لم تنقطع محاولات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أجل الولوج في منظمة التحرير الفلسطينية، تلك المحاولات ازدادت وتيرتها مع وصول الحركة إلى الحكم بعد فوزها في الانتخابات التشريعية بأغلبية في العام 2006، وسيطرتها على مقاليد الحكم في قطاع غزة بعد أحداث الاقتتال الداخلي عام 2007.
تطمح حركة حماس من خلال انضمامها إلى منظمة التحرير إلى اكتساب شرعية عربية ودولية وفك الحصار والعزلة السياسية المفروضة عليها وفرض نفسها كلاعب أساسي في الحلبة السياسية، فالمنظمة بما تتمتع به من مكانة قانونية واعتراف دولي يمكن أن تفتح لحماس الأبواب نحو البرلمانات العالمية والمنصات الدولية. إضافة إلى سعي حماس من وراء ذلك للخروج بالحالة الفلسطينية من حالة الانتكاس والهبوط المستمر من قائمة الأولوية والاهتمام العربي والعالمي، وحماية القضية الفلسطينية من الضياع في دهاليز الإرادة السياسية الخارجيّة، واستعادة خط سيرها الطبيعي المتوقع أن يصل من خلاله الشعب الفلسطيني للحرية والاستقلال، وكذلك إنهاء حالة التفرد الفتحاوي في القرار الفلسطيني والمؤسسات السيادية الفلسطينية، فحالة الوهن التي وصلت إليها منظمة التحرير بمؤسساتها ولجانها كافة انعكست على القضية الفلسطينية وأثرت في القرار الوطني.
ميثاق حركة حماس الجديد، والذي أعلنت عنه في مايو/ أيار 2017، حدد موقف الحركة من منظمة التحرير في البند التاسع والعشرين الذي ينص على أن "منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية".
جميع المحاولات الحمساوية كانت نهايتها الفشل بذرائع ومعيقات مختلفة، رغم ما تتمتع به الحركة من ثقل سياسي وقاعدة شعبية في أوساط الشعب الفلسطيني في شتى بقاع وجوده، وبما تملكه من قوة عسكرية استطاعت أن تخلق بها شيئاً من توازن الردع مع الاحتلال الإسرائيلي.
هيمنة حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية على منظمة التحرير حرفت المنظمة عن أهدافها وغيرت مسارها، ابتداء من أوسلو التي همشت منظمة التحرير ودمرت مؤسساتها، ومروراً بتغيير ميثاق المنظمة في 1996 ما أفقدها جوهرها ومبرر وجودها وحولها من بيت جامع للكل الفلسطيني إلى كيان هش مجرد من عوامل القوة والتأثير والنجاح.
حركة حماس وتنظيمات وهيئات وشخصيات فلسطينية كثيرة طالبت وفي أكثر من مناسبة بإصلاح منظمة التحرير، وقد كان هذا المطلب حاضراً بقوة في كل التفاهمات ومراحل الحوار وجولات المصالحة الفلسطينية، وقد نصّ اتفاقي القاهرة في مارس/ آذار عام 2005، ومايو 2011 على أن يجري فورًا تفعيل وتطوير المنظمة، وفق أسس وطنية يتم التراضي عليها بحيث تضم جميع القوى، وترسخ مكانتها بما يتلاءم مع التغيرات على الساحة الفلسطينية، وبما يعزز قدرة المنظمة في القيام والنهوض بمسؤولياتها.
تخشى حركة فتح من سيطرة حركة حماس على مفاصل المنظمة الحيوية المؤثرة والناظمة للتفاعلات السياسية الفلسطينية في حال انضمت الحركة للمنظمة، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الصراع والتنافس ما بين الحركتين وأزمة عدم الثقة التي رافقت تعاملاتهما على طول الخط السياسي منذ انطلاق حركة حماس في 1988، إضافة إلى أن أهم عوامل تأخير إصلاح المنظمة وتشريع أبوابها لكل الأطياف الفلسطينية وتفعيل أطرها ولجانها ناتج عن حرص قيادات فتحاوية على مصالحهم الشخصية وخشية فتح على حصتها ومكانتها وشرعيتها في الساحة الفلسطينية والعربية والدولية.
تعنت حركة فتح وتنكرها لحركة حماس وللتنظيمات الفلسطينية غير الممثلة في منظمة التحرير وإصرارها على الهيمنة على المنظمة والتصرف في مقدراتها كيفما شاءت وتجاهل الدعوات المتعددة والمتتابعة لإصلاح المنظمة وترميمها لتمثل الكل الفلسطيني، وما آلت إليه المنظمة من تضاؤل وانحسار، يحرض حماس لإنشاء كيان بديل عن المنظمة، وقد دعا رئيس مكتبها السياسي السابق خالد مشعل، في يناير/ كانون الثاني 2009، خلال احتفال جماهيري بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لتشكيل مرجعية وطنية جديدة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، قائلاً "إن الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء المقاومة ستعمل على بناء مرجعية جديدة للداخل والخارج". وأوضح أن هذه المرجعية "ستضم جميع قوى وتيارات الشعب الفلسطيني".
إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، من جهته، لمح لتشكيل إطار مواز لمنظمة التحرير في خطاب له بمناسبة انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله في إبريل 2018 بغياب حركته وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بقوله "أي مجلس لا يحمل بشكل عملي مفهوم الوحدة، مجلس لا يعبر عن الكل الوطني، بل يمس بشكل صارخ وحدة شعبنا ويضرب المنظمة وشرعيتها وجدارة تمثيلها لكل أبناء شعبنا الفلسطيني".
ودعا هنية يومها "كل حريص للعمل من أجل استعادة منظمة التحرير الفلسطينية". ليأتي تصريح رئيس مكتب العلاقات الوطنية بحركة حماس، حسام بدران، على الخلفية نفسها، أكثر صراحة ووضوحا، حيث قال إن حركة حماس "تقود حراكاً سياسياً بالتعاون مع الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وقادة الفصائل في الداخل والخارج لاتخاذ خطوات عملية لرفع الشرعية عن المجلس الوطني الحالي، كونه لا يمثل الشعب الفلسطيني في أي حال من الأحوال".
دعوات حماس لإنشاء مرجعية وطنية بديلة لمنظمة التحرير جوبهت برفض واستنكار من حركة فتح والسلطة الفلسطينية ومن غالبية الأحزاب والمؤسسات والشخصيات الفلسطينية، وحتى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي لم تحضر المجلس الوطني الأخير، حذرت من هذه الخطوة، ناهيك عن ردة الفعل غير المتوقعة في حال أقدمت حماس فعليًا على ذلك.
وقد تكون موجة الاستنكار والرفض هذه هي التي دفعت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للتراجع والنفي بشكلٍ قاطع نية حركته تشكيل مجلس أو إطار بديل عن المجلس الوطني الحالي أو عن منظمة التحرير الفلسطينية.
وبالنظر إلى الواقع الذي تحياه حركة حماس الآن وإلى الوضع الفلسطيني الراهن، يتضح أنه ليس من الممكن إنشاء أي جسم آخر بديل أو مواز لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن المستحيل أن يكتب لهذا الجسم النجاح والتمكين، ومن الصعب الحصول على الإجماع الوطني والتأييد العربي والعالمي لمشروع كهذا.
القضية الفلسطينية اليوم تشهد هجمة شرسة تهدف إلى تصفيتها وإنهائها، وهذا يتطلب من المجموع الفلسطيني أن يتوحد وأن يرص الصفوف في مواجهة تلك التحديات والمخاطر، وأي محاولة لاستحداث مؤسسة توازي منظمة التحرير الفلسطينية حتى ولو انطلقت من مبررات وطنية، ستزيد الحالة الفلسطينية تعقيدًا وتعمق الانقسام وتمنح المتربصين فرصة ذهبية لتنفيذ صفقاتهم التصفوية.
تطمح حركة حماس من خلال انضمامها إلى منظمة التحرير إلى اكتساب شرعية عربية ودولية وفك الحصار والعزلة السياسية المفروضة عليها وفرض نفسها كلاعب أساسي في الحلبة السياسية، فالمنظمة بما تتمتع به من مكانة قانونية واعتراف دولي يمكن أن تفتح لحماس الأبواب نحو البرلمانات العالمية والمنصات الدولية. إضافة إلى سعي حماس من وراء ذلك للخروج بالحالة الفلسطينية من حالة الانتكاس والهبوط المستمر من قائمة الأولوية والاهتمام العربي والعالمي، وحماية القضية الفلسطينية من الضياع في دهاليز الإرادة السياسية الخارجيّة، واستعادة خط سيرها الطبيعي المتوقع أن يصل من خلاله الشعب الفلسطيني للحرية والاستقلال، وكذلك إنهاء حالة التفرد الفتحاوي في القرار الفلسطيني والمؤسسات السيادية الفلسطينية، فحالة الوهن التي وصلت إليها منظمة التحرير بمؤسساتها ولجانها كافة انعكست على القضية الفلسطينية وأثرت في القرار الوطني.
ميثاق حركة حماس الجديد، والذي أعلنت عنه في مايو/ أيار 2017، حدد موقف الحركة من منظمة التحرير في البند التاسع والعشرين الذي ينص على أن "منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية".
جميع المحاولات الحمساوية كانت نهايتها الفشل بذرائع ومعيقات مختلفة، رغم ما تتمتع به الحركة من ثقل سياسي وقاعدة شعبية في أوساط الشعب الفلسطيني في شتى بقاع وجوده، وبما تملكه من قوة عسكرية استطاعت أن تخلق بها شيئاً من توازن الردع مع الاحتلال الإسرائيلي.
هيمنة حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية على منظمة التحرير حرفت المنظمة عن أهدافها وغيرت مسارها، ابتداء من أوسلو التي همشت منظمة التحرير ودمرت مؤسساتها، ومروراً بتغيير ميثاق المنظمة في 1996 ما أفقدها جوهرها ومبرر وجودها وحولها من بيت جامع للكل الفلسطيني إلى كيان هش مجرد من عوامل القوة والتأثير والنجاح.
حركة حماس وتنظيمات وهيئات وشخصيات فلسطينية كثيرة طالبت وفي أكثر من مناسبة بإصلاح منظمة التحرير، وقد كان هذا المطلب حاضراً بقوة في كل التفاهمات ومراحل الحوار وجولات المصالحة الفلسطينية، وقد نصّ اتفاقي القاهرة في مارس/ آذار عام 2005، ومايو 2011 على أن يجري فورًا تفعيل وتطوير المنظمة، وفق أسس وطنية يتم التراضي عليها بحيث تضم جميع القوى، وترسخ مكانتها بما يتلاءم مع التغيرات على الساحة الفلسطينية، وبما يعزز قدرة المنظمة في القيام والنهوض بمسؤولياتها.
تخشى حركة فتح من سيطرة حركة حماس على مفاصل المنظمة الحيوية المؤثرة والناظمة للتفاعلات السياسية الفلسطينية في حال انضمت الحركة للمنظمة، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الصراع والتنافس ما بين الحركتين وأزمة عدم الثقة التي رافقت تعاملاتهما على طول الخط السياسي منذ انطلاق حركة حماس في 1988، إضافة إلى أن أهم عوامل تأخير إصلاح المنظمة وتشريع أبوابها لكل الأطياف الفلسطينية وتفعيل أطرها ولجانها ناتج عن حرص قيادات فتحاوية على مصالحهم الشخصية وخشية فتح على حصتها ومكانتها وشرعيتها في الساحة الفلسطينية والعربية والدولية.
تعنت حركة فتح وتنكرها لحركة حماس وللتنظيمات الفلسطينية غير الممثلة في منظمة التحرير وإصرارها على الهيمنة على المنظمة والتصرف في مقدراتها كيفما شاءت وتجاهل الدعوات المتعددة والمتتابعة لإصلاح المنظمة وترميمها لتمثل الكل الفلسطيني، وما آلت إليه المنظمة من تضاؤل وانحسار، يحرض حماس لإنشاء كيان بديل عن المنظمة، وقد دعا رئيس مكتبها السياسي السابق خالد مشعل، في يناير/ كانون الثاني 2009، خلال احتفال جماهيري بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لتشكيل مرجعية وطنية جديدة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، قائلاً "إن الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء المقاومة ستعمل على بناء مرجعية جديدة للداخل والخارج". وأوضح أن هذه المرجعية "ستضم جميع قوى وتيارات الشعب الفلسطيني".
إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، من جهته، لمح لتشكيل إطار مواز لمنظمة التحرير في خطاب له بمناسبة انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله في إبريل 2018 بغياب حركته وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بقوله "أي مجلس لا يحمل بشكل عملي مفهوم الوحدة، مجلس لا يعبر عن الكل الوطني، بل يمس بشكل صارخ وحدة شعبنا ويضرب المنظمة وشرعيتها وجدارة تمثيلها لكل أبناء شعبنا الفلسطيني".
ودعا هنية يومها "كل حريص للعمل من أجل استعادة منظمة التحرير الفلسطينية". ليأتي تصريح رئيس مكتب العلاقات الوطنية بحركة حماس، حسام بدران، على الخلفية نفسها، أكثر صراحة ووضوحا، حيث قال إن حركة حماس "تقود حراكاً سياسياً بالتعاون مع الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وقادة الفصائل في الداخل والخارج لاتخاذ خطوات عملية لرفع الشرعية عن المجلس الوطني الحالي، كونه لا يمثل الشعب الفلسطيني في أي حال من الأحوال".
دعوات حماس لإنشاء مرجعية وطنية بديلة لمنظمة التحرير جوبهت برفض واستنكار من حركة فتح والسلطة الفلسطينية ومن غالبية الأحزاب والمؤسسات والشخصيات الفلسطينية، وحتى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي لم تحضر المجلس الوطني الأخير، حذرت من هذه الخطوة، ناهيك عن ردة الفعل غير المتوقعة في حال أقدمت حماس فعليًا على ذلك.
وقد تكون موجة الاستنكار والرفض هذه هي التي دفعت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للتراجع والنفي بشكلٍ قاطع نية حركته تشكيل مجلس أو إطار بديل عن المجلس الوطني الحالي أو عن منظمة التحرير الفلسطينية.
وبالنظر إلى الواقع الذي تحياه حركة حماس الآن وإلى الوضع الفلسطيني الراهن، يتضح أنه ليس من الممكن إنشاء أي جسم آخر بديل أو مواز لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن المستحيل أن يكتب لهذا الجسم النجاح والتمكين، ومن الصعب الحصول على الإجماع الوطني والتأييد العربي والعالمي لمشروع كهذا.
القضية الفلسطينية اليوم تشهد هجمة شرسة تهدف إلى تصفيتها وإنهائها، وهذا يتطلب من المجموع الفلسطيني أن يتوحد وأن يرص الصفوف في مواجهة تلك التحديات والمخاطر، وأي محاولة لاستحداث مؤسسة توازي منظمة التحرير الفلسطينية حتى ولو انطلقت من مبررات وطنية، ستزيد الحالة الفلسطينية تعقيدًا وتعمق الانقسام وتمنح المتربصين فرصة ذهبية لتنفيذ صفقاتهم التصفوية.