استيقظت تونس على وقع استقالة 31 نائباً من حزب حركة نداء تونس صاحب أكبر كتلة برلمانية في تونس، فبعد أن اتسم المشهد في الفترة الماضية بالضبابية وجدت تونس نفسها اليوم أمام عدّة سيناريوهات محتملة وقراءات مختلفة لما جاء في الدستور والنظام الداخلي للبرلمان وما تحمله هذه الاستقالات من مآلات وتداعيات على المشهد السياسي في الفترة القادمة.
وبهذا القرار أصبح المشهد البرلماني التونسي على النحو التالي:
المرتبة الأولى 69 مقعداً لحزب حركة النهضة الفائز بالمرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية لسنة 2014.
المرتبة الثانية 54 مقعداً لحزب حركة نداء تونس الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية (شق حافظ قائد السبسي) 31 مقعدا.
المرتبة الثالثة من نصيب (شق محسن مرزوق المنسلخ عن الكتلة الأصلية)، 16 مقعداً.
المرتبة الرابعة للاتحاد الوطني الحرّ المشارك في الائتلاف الحاكم، 16 مقعداً للكتلة الديمقراطية الاجتماعية كتلة معارضة متكونة من غير المنتمين.
و15 مقعداً من نصيب المعارضة اليسارية الجبهة الشعبية، 8 مقاعد لكتلة آفاق تونس المشاركة في الائتلاف الحاكم والباقون 14 مقعداً.
تشوب عملية الانقسام عقبات إجرائية شائكة من شأنها أن تفتح أبواب التأويل على مصراعيها، أوّلها مصير أوّل حكومة منتخبة عقب المصادقة على دستور الجمهورية الثانية.
فالفرضية الأولى ترجح، في حال تقرر سحب الثقة من الحكومة وحلّ البرلمان، أن تقديم لائحة لوم بمصادقة الأغلبية المطلقة 110 من النواب مع تقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة وفق ما نصّ عليه الفصل 97 من الدستور "يمكن التصويت على لائحة لوم ضدّ الحكومة، بعد طلب معلل يقدّم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مضيّ خمسة عشر يوماً على إيداعها لدى رئاسة المجلس".
"ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أغلب أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يصادق على ترشيحه في التصويت نفسه، ويتّم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة طبق أحكام الفصل 89.
في حال عدم تحقق الأغلبية المذكورة، لا يمكن أن تقدم لائحة اللوم مجددا ضد الحكومة إلا بعد مضي ستة أشهر".
"يمكن لمجلس نواب الشعب سحب الثقة من أحد أعضاء الحكومة بعد طلب معلل يقدم لرئيس المجلس من ثلث الأعضاء على الأقل، على أن يتم التصويت على سحب الثقة بالأغلبية المطلقة".
ثانياً، ينصّ النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب التونسي في فصله "34 أنّ لكلّ سبعة أعضاء أو أكثر الحق في تكوين كتلة نيابية، ولا يجوز لنفس الحزب أو الائتلاف أن يكون له أكثر من كتلة نيابية واحدة، كما يمكن لكلّ عضو من أعضاء المجلس الانتماء للكتلة التي يختارها ولا يمكن للعضو الانتماء إلى أكثر من كتلة نيابية".
إذا ما سلمنا بالتحالفات الحالية فالفرضية الأولى تشير إلى أنّ كتلة حركة النهضة وفي حال حفاظها على التحالفات الحالية فإنها من حيث الأغلبية المطلقة لن تتأثر وبالتالي فإنّ الإبقاء على قرار مساندة الحكومة مع إمكانية تغيير بعض الوزارات الأقرب إلى الواقع.
وبذلك يصبح انسحاب 32 نائباً من كتلة نداء تونس لا يشكّل خطراً، خاصة أنهم أعلنوا في وقت سابق عن دعمهم للحكومة وهو ما سينجر عنه موافقة على مشاريع الحكومة المعروضة، وفي هذه الحالة أصبح حل مجلس نواب الشعب أمرا مستبعدا وتفسر الاستقالة بالتصدّع الذي يعيشه الحزب داخلياً.
أما الفرضية الثانية فترجح اتجاه أغلب الفرقاء والحزازيات السياسية إلى تنظيم انتخابات مبكّرة جديدة من شأنها أن تعيد خلط الأوراق ورسم المشهد السياسي من جديد، وهو أمر يصعب تحقيقه في الوقت الراهن باعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي تمرّ بها البلاد، إضافة إلى أنّ فتح باب الانتخابات سيساهم في تعطيل المخطط التنموي الخماسي الذي انطلقت فيه رئاسة الحكومة منذ فترة بمشاركة ممثلين عن الجهات والمجتمع المدني، ناهيك عن مشاريع القوانين المنوطة بالمجلس.
أما على الصعيد الداخلي فقد تسببت أزمة حركة نداء تونس في شبه شلل نصفي لأعمال مجلس نواب الشعب على مستوى أعمال اللجان التشريعية والخاصّة، وهو ما انعكس سلبا على مردودية العمل النيابي خلال هذه الفترة وتعليق بعض الإجراءات المتعلقة بانطلاق الفترة النيابية الثانية التي تستوجب إعادة هيكلة لكلّ مؤسسات المجلس من عضوية مكتب المجلس ومكاتب اللجان.
فقد تأخرت رئاسة المجلس بإصدار القرارات المتعلقة بتجديد هياكل، حيث كان من المنتظر أن يتم عقد جلسة عامة للإعلان عن التركيبة الجديدة لمختلف وظائف هياكل المجلس وفق ما ينصّ عليه النظام الداخلي للمجلس.
تأجيل الإعلان عن التركيبة يأتي على أثر التصدّع الذي عاشته الكتلة الأولى "حركة نداء تونس" وهو ما أجبر البرلمان على الحفاظ على التركيبة المعتمدة في الفترة النيابية الأولى.
عديد الاستحقاقات تنتظر الحكومة الحالية والكتل النيابية بغض النظر عن الأغلبية، خصوصاً أنّ تونس انتهجت مبدأ التوافق ونهجه، في انتظار ما ستلفظه الأيام القليلة القادمة، وتبقى أبواب التأويل والتعاليق مفتوحة.
(تونس)
المرتبة الأولى 69 مقعداً لحزب حركة النهضة الفائز بالمرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية لسنة 2014.
المرتبة الثانية 54 مقعداً لحزب حركة نداء تونس الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية (شق حافظ قائد السبسي) 31 مقعدا.
المرتبة الثالثة من نصيب (شق محسن مرزوق المنسلخ عن الكتلة الأصلية)، 16 مقعداً.
المرتبة الرابعة للاتحاد الوطني الحرّ المشارك في الائتلاف الحاكم، 16 مقعداً للكتلة الديمقراطية الاجتماعية كتلة معارضة متكونة من غير المنتمين.
و15 مقعداً من نصيب المعارضة اليسارية الجبهة الشعبية، 8 مقاعد لكتلة آفاق تونس المشاركة في الائتلاف الحاكم والباقون 14 مقعداً.
تشوب عملية الانقسام عقبات إجرائية شائكة من شأنها أن تفتح أبواب التأويل على مصراعيها، أوّلها مصير أوّل حكومة منتخبة عقب المصادقة على دستور الجمهورية الثانية.
فالفرضية الأولى ترجح، في حال تقرر سحب الثقة من الحكومة وحلّ البرلمان، أن تقديم لائحة لوم بمصادقة الأغلبية المطلقة 110 من النواب مع تقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة وفق ما نصّ عليه الفصل 97 من الدستور "يمكن التصويت على لائحة لوم ضدّ الحكومة، بعد طلب معلل يقدّم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مضيّ خمسة عشر يوماً على إيداعها لدى رئاسة المجلس".
"ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أغلب أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يصادق على ترشيحه في التصويت نفسه، ويتّم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة طبق أحكام الفصل 89.
في حال عدم تحقق الأغلبية المذكورة، لا يمكن أن تقدم لائحة اللوم مجددا ضد الحكومة إلا بعد مضي ستة أشهر".
"يمكن لمجلس نواب الشعب سحب الثقة من أحد أعضاء الحكومة بعد طلب معلل يقدم لرئيس المجلس من ثلث الأعضاء على الأقل، على أن يتم التصويت على سحب الثقة بالأغلبية المطلقة".
ثانياً، ينصّ النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب التونسي في فصله "34 أنّ لكلّ سبعة أعضاء أو أكثر الحق في تكوين كتلة نيابية، ولا يجوز لنفس الحزب أو الائتلاف أن يكون له أكثر من كتلة نيابية واحدة، كما يمكن لكلّ عضو من أعضاء المجلس الانتماء للكتلة التي يختارها ولا يمكن للعضو الانتماء إلى أكثر من كتلة نيابية".
إذا ما سلمنا بالتحالفات الحالية فالفرضية الأولى تشير إلى أنّ كتلة حركة النهضة وفي حال حفاظها على التحالفات الحالية فإنها من حيث الأغلبية المطلقة لن تتأثر وبالتالي فإنّ الإبقاء على قرار مساندة الحكومة مع إمكانية تغيير بعض الوزارات الأقرب إلى الواقع.
وبذلك يصبح انسحاب 32 نائباً من كتلة نداء تونس لا يشكّل خطراً، خاصة أنهم أعلنوا في وقت سابق عن دعمهم للحكومة وهو ما سينجر عنه موافقة على مشاريع الحكومة المعروضة، وفي هذه الحالة أصبح حل مجلس نواب الشعب أمرا مستبعدا وتفسر الاستقالة بالتصدّع الذي يعيشه الحزب داخلياً.
أما الفرضية الثانية فترجح اتجاه أغلب الفرقاء والحزازيات السياسية إلى تنظيم انتخابات مبكّرة جديدة من شأنها أن تعيد خلط الأوراق ورسم المشهد السياسي من جديد، وهو أمر يصعب تحقيقه في الوقت الراهن باعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي تمرّ بها البلاد، إضافة إلى أنّ فتح باب الانتخابات سيساهم في تعطيل المخطط التنموي الخماسي الذي انطلقت فيه رئاسة الحكومة منذ فترة بمشاركة ممثلين عن الجهات والمجتمع المدني، ناهيك عن مشاريع القوانين المنوطة بالمجلس.
أما على الصعيد الداخلي فقد تسببت أزمة حركة نداء تونس في شبه شلل نصفي لأعمال مجلس نواب الشعب على مستوى أعمال اللجان التشريعية والخاصّة، وهو ما انعكس سلبا على مردودية العمل النيابي خلال هذه الفترة وتعليق بعض الإجراءات المتعلقة بانطلاق الفترة النيابية الثانية التي تستوجب إعادة هيكلة لكلّ مؤسسات المجلس من عضوية مكتب المجلس ومكاتب اللجان.
فقد تأخرت رئاسة المجلس بإصدار القرارات المتعلقة بتجديد هياكل، حيث كان من المنتظر أن يتم عقد جلسة عامة للإعلان عن التركيبة الجديدة لمختلف وظائف هياكل المجلس وفق ما ينصّ عليه النظام الداخلي للمجلس.
تأجيل الإعلان عن التركيبة يأتي على أثر التصدّع الذي عاشته الكتلة الأولى "حركة نداء تونس" وهو ما أجبر البرلمان على الحفاظ على التركيبة المعتمدة في الفترة النيابية الأولى.
عديد الاستحقاقات تنتظر الحكومة الحالية والكتل النيابية بغض النظر عن الأغلبية، خصوصاً أنّ تونس انتهجت مبدأ التوافق ونهجه، في انتظار ما ستلفظه الأيام القليلة القادمة، وتبقى أبواب التأويل والتعاليق مفتوحة.
(تونس)