عاش تروي ديني، لاعب نادي برمنغهام الإنكليزي حالياً طفولة صعبة للغاية. تحدثنا في الجزء الأول يوم أمس عن بعض القصص التي واجهته مع والده قبل أن يصبح لاعباً محترفاً، لكن القصة لم تنته عند ذاك الحدّ، هناك مفاجآت يتابع اللاعب سردها، في مقال نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
عانى ديني كثيراً بسبب تصرفات والده من ضرب وسوء معاملة، في إحدى المناسبات حبس الأطفال في الشاحنة، وقال لأمه: "لم تحترميني خارج مدرسة ديني بل قمت بالضحك عليّ"، أجابت إيما بأنها كانت تبتسم لصديقة في محاولة لطمأنتها بأنها بخير حين كان بول أنتوني بيرك (والد ديني) يهمّ بالصراخ عليها، لكنه أجاب حينها: "إذا كنت تريدين ابتسامة جيدة فسأعطيك واحدة رائعة ودائمة، يمكنك الحصول على ابتسامة جوكر"، وذلك من خلال إبعاد زوايا فمها على الجانبين مستخدماً إبهامه، قبل أن يضرب رأسها في النافذة عدّة مرات. عند تلك اللحظة يقول ديني: "شعرت بنهاية مرحلة البراءة".
ديني الذي ساهم في وصول فريقه واتفورد مرتين إلى نهائي كأس الرابطة الإنكليزية فقد والده في نهاية الأمر صيف عام 2012 بسبب سرطان المريء، وبعد أيام قليلة من جنازته، بدأ ديني عقوبة بالسجن لمدة 10 أشهر بسبب إدانته بشجار في وسط مدينة برمنغهام.
عندما وصل إلى وينسون غرين، التقى ديني ضابط سجن يحدق إليه، وسأله الرجل: "هل أنت ابن بيركي؟" أومأ ديني برأسه بنعم، ردّ ضابط السجن: "هذا منطقي".
قصة ديني كانت أكثر تعقيدًا من فكرة أن "التفاحة لا تسقط أبدًا بعيدًا عن الشجرة". لم يكن والده بيركي أباه البيولوجي. كان والده البيولوجي حارسًا بالمستشفى، تركه هو ووالدته عندما كان عمره بضعة أشهر، ولم يبد اهتماماً به بعد ذلك، بحسب كاتب المقال، أوليفر هولت، ويشير ديني إلى والده البيولوجي في الفصل الختامي من كتاب سيرته "الخلاص" بوصفه "مانح الحيوانات المنوية".
الرفض الأصلي للأب البيولوجي الذي لم يكن يريده، لا يفسر فقط سبب قضاء حياته في محاولة للتكيف مع الرجل الذي كان يسميه "أبي" حتى بعدما ضربه، وهنا نقصد بول أنتوني بيرك، الذي يفضل اللاعب الأفضل في موسم 2014-2015 في "التشامبيونشيب" مناداته به كنوعٍ من الاحترام له.
كان بول أنتوني بيرك عضوًا في "Zulus"، أي أولتراس المشاغبين في برمنغهام سيتي، وكان سيأخذ ديني إلى ملعب سانت أندراوس. وضع ديني شعار نادي برمنغهام على ساقه، وعندما انضم إلى النادي الشهر الماضي، بعد عقد من الزمن في واتفورد، وضع رسالة على "تويتر" جاء فيها: "لقد فعلناها يا أبي. هذا لك". في نهاية الوشم، كان هناك قلبان، أحدهما شكله عادي وأحمر اللون وآخر مكسور.
يتحدث ديني عن بيركي رغم كلّ ما حصل بطريقة، قد تصدم من قرأ الجزء الأول: "كنت دائماً أحذف الأمور السيئة عن والدي لأنه على الأقل بقي في الجوار (يقصد إلى جانبهم)، لم يكن مثالياً لكنه بقي، وفي معظم الأوقات كان لا يزال يحميني، كنت أعرف أنه يحبني وأحببته، وفي معظم الأوقات كانت لدي طفولة سعيدة، ربما كان والدي محتالاً أو أياً كان ما تريد وصفه به، فعل بعض الأشياء السيئة، ومنها لي، لكن هذا لا يغير المعادلة الأساسية، لقد أخذني عندما كان والدي البيولوجي قد تخلى عني".
حدث تغيير تدريجي على ديني أثناء وجوده في السجن واستمر بعد إطلاق سراحه، بدأ في القراءة أكثر، وبات محطّ اهتمام من المراسلين والصحافيين، دخل جلسات علاجية منظمة وما زال يحظى بها حتى يومنا هذا. احتفل الجميع به بعد الأهداف التي سجلها والتمريرات الحاسمة، لكنه أصبح واحداً من الأصوات الرائدة في حركة التصدي للعنصرية في عالم كرة القدم.
يروي ديني بعض التفاصيل التي نشرتها "ديلي ميل" عن شخصه: "يمكنني فقط إسقاط القناع في المنزل. في الخارج وفي كرة القدم، لا يمكنك إظهار الضعف أو أن يقوم شخص ما بطعنك في الظهر أو أخذ مكانك ويذهب هكذا، أنا الرجل الآن، لذا فأنت دائمًا ترتدي هذا الشيء الخارق وتقول أنا! أنا بخير، أنا بخير، أنا بخير. لكننا لسنا دائمًا بخير، أليس كذلك؟".
قطع ديني شوطًا طويلاً نحو إيجاد نوع من السلام بعد صدمات طفولته، لكنه لم يصل إلى هناك بعد. يطارده الأسف لأنه لم يُمنح الوقت الكافي للاستمتاع بعلاقة أوثق مع والده البيولوجي.
ويقول ديني عن ذلك: "إذا سمعت أنه مات، فلن أشعر بأي ذنب. سأشعر بالأسف لعائلته. ربما سأشعر بأنه كان يجب أن أطرح بعضًا من هذه الأسئلة: لماذا غادرت؟ تلك الأشياء البسيطة التي ربما لن تحصل على إجابة لها أبدًا، وبطبيعة الحال ليست الإجابة التي أريدها. بصفتي والداً، لا أفهم سبب عدم رغبة الأب في رؤية أطفاله". يتابع: "لقد سألتني أمي مرارًا وتكرارًا عما إذا كنت أرغب في التواصل ولكني لا أريد ذلك. لا أريد الإساءة إليه. لسنا بحاجة للتحدث. لسنا بحاجة للقيام بأي شيء. أنا في سلام مع أمي فقط".
في المقال المطول هناك بعض التفاصيل الأخرى التي لن ندخل فيها أكثر، لكن ديني الآن سعيد بعدما كتب كلّ شيء على الورق، لكنه يؤكد: "إذا كان يريد التواصل (والده) فهذا لا يعني شيئاً، أقدّر ذلك، لكن لا شكراً، عمري 33 عاماً وهناك عائلة لا أعرفها، هل سأرغب في قضاء 4-5 سنوات لبناء علاقة معهم بينما في ذهني أردد أين كنت طوال الـ30 عاماً الماضية؟".
يشعر ديني بالغضب، لأنه لم يقدر على اصطحاب والده الراحل في عطلة للاستمتاع بالكثير الذي قدمته له لعبة كرة القدم، ويختم: "الندوب التي تلقيتها في طفولتي واضحة وجعلتني ما أنا عليه اليوم. تأثرت بعدد الأشخاص الذين قالوا إنهم يحبون كتابي وآمل أن يجد البعض القوة فيه، قرأت عن العنف المنزلي وارتفاعه بسبب كورونا، قد يفكر البعض بالانتحار أو إيذاء الآخرين، آمل أن يوضح ما كتب هنا أنه يمكنك الخروج منه وتجاوزه".
تلك كانت قصة ديني.