كلّ ما استطاعت إيران القيام به بعد استهداف كبار قادتها من قبل إسرائيل هي إبعادهم من سورية إلى إيران مع إبقاء عملية السيطرة والتحكّم عن بعد في متناول أيديها.
نصف الانتصار الإسرائيلي تحقق عبر قتل المدنيين بتمهيد ناري استمر 20 يوماً، ودمّر، وفق صور للأقمار الصناعية، ما بين 35 - 40% من البنى السكنية والعمرانية للمدن الفلسطينية، وتسبب في استشهاد 11 ألف فلسطيني، جلهم من النساء والأطفال.
ليس مردّ حتمية الرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى رغبة إسرائيلية بالثأر والانتقام، بل هناك ما هو أبعد من ذلك، فصورة الجيش الذي لا يُقهر اهتزّت ويجب أن تعود، والثقة التي كانت لدى الإسرائيليين بأن هناك جيشا يحميهم تلاشت، ويجب استردادها.
لا قدرة لجيش بشار الأسد الممزّق والمنهك وشبه المتلاشي على مواجهة الجيش الأردني، ولا يتوقّع أن تتورّط إيران عبر مليشياتها الموجودة في سورية بحرب ضد الأردن، الباحث عن أمن حدوده وأمن شعبه، خصوصا إذا ما حظيت العملية العسكرية الأردنية بتغطية جوية أميركية.
تكتيك الهروب نحو الأمام هو آخر سهام النظام السوري بعد تجّدد الاحتجاجات ضده، حيث لوحظت، في المرحلة الأخيرة، زيادة في عملية تهريب شحنات المخدّرات نحو الأردن ودول الخليج كأنها نوع من الضغط على العرب، ما يضع التطبيع العربي معه مؤخرا في مأزق.
تُظهر المشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام للطائرة التي قتل فيها مؤسّس فاغنر يفغيني بريغوجين مع قائدها العسكري ديميتري أوتكين، وهي تسقط وتترنّح بالسماء، بوضوح، أنها تعرّضت لانفجار داخلي أو لقذيفة من الخارج، وليس في الأمر عطل فنّي يحدّ من قيادتها.
حملة التغيير الديمغرافي التي تقوم بها إيران في سورية عبر الحرائق المفتعلة وسواها، جعلت من بلدة السيدة زينب خالصة لطائفة واحدة تتبع لإيران، وجعلت من مدينة داريا شبه بلدة إيرانية، بعد أن استوطن فيها المرتزقة التابعون لها.
طبيعة المناورات والتدريبات الأميركية في شرق سورية هي أكبر من أهداف أميركا بمحاربة الإرهاب "الداعشي"، وتٌقرأ بمنظور الخبرات العسكرية على أنها مؤشرات حرب، وليس بضغط سياسي فقط، خصوصا مع تسريبات عن خطط لتقليص الوجود الإيراني في سورية.
كانت سهولة تقدّم قوات "فاغنر" نحو موسكو أمراً مستغرباً، خصوصا بعدما وصفت تحرّكاتها بأنها تمرّد عسكري، وأن قائدها خائن للوطن، وهذا يعكس أحد أمرين: إما أن الأمن والدفاع داخل روسيا أصبح هشّاً ضعيفاً أو أن قيادة بوتين وقواته أصبحت موضع شك.