العشرية السوداء

كانت الثورة الجزائرية الجديدة واعية لكل المشكلات العميقة، وبالتالي لم تعطِ للمعارضة القديمة القيادة، ولم تتقدّم، هي ذاتها، بقيادة سياسية وببرنامج محدّد، وساهم ذلك بتفاعل كل القوى الفاعلة وتفكيك النظام، بل والمعارضة.

من الطبيعي، بل من الواجب، التأني، في تناول مستقبل الانتفاضة الثانية للوطن العربي التي برزت في بعض مناطقه، وهل ستُشكل ربيعاً ثانياً، فهناك أرضية لذلك، هي استنساخ قهر الإنسان العربي، وبقاء مسببات انطلاقة الانتفاضة الأولى من تونس إلى اليمن.

على القوى الإسلامية والعلمانية في الجزائر أن تنقّي صفوفها من المتطرّفين، حفاظاً على التجربة. ولا شك أن القوى الأساسية نضجت، ولذا نجد الإسلامي، علي بلحاج، يتبنّى خطاباً معتدلاً وسلمياً وتوافقياً، على الرغم من الإساءة إليه، ومنعه من النشاط السياسي.

بغض النظر عن النقاش الدستوري حول ما إذا كان يحق للرئيس أن يؤجل الانتخابات التي لا ينص الدستور الجزائري، صراحةً، على تأجيلها إلا في حالة حرب، فإن الغاية من هذا التأجيل التمديد للرئيس الذي تنتهي ولايته بتمام أبريل المقبل.

قام الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، بالمطلوب منه، حينما أوقف سيل الدم بالمصالحة والوئام، وأعاد للجزائر صورتها على المستويين، الإقليمي والدولي، ولكنه أصيب، كما يُصاب الإنسان، بالوهن البيولوجي، لزم، من محيطه، ومن الجزائريين عموماً، أن يريحوه منه، عرفاناً لمجهوداته.

بالنسبة‭ ‬للمغربي‭ ‬لا ‬يمكن‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بحيادٍ ‬وموضوعية‭ ‬باردة‮.‬ هناك‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬إرادة‭ ‬الجزائريات‭ ‬والجزائريين،‭ ‬وهناك أيضاً ‬التفاعل‭ ‬الذاتي‭ ‬والعام‭ ‬مع‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬الشقيق‮.‬ ‬فالترشح مسألة‭ ‬واردة،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الحدود‭ ‬مغلقة.