حين تمضي في الأمكنة التي عاش فيها آرثر رامبو أو مرّ فيها، يبدو لك أنك قد صرت تعرف وجهاً آخر من حياة الشاعر المغامر الذي ترك الشعر وذهب يبحث عن حياة مختلفة في عدن والسواحل الأفريقية.
يمكن القول إن غراس بدا متلهفاً لاستكشاف ملامح الثقافة العربية، واليمنية منها بالذات. ومع غليونه الذي لا يفارقه حمل أيضاً ريشة ليرسم بها وجوه اليمانيين في المدن التي زارها: صنعاء وتعز وعدن وحضرموت.
بدا لي حينها، أن هذه الآثار وهذا التاريخ العظيم بحضارته وأمجاده، لا يعني شيئاً لهذا الإنسان المسحوق، الذي عاش معظم عمره تحت سطوة القمع والتسلّط، في وطن لم يمنحه سوى الحرمان من الإحساس بالحياة والجوع لكل شيء.
أجابني صديقي بأن الحال في العالم العربي يختلف تماماً عن واقع هؤلاء الكتّاب، معتقداً أن حالنا يشبه حال ديستوفسكي أكثر، الذي كان على عكس فوكنر لا يقترض ليكتب، بل يكتب ليسدّد ديونه
أن هذا الوجود قد صارَ، بفضلِ هذه العزلة، مرئيًا ومنظورًا من زاوية مختلفة، قد تسمّى أدبية أو مستوحشة أو قلقة. والكاتب بذلك يكون متوحّدًا ومحاورًا لهذا الوجود أكثر من توحّده معه وهو في حال استسلام لصخبه وضجيجه.
قبل أكثر من نصف قرن كانت خطبة البرودني حدث الصحافة والمجتمع اليمني في شماله وجنوبه. فقد نشرت صحيفة "النصر" اليمنية خبر اعتقال الشيخ الضَّرِير عقب خطبة له بمناسبة عيد الفطر العام 1960 في مدينة ذمار. لينتقل إلى صحف عدن...