ما هي فرص التقاء أشكال المقاومة المتعددة ضمن مشروع وطني؟ قد يلخّص هذا السؤال مسعى هذا العدد.
إن التاريخ السياسي للقضية الفلسطينية هو أيضاً تاريخ أشكال المقاومة، تطوّرها أو تراجعها، والعلاقات في ما بينها، تكاملاً أو تنافراً، وما حققته وما أخفقت في تحقيقه حتى الآن.
ويستدعي شكل الهبّة الفلسطينية الأخيرة بحثاً ومراجعة في أشكال المقاومة الفلسطينية على مدى قرن كامل. وإذ تذهب آراء إلى أن ثمة ابتكاراً في شكل المقاومة بالسكّين يربك المحتل ويبدّد سياج الأمان حول وجوده الاستعماري؛ إلا أن آراء أخرى –لا تختلف على تثمين التضحيات- تذهب إلى أن مراوحةً في شكل المقاومة تَحول دون أن تكون فعلاً جماعياً شاملاً يحقق أهدافه السياسية، ولا سيما مع واقع التفوق التقني العسكري لدى المستعمِر.
وإن كان من الصعب إغفال أن ما يعتبره البعض "مقاومة يائسة" هو أيضاً تبديد لهذا "التفوّق" من خلال تبديد أمان المستعمَرة، و"الأمن" كما تُعلّمنا دروس التاريخ هو شرط إدامة الاستعمار.
فمنذ دخول الاحتلال الإنجليزي لفلسطين عام 1917 والشعب الفلسطيني يستنطق أشكال المقاومة مع اتضاح ملامح المشروع الصهيوني وفرضه على الأرض بالاحتلال العسكري، وهي أشكال انطلقت من الدفاع عن الأرض والهوية وتطوّرت إلى نوع من العمل الفدائي في ستينيات القرن العشرين، والمقاومة الشعبية والعمل السياسي على مدار قرن كامل.
لقد أدى اختلاف مواقع وظروف أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة بعد النكبة، إلى اختلاف أشكال وأدوات المقاومة، ونشأ ما يمكن تسميته معادلة التنافر والتكامل بين أشكال المقاومة. وإن حصل تجاوب طفيف في الثمانينيات والتسعينيات مع أفكار النضال اللاعنفي بنماذجها المختلفة، الجنوب أفريقية والهندية وغيرها، إلا أن شعوراً عاماً انعكس في النقاشات بأن هذا الشكل يُضعف أشكال المقاومة الأخرى وينتقص من مشروعيتها في الوعي الجمعي.
نسعى في هذا العدد من "فلسطين العربي الجديد" إلى مراجعة مراحل من المقاومة الفلسطينية والأشكال التي تبلورت، صعدت أو تراجعت، وصولاً إلى شكل المقاومة الراهن.