واستكمالا للتصريح الذي انفردت بنشره جريدة المصري اليوم في الخامس من إبريل/نيسان الجاري، أكد الرافعي أنه بعد أن يتم دراسة الموضوع من كل جوانبه التربوية والقانونية سوف يبدأ تطبيقه من الصف الأول الإبتدائي بحيث لن يضار الطلاب الملتحقون بالنظام الحالي، مؤكدا أنهم سيستمرون في دراستهم بشكل اعتيادي على أن يطبق النظام في حال إقراره على الطلاب الجدد.
الإعداد للمواطنة
وفي تعليقه، رحب الخبير التربوي د.كمال مغيث بقرار الوزير، مشيرا إلى أن الإعداد للمواطنة أهم أهداف التعليم الحديث، وعندما يكون الشعب مزيجا من جماعات عرقية ودينية وثقافية مختلفة لابد وأن يكون الانتماء الوطني سابق على الانتماء للطائفة أو العرق، ولن يكون ذلك إلا بتوحيد الدراسة في التعليم الأساسي، على أن يبدأ التنوع في مرحلة الجامعة ككل دول العالم التي تخضع لتعليم موحد.
ويتابع مغيث منتقدا التعليم المصري قائلا أنه منذ فترة اتجهت الدولة للتعليم الأزهري الذي يضم مليون ونصف طالب، وبالتوازي تدهور التعليم الحكومي فانصرف عنه أصحاب المال إلى التعليم الخاص الذي لم يعد يفي برغباتهم وتطلعاتهم حتى كان انتشار المدارس الدولية.
ونتيجة هذا التنوع في المناهج والمدخلات أصبح المجتمع نتاج مواطنين متناحرين، منهم من لديه خلفية سلفية متشددة من خريجي الأزهر، ومنهم من لديه خلفية دولية تتجه للغرب من خريجي المدارس الدولية، إضافة إلى عينة كبيرة من خريجي المدارس الخاصة على كل الأشكال والألوان.
ويضيف: توحيد المناهج ليس معناه أن يتساوى من يرغب في تعليم "هاي تكنولوجي" مع الفقير، ولكن ما نتمناه أن يكون هناك حدا أدنى من برنامج الإعداد للمواطنة في المواد الأدبية وبذلك نضمن أن يخضع جميع المواطنين فقراء وأغنياء لنفس المؤثرات الثقافية.
إزدواجية التعليم
ومن جهته يرى أستاذ المناهج وطرق التدريس د.صلاح الدين عرفة أن الفكرة في حد ذاتها جيدة جدا، فإزدواجية التعليم والتنوع في المناهج ليس صحيا بل يخلق شخصيات مغتربة، كل مجموعة تنتمي لفئة أو جماعة معينة تتبع تعليما معينا، وتبقى المشكلة في تطبيق الفكرة وضرورة أن يقابلها ظروف صحية نفتقر إليها في العملية التعليمية، وعلينا أن نتساءل: لمن ستوجه المناهج الجديدة؟ ومن سيضع هذه المناهج وكيف؟ وما مدى قدرتنا على التطبيق؟
ويرى صلاح الدين أن التخوفات ليست في الفروق الفردية بين طالب المدرسة الحكومية وطالب المدرسة الدولية وكيف يدرس كلاهما نفس المنهج، فكل مرحلة عمرية لها ما يميزها من سمات وخصائص محددة حتى وإن اختلفت البيئات وتنوعت، ولكن المشكلة تكمن في مستوى المناهج المتوقع توحيدها وهل سنوحدها على ما هي عليه من دونية وانحدار أم سنتيح لها قدرة تنافسية على مستوى العالم أو حتى مقارنة بدول الخليج. ففي نفس اللحظة التي نتناقش في توحيد مناهج عقيمة تعتمد على أساليب قديمة لا تغني ولا تسمن من جوع يتقدم العالم بسرعة رهيبة، فنرى التلميذ في بعض المدارس الأجنبية يدرس الجينوم البشري في المرحلة الإبتدائية، ولديه القدرة على اتخاذ القرار والتفكير العلمي، وهناك مدارس تعرف بمدارس الإبداع للإرتقاء بالتلميذ المبدع منذ الصغر.
ويؤكد صلاح الدين أن توحيد المناهج يحتاج إلى عقليات تنظر إلى الأمام، كما أنه يحتاج إلى متسع من الوقت لضمان القدرة التنافسية، على أن يسبق هذه الخطوة انضباط العملية التعليمية وإيجاد حلا لكثافة الفصول وإزدحامها، وتعديل ثقافة المعلم والطالب وولي الأمر وضبط الشارع المدرسي.
وعلى الجانب الآخر، يشير صلاح الدين إلى ضرورة تشديد الرقابة على مناهج اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والتربية القومية والتربية الدينية للمدارس الدولية، بدلا من التصدي لانتشارها، ولابد من تدريس تاريخ الدولة التي تقع المنشأة على أرضها، أما المواد العلمية فحق لها أن تتبع المناهج الأجنبية وأن تتميز بمعاملها الحديثة وأنشطتها المختلفة من سباحة وركوب الخيل وأنشطة أخرى تفتح الآفاق أمام الطالب للتميز والإبداع كيفما شاءت، وإلا لماذا يتهافت عليها شريحة معينة كل وفق توجهه المستقبلي!.
أولياء الأمور
وبين الرفض والتأييد، تباينت ردود أفعال أولياء الأمور، فتعبر إحدى الأمهات واسمها نجلاء قائلة أن تعليم الـ IG ينشئ طالبا حرا يتخذ قراره بنفسه وليس تابعا، يعرف حقوقه ويعرف كيف يطالب بها، وهذا بالطبع يخيفهم لأنهم في حاجة إلى جيل من القطيع.
أما رانيا فتوافق على هذا المقترح بشرط أن تكون كل المدارس في نفس مستوى المدارس الدولية التي يسعون لإلغائها وحتى لا يكون التعليم مقتصرا على من يملك المال وفقط.
ويرفض محمد الذي يحاول أن يوفر المال اللازم لتعليم أولاده بالمدارس الدولية، هذا المقترح تماما، فيقول: ماذا لو أصبح التعليم في مصر كله مثل التعليم الحكومي السيء.. أين أذهب بأولادي الذين أرفض تناولهم لهذه المناهج العقيمة؟!