تقدّم المساكني بالكرة في وسط الملعب. اقترب من منطقة جزاء نيجيريا. صوت المعلق عصام الشوالي ارتفع بجنون. تسديدة قوية مخادعة تهزُ شباك منتحب نيجيريا. هدف تونسي وتأهل إلى الدور ربع النهائي بعد صمود شوط كامل، وكأن نجوم "نسور قرطاج" ارتدوا قميص إيطاليا في الدفاع.
قبل 24 ساعة من الآن، كان المنتخب النيجيري المرشح الأول لعبور تونس في المواجهة وبدون مشاكل كبيرة؛ لسببين فقط: الأول لأن نيجيريا كانت من الأفضل في دور المجموعات على صعيد النتائج. والثاني لأن العناصر النيجيرية بدت أفضل على الورق من نجوم تونس، لكن ما حصل بعد ذلك كان مثيرا للإعجاب.
تفوّق المنتخب التونسي على كل التوقعات وكل المؤشرات التي كانت تصبّ لمصلحة منتخب نيجيريا. لم يتفوق بالحظ أو بالصدفة، بل تفوق بالأرقام والإحصاءات أيضاً، وكان يستحق الانتصار، حتى لو كان بهدف وحيد حافظ عليه لشوط كامل.
وهنا يجب التنويه إلى أن المنتخب التونسي كان يؤمن بقدراته على أرض الملعب، كان يؤمن بأنه قادر على صناعة الانتصار، كان يؤمن بأنه حتى مع قوة نيجيريا التي ظهرت في دور المجموعات يُمكنه التفوق بالذكاء واللعب على التفاصيل الصغيرة، كان يؤمن بأنه قادر على الانتصار والتأهل، وهذا كان كافياً لتحقيق الهدف.
تونس فعلتها وتأهلت إلى ربع نهائي كأس أمم أفريقيا، تونس فعلتها لأنها كانت مؤمنة بقدرتها على الفوز، كانت مؤمنة بأنها ليست ضعيفة ولن تلعب بخوف، تونس كانت جاهزة للتحدي رغم الصعوبات الكبيرة، تونس فعلتها وأفرحت كل الشعب التونسي وكل العرب، فحتى أبو تريكة كان سعيدا في النهاية وكأن تونس هي مصر، وطبعاً لولا الإيمان بأنها تقدر على صناعة المستحيل، لما كان كل هذا حصل... فعلاً تونس فعلتها..