة الثبات على الأرض، إذ إن كثافة الحضور الفلسطيني جزء أصيل ومركزي في إحداثيات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتمد الترانسفير كسياسة ومنهج وسلوك، ولكن الصمود الفلسطيني بحاجة لمقومات والتفوق الديموغرافي وحده غير كاف، بخاصة أن المشروع الوطني الفلسطيني يكاد يتلاشى في مواجهة المشروع الصهيوني. وأن الموضوعية تقتضي القول إن كل ما فعلته إسرائيل وتفعله استطاع الفلسطينيون مواجهته، ولكن ما فعله تلاشي المشروع الوطني الفلسطيني أكبر وأخطر، لا سيما أن هذا الغياب والتراجع يخدم عمق المخطط الصهيوني الذي تبلور يوم الأرض لمواجهته.
نظن أن هناك وعيا فلسطينيا مبكرا بالمخطط الصهيوني وبصراع البقاء وصراع الأرض وصراع الديموغرافيا، ولكن الوعي الشعبي الفلسطيني سبق الوعي السياسي الرسمي، وهذه حقيقة يجب التوقف عندها مليا، الساسة الفلسطينيون الرسميون ماذا لديهم لمواجهة صراع الديموغرافيا؟ ماذا فعلوا لمواجهة الهجرة اليهودية؟ ماذا فعلوا لقضية اللاجئين الفلسطينيين. ماذا عن تنفيذ مشروع التسوية المزعومة؟ ماذا تبقى من مشروع غزة أريحا أولا؟ ما حجم الأرض التي تسيطر عليها سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني بموجب اتفاق أوسلو، ماذا قدمت السلطة من بنية تحتية داعمة للرجل العادي الذي بدا ملما بالمشهد وأكثر فهما لمقتضياته ومقتضيات تعديل كفة الصراع الديموغرافي، وببعض من الموضوعية والتبسيط نجد أن الإنجاب هو صاعق القنبلة الديموغرافية الفلسطينية لمواجهة المشروع الصهيوني بكل مقوماته وأدواته وتبعاته، في المقابل هل دعم المشروع الوطني الفلسطيني بمكوناته كلها هذه الفرضية، فرضية أن يكون الفلسطينيون هم الأغلبية على أرضهم، هل قرر صناع القرار في السلطة الفلسطينية مراجعة مقومات الثبات والصمود في فلسطين عموما وفي قطاع غزة على وجه التحديد؟ هل ظنّ الذين أسسوا وقرروا وأرخوا ليوم الأرض أن بعضا من الظروف السياسية والإنسانية قد تدفع الفلسطيني لركوب البحر من أجل مغادرة أرضه، أرض فلسطين، لأسباب ذاتية وموضوعية لا تتعلق بالاحتلال وممارساته فقط؟
إن يوم الأرض ليس مناسبة لاستحضارها وإحيائها والإشادة بها، لكنه يوم مشهود في تاريخ القضية الفلسطينية وهو إنذار مبكر وهو فهم فلسطيني موضوعي لمكونات ومخططات المشروع الصهيوني، وإن الاكتفاء بالتفوق الديموغرافي غير كاف وتوازن الكفة العددية بين اليهود والفلسطينيين مقلق، خصوصا أننا نواجه هذا التموضع اليهودي بالزيادة الطبيعية في حين تتصرف إسرائيل وفق منظومة جلب المزيد من اليهود للأرض والسيطرة على مزيد من الأرض. فهل كسبنا نحن أرضا جديدة، منذ يوم الأرض إلى الآن؟ إن واحدة من أدوات تعطيل إسرائيل للنمو السكاني الفلسطيني وتغيير قواعد الصراع الديموغرافي هي مزيد من الحروب ومزيد من القتل ومزيد من الحصار والتضييق فهل نستدرك ذلك؟
لقد بدأت مبررات المشروع الصهيوني صوب فلسطين بفرضية (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، وهكذا تشكل صراع البقاء في العلاقة بين الإنسان والأرض، وهكذا أرادتها الحركة الصهيونية عبر السيطرة على المزيد من الأرض، ولا يمكن فهم حيثيات الصراع بمعزل عن معادلة العلاقة بين الأرض والإنسان أي إفراغ الأرض من الإنسان الفلسطيني، وستصبح السيطرة على أكبر مساحة من الأرض أحد أهم مقومات مخطط المشروع الصهيوني بالكامل، وفي المقابل سيرد الفلسطيني بالبحث عن كل ما يضمن له البقاء والثبات والانتشار في هذه الأرض، ستجلب الصهيونية أكبر قدر ممكن من اليهود لتوزيعهم على أكبر مساحة أرض ممكنة، في المقابل سيحرص الفلسطيني على قلب المعادلة لصالحه بالحفاظ على كثافة الحضور الإنساني الفلسطيني، ولو كانت المساحة المتاحة من الأرض لا تكاد تكفي.
السيطرة على أكبر مساحة من الأرض لم تعد مجرد مخطط، بل بالفعل بتنا الآن أمام حقيقة أن إسرائيل تسيطر على كل الأرض، واستعملت من أجل ذلك كل الأدوات من تهجير وطرد وتهويد واستجلاب لليهود، حتى التسوية السلمية قامت على هذه الفرضية - فرضية الأرض مقابل السلام- أن تبقى المساحة الأكبر من الأرض تحت التصرف الإسرائيلي، وأن يمنح للفلسطينيين كانتونات ومربعات وتقسيمات يمكنهم التنقل فيها وبينها دون تجاوز السيادة الإسرائيلية وهي السيادة التي تحول دون حرية تنقلهم وتصرفهم في أرضهم. لم يكن يوم الأرض مجرد احتجاج أو مناسبة للرفض أو الغضب، يوم الأرض في الوعي الفلسطيني كان يدرك مبكرا مساعي ومراد المخطط الصهيوني فكان إعلان يوم الأرض إنذارا مبكرا للحيلولة دون استمرار إسرائيل في تنفيذ ما تريده. كان يوم الأرض الفهم العملي لصراع الجغرافيا والديموغرافيا في فلسطين، وكان إعلانه ردا آخر وشكلا آخر من أشكال المقاومة والمواجهة.
لم تكتف إسرائيل بالتعهد البريطاني ممثلا بوعد بلفور، ولم تطمئن لوعود الانتداب ولم تركن لإعلانها دولة في عام 1948، فأوعزت باكرا لعصاباتها بطرد ما يزيد على 800 ألف فلسطيني كانوا حينها يشكلون ما يقرب من 53% من مجموع الشعب الفلسطيني إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فباتت الأرض التي تسيطر عليها هذه العصابات أكبر من الأرض التي يوجد عليها الفلسطينيون الذين سينحصر وجودهم في الضفة الغربية وقطاع غزة لاحقا، وتحديدا عقب نكسة عام 1967 ستضيق مساحة هذه الأرض بعد أن تحتل إسرائيل القدس والضفة وقطاع غزة وتقيم المستوطنات هناك لابتلاع مزيد من الأرض. هذه نواة المشروع الصهيوني وهذه مفاعيل الصراع مع إسرائيل، وهو بالمناسبة صراع لم ينته، وإن اختلفت أدواته، فحلم إسرائيل الكبرى لم ينته بعد.
الطرد مقابل الاستجلاب، والتهجير مقابل الهجرة، هكذا بدت المعادلة التي تنبه لها الشعب الفلسطيني مبكرا، وفهم المعادلة المفروضة أن تهجيره من أرضه يقابله هجرة يهودية لهذه الأرض، وأن قتله وقصفه واستهدافه يقابله تزايد عدد اليهود، بدا الأمر أن تقليل عدد الفلسطينيين يعني تقليل الأرض التي يملكونها، وتزايد عدد اليهود يعني زيادة الأرض التي يسيطرون عليها، واقتضت هذه المعركة استحضار كل الأدوات المتاحة صهيونيا، مقابل ثبات الفلسطينيين على أرضهم لإفشال هذه المعادلة والتي هي في صميمها المعركة على الأرض والإنسان الجغرافيا والديموغرافيا. فأصل الصراع وحيثياته صراع وجود لا صراع حدود فقط. سيصبح الفلسطينيون السكان الأصليون لهذه الأرض في موقع الدفاع عن أرضهم وعن بقائهم، وسيصبح التعامل معهم على أرضهم الأصلية كأقلية عربية تعرف اليوم بفلسطينيي عام 1948.
إن يوم الأرض هو محطة في محطات الصراع على الأرض والهوية، إن الغلبة في الشق المتعلق بالأرض تميل لصالح إسرائيل، ليس في الجليل فقط، بل في النقب والضفة الغربية والقدس ومعظم أراضي فلسطين- إسرائيل قامت في الأصل على سلب الأرض وسرقتها- وهي تسيطر بالقوة على هذه المناطق وتسعى إلى تكثيف الاستيطان لتثبيت ركائز سيطرتها عليها، وفرض أمر واقع. فإسرائيل تسيطر الآن وفق معطيات المنظمات الدولية على 85% من الأرض الفلسطينية، لكنها لم تسيطر على الإنسان الفلسطيني، وتحديدا في مناطق الجليل والساحل، كلما سيطرت إسرائيل على الأرض سيطر الفلسطينيون على كثافة الحضور في العدد والانتماء والهوية الوطنية الفلسطينية الحضور في عمق المشهد الفلسطيني، على مر السنوات والمواجهات والانتفاضات وحضور فلسطينيي الجليل يتزايد ويتنامى لم يتركوا أرضهم لإسرائيل ولم يذوبوا في المشهد الجديد ولم يتراجعوا أو ينزووا في الركن قابلين بالأمر الواقع. بعد 42 عاما ما زال فلسطينيو الداخل هم رمانة الميزان في المشهد الفلسطيني سياسيا وجغرافيا ووطنيا وديموغرافيا.
لا يمكن التقليل من الحضور الفلسطيني في الداخل، ولا يمكن إغفال حرب الديموغرافيا الحاصلة بيننا وبين إسرائيل ومعركة الثبات على الأرض، إذ إن كثافة الحضور الفلسطيني جزء أصيل ومركزي في إحداثيات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتمد الترانسفير كسياسة ومنهج وسلوك، ولكن الصمود الفلسطيني بحاجة لمقومات والتفوق الديموغرافي وحده غير كاف، بخاصة أن المشروع الوطني الفلسطيني يكاد يتلاشى في مواجهة المشروع الصهيوني. وأن الموضوعية تقتضي القول إن كل ما فعلته إسرائيل وتفعله استطاع الفلسطينيون مواجهته، ولكن ما فعله تلاشي المشروع الوطني الفلسطيني أكبر وأخطر، لا سيما أن هذا الغياب والتراجع يخدم عمق المخطط الصهيوني الذي تبلور يوم الأرض لمواجهته.
نظن أن هناك وعيا فلسطينيا مبكرا بالمخطط الصهيوني وبصراع البقاء وصراع الأرض وصراع الديموغرافيا، ولكن الوعي الشعبي الفلسطيني سبق الوعي السياسي الرسمي، وهذه حقيقة يجب التوقف عندها مليا، الساسة الفلسطينيون الرسميون ماذا لديهم لمواجهة صراع الديموغرافيا؟ ماذا فعلوا لمواجهة الهجرة اليهودية؟ ماذا فعلوا لقضية اللاجئين الفلسطينيين. ماذا عن تنفيذ مشروع التسوية المزعومة؟ ماذا تبقى من مشروع غزة أريحا أولا؟ ما حجم الأرض التي تسيطر عليها سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني بموجب اتفاق أوسلو، ماذا قدمت السلطة من بنية تحتية داعمة للرجل العادي الذي بدا ملما بالمشهد وأكثر فهما لمقتضياته ومقتضيات تعديل كفة الصراع الديموغرافي، وببعض من الموضوعية والتبسيط نجد أن الإنجاب هو صاعق القنبلة الديموغرافية الفلسطينية لمواجهة المشروع الصهيوني بكل مقوماته وأدواته وتبعاته، في المقابل هل دعم المشروع الوطني الفلسطيني بمكوناته كلها هذه الفرضية، فرضية أن يكون الفلسطينيون هم الأغلبية على أرضهم، هل قرر صناع القرار في السلطة الفلسطينية مراجعة مقومات الثبات والصمود في فلسطين عموما وفي قطاع غزة على وجه التحديد؟ هل ظنّ الذين أسسوا وقرروا وأرخوا ليوم الأرض أن بعضا من الظروف السياسية والإنسانية قد تدفع الفلسطيني لركوب البحر من أجل مغادرة أرضه، أرض فلسطين، لأسباب ذاتية وموضوعية لا تتعلق بالاحتلال وممارساته فقط؟
إن يوم الأرض ليس مناسبة لاستحضارها وإحيائها والإشادة بها، لكنه يوم مشهود في تاريخ القضية الفلسطينية وهو إنذار مبكر وهو فهم فلسطيني موضوعي لمكونات ومخططات المشروع الصهيوني، وإن الاكتفاء بالتفوق الديموغرافي غير كاف وتوازن الكفة العددية بين اليهود والفلسطينيين مقلق، خصوصا أننا نواجه هذا التموضع اليهودي بالزيادة الطبيعية في حين تتصرف إسرائيل وفق منظومة جلب المزيد من اليهود للأرض والسيطرة على مزيد من الأرض. فهل كسبنا نحن أرضا جديدة، منذ يوم الأرض إلى الآن؟ إن واحدة من أدوات تعطيل إسرائيل للنمو السكاني الفلسطيني وتغيير قواعد الصراع الديموغرافي هي مزيد من الحروب ومزيد من القتل ومزيد من الحصار والتضييق فهل نستدرك ذلك؟