"تسحرني مباريات دوري الأبطال، لكنني عاشق متيم بالساحرة المستديرة، وأشاهد كل ما يخصها، وأتابعه بكل اهتمام، وفي أغلب مباريات "الدوري الأوروبي"، أشعر بالبهجة لأن الكرة التي يتم تقديمها تكون بلا ضغوطات ولا "رتوش"، إنها لعبة على الفطرة"، صرّح أوناي إيمري، المدير الفني الحالي لإشبيلية، هذا قبل عامين من فوزه بالبطولة نفسها مع الفريق "الأندلسي" في العام الماضي، وكأنه يشعر برونق خاص تجاه هذا اللقب، حتى نجح في الوصول إليه في النهاية.
وبعيداً عن شهرة وعظمة دوري أبطال أوروبا، فإن مباريات الدوري الأوروبي، تأخذ منحنى تصاعديّاً منذ فترة ليست بالقصيرة، وكأن "صغار" القارة العجوز، يصرخون داخل الملعب بكلمة واحدة، اسمعوا صوتنا يا سادة، نحن نستحق الفرصة، وعلى طريقة صدى الصوت الذي يحلم ولو لمرة أن تكون له الكلمة الأولى، يخوض الجميع غمار المنافسة من هذا المنطلق، أملاً في لقب سيذكره التاريخ آجلاً أم عاجلاً.
صراع توتنهام
فشل توتنهام الإنجليزي في تحقيق الفوز على بشكتاش التركي، على ملعبه في شمال لندن ووسط جماهيره، ليقع البطل البريطاني في دوامة التعادل مبكراً، ويفشل المدرب، ماوريسيو بوكيتينو، في هزيمة منافسه المشاغب، سلافين بيليتش، ورغم عدم مشاركة أكثر من لاعب أساسي في تشكيلة "السبيرز"، من أجل إعطاء الفرصة لدكة البدلاء، لكن تبقى المشاكل واحدة سواء في الدوري أو في المنافسات الأوروبية.
يعتبر ماوريسيو من خريجي مدرسة "اللوكو" الأرجنتيني مارسيلو بييلسا، ويدين المدرب الشاب بالكثير للمدير الفني الحالي للفريق الفرنسي، مارسيليا، ويعتبر قريباً جداً منه على صعيد نوعية الأندية التي يدربها، فبوكيتينو اشتهر مع إسطنيول، واكتشف نفسه من جديد مع ساوثهامبتون، كذلك مارسيلو بييلسا الذي يجد طريق النجاح مع الأندية المتوسطة أو الجيدة، لذلك الثنائي لا يجد طريقاً مثاليّة مع الأندية الكبيرة والشهيرة.
يتصرف بوكيتينو كرجل يسبح ويلاطم الأمواج، مرتديّاً بدلة كاملة، لذلك لا تجده في وضعية مريحة أبداً مهما زادت عوامل الترفيه، والمدرب الأرجنتيني أيضاً يحب الضغط العالي، والأندية التي لا تهاجم أو تدافع فقط، هو رجل لا يجيد الاستحواذ ولا الدفاع المميت، لكنه من عشاق الضغط العالي، وقطع الملعب ذهاباً وإياباً من دون توقف، وقتل الخصم من وسط ملعبه، بمحاولات الوصول إلى المرمى بأقل عدد ممكن من التمريرات.
وفريق مثل توتنهام، لا تجد له ملمحاً أو شخصية واحدة، لكنه أقرب الى الهجوم، فعندما يواجه عمالقة "البريميير ليج"، تجده يلعب بدفاع متقدم من دون قيود، لذلك هناك اختلافات كبيرة وواضحة بين طريقة لعب المدرب، وأسلوب الفريق خلال السنوات الماضية، ويبدو أن الصراع سيستمر خلال الفترة المقبلة، بين أفكار بوكيتينو وتقاليد توتنهام، والطريقة الوحيدة للنجاح ستكون في حالة وصول المدرب إلى صيغة مناسبة تساعده على ترويض العشوائية "اللندنية" داخل نظام تكتيكي صارم في قادم المواعيد.
أخصائي في الكؤوس
نموذج تدريبي خاص يقوده رافاييل بينيتز، هو أكثر مدرب منغمس في التكتيك خلال السنوات الأخيرة، أو نستطيع أن نقول عنه، "The Most Sacchian Coach" نسبة الى أريجو ساكي رجل يضع نظامه الخاص، ويظل يبني فيه طوال فترة تدريبه لأي فريق، يضع جزءاً وراء جزء حتى يصل الى أفضل شكل ممكن يضع فيه قالبه وتشكيلته، وهو من أنصار (4-2-3-1) وثنائية المحور المركزي.
يهتم الإسباني بأدق التفاصيل وبالجزئيات الصغيرة خصوصاً في التغطية الخلفية والعكسية، قال عنه فيرجسون بانتقاد، إنه يقتل اللعبة ولا يهتم إلا بتحطيم ما يفعله المنافس، لكن بينيتيز يحاول دائماً الوصول إلى تنظيم محكم، حيثُ يلعب بطريقة الشطرنج، حينما تقوم بخطوة الى الأمام، فإنك تحسب حسابها أولاً، وتضع بعض القواعد التي تحمي لعبتك، هكذا هو أخصائي في كرة القدم، يبني تكتيكه بمزاجية كبيرة، ويصنع كل أجهزة الأمان الخاصة به، وعندما يصل الى مبتغاه، يختار لاعبيه على هذا الأساس.
ونابولي الذي فشل في الوصول إلى دوري الأبطال هذا العام، يسير وفق قاعدة "رب ضارة نافعة"، لأن مدربه بينيتيز فاز من قبل مع فالنسيا ببطولة "الاتحاد الأوروبي"، كذلك كرر الإنجاز على نحو أكبر مع تشيلسي في الدوري الأوروبي، وانتصر مع الفريق الإيطالي بالكأس المحلية خلال العام الماضي، وبهذا هو يستحق بامتياز لقب مدرب الكؤوس، الذي يجيد أداء مباريات الذهاب والإياب، ويكفي مشواره "الدراماتيكي" مع ليفربول في بطولة دوري الأبطال في عام 2005.
لذلك يجب أن يركز نابولي خلال المسابقة هذا العام، لأن بينيتيز من الصعب أن يفوز في الدوري المحلي، نظراً لوجود منافسين أفضل على الصعيد الفني والعددي، لكنهم يملكون فرصة كبيرة في الظفر باللقب الأوروبي الأصغر هذا العام، شرط التركيز حتى النهاية.
المنسي
جوناثان سوريانو، اسم غير معروف للجميع في الأوساط الكروية، هو لاعب فريق ريد بول سالزبورج النمساوي، سجل 13 هدفاً في 13 مباراة في بطولة الدوري الأوروبي، يُضاف إلى ذلك 71 هدفاً في 81 مباراة في الدوري النمساوي، 38هدفاً في 57 مباراة مع برشلونة الرديف، وتبلغ أرقامه جميعها، 142 هدفاً في 221 مشاركة، ليكون الهداف الأول للأندية كافة التي شارك معها، وفي مختلف البطولات التي لعب دوراً رئيسيّاً خلالها.
يُحكى أن هناك رجلاً عجوزاً ظل يحلم بتحقيق أمنية ما طوال حياته، عاش على هذا الحلم في حالة من السعادة والانتظار، وحينما حققه في النهاية، لم يرتح بقية حياته، لأنه فقد قيمة الحلم، وعاش أياماً تعيسة حتى موته، وسوريانو لاعب يعيش على ذاكرة الأحلام فقط، إذ أنه نجم هداف يسجل ويراوغ ويسدد، لا يتألق فقط في مباريات ضعيفة في الدوري المحلي، لكنه يفرض اسمه بقوة أمام فرق محترمة وعريقة في الدوري الأوروبي، وفي النهاية يلعب فقط داخل النمسا.
تأتي حالة جوناثان كواحدة من أغرب المواقف الكروية، للاعب يجب أن ينتقل إلى بطولة أقوى ودوري أشهر، وحتى الآن يواصل اللاعب مع الفريق النمساوي، هو ليس فريق صغير، وحقق نجاحات كبيرة وهزم أياكس في الموسم الماضي في مباراتين، لكن يجب أن يتقدم خطوة أكبر في السلم الاحترافي، بدلاً من العيش طوال فترته الكروية، بعيداً عن دائرة الأضواء.