الطائفية

السبب في شيوع نظرية المؤامرة عندنا، نحن العرب، أو في شعور الدونية تجاه الأمم الأخرى، أو في الحساسية المؤدّية إلى الغضب تجاه النقد والمزاح، لا يكمن في مسائل ثقافية متعدّدة، ولا في ضعف التعليم أؤ المعرفة بل هو شعورنا الدائم بضعف تقدير ذاتنا الجمعية.

في البرلمان اللبناني أولاً، وقانونه الانتخابي المفصّل على قياس زعماء الطوائف، احتفظت وريثتَان بالنيابة، وجاءت نائبتان تحت جناح أحد زعماء الطوائف، ونائبة تحت جناح آخر. وفَلتَتْ من الشَوْط نجمة إعلامية، عُرفت بصلاتها المتشعِّبة مع أكثر من زعيم طائفي.

لم ينشغل قادتنا العرب بتوحيد قوى المعارضة السياسية والمسلحة لمواجهة الشر القادم على العراق والعرب جميعا. بل راحوا يتنافسون فيما بينهم لمن تكون السيادة على العراق وغيره، لهذا النظام أم لذاك، ففشلوا جميعا، وها نحن نحصد الخراب اليوم.

في كتاب "في التحرر العربي وعَثَرَاتِهِ.. مُقاربات اعتباطية لتحديث مُعَرْقَل" يطرح الباحث اللبناني أحمد بيضون موضوعات "تتعلّق بالعوائق التي منعت الحداثة في الأراضي العربية الإسلامية"، وبفشل أليم في تحرير الجسد من قيود الفقه، أو في ترسيخ الديموقراطية.

بعد مقاومة المحتل الأميركي في العراق، جاءت الثورة وأجبرت رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، على الاستقالة، وطالبت بتنحي برلمان وأحزاب العملية السياسية التي أتى بها المحتل لإقامة حكومة وطنية، ودولة ذات سيادة ودستور جديد. ولا تزال الثورة تواصل سيرها.

لماذا بقي معظم أمراء حرب الـ15 عاماً في لبنان حكاماً بعد 31 عاماً على صمت المدافع؟ لماذا نُبذت أحزاب أجرت نقداً ذاتياً لتجربتها في الحرب بينما تصعد شعبية من يتباهى بأنه لم يخطئ في أي تفصيل يتعلق بسجله العسكري؟

حلم تحقيق الديمقراطية الموعودة التي رفعتها الإدارة الأميركية قبل احتلال العراق وغزوه وبعدهما أوجد واقعاً جديداً في العراق، لا هو بالديمقراطي، ولا هو بالديكتاتوري، لأن مشكلة العراق الرئيسة هي قدرة الأطراف الخارجية على التحكّم بمشاهده.

غذا لم تفلح ضغوط أوروبية، بتلويح فرنسي بفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين، فإن على المواطنين اللبنانيين أن يعيدوا رسم تحرّكاتهم في صورة ثورة جديدة متجدّدة ضد السلطة الحاكمة والمتحكّمة، لإعادة تنظيم الدولة اللبنانية على أسس جديدة،