تتداخل في اليمن مسارات تشكّل التشكيلات العسكرية والأمنية التي نشأت في الحرب مع ظهور حاملها السياسي. وفي حالات أخرى، كانت سابقة لها، بحيث تحوّلت معظم هذه التشكيلات إلى ذراع إسناد لحاملها السياسي، ومن ثم أي تغيير في هذه المعادلة يؤثّر على هذه القوى
خلال سبع سنوات من الحرب في اليمن استُولدت العديد من التشكيلات العسكرية الموازية للجيش اليمني، العاملة تحت إدارة التحالف، ضمن "جيش رديف" لا يعترف بسلطة الحكومة.
يدرك المجلس الجنوبي الانتقالي، أكثر من غيره، أن منحه حكم شبوة من دون تحريرها من قبضة الحوثي كان سيفرض عليه عبئاً عسكرياً في مواجهة مقاتلي الجماعة، وهي مهمةٌ شاقة لا يبرع بها المجلس، وهو الدور الذي اضطلعت به ألوية العمالقة التي استكملت تحرير شبوة.
يشكل الموقع الاستراتيجي الذي يتمتع به اليمن هدفاً للقوى الإقليمية الساعية لتوسيع رقعة نفوذها العسكري في البحار، إذ إن السعودية والإمارات تريدان السيطرة على جزيرتي ميون وسقطرى، فيما تطمع إيران بالسيطرة على الموانئ والجزر الخاضعة للحوثيين.
أدّى فك الارتباط في اليمن بين أميركا وحليفها السعودي، على الأقل في المسار العسكري، إلى تغيير موازين القوى في جبهات الحرب، بحيث شكل ضغطاً سياسيا على السعودية، ومن ثم انعكس على حليفه المحلي، السلطة الشرعية، الضعيفة، لصالح الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين.
أعلنت جماعة الحوثيين رفضها للتصريحات الفرنسية المُدينة للهجوم الصاروخي الذي استهدف منشأة نفطية تابعة لشركة "أرامكو" في مدينة جدة السعودية، واتهمتها بالتورط في استمرار الحرب على اليمن.
تدخل الحرب اليمنية مساراً جديداً، مع فتح الحوثيين لجبهة مأرب على مصراعيها، مستفدين من ثغرات قبائلية، وعسكرية لدى القوات الحكومية، التي فشلت في تحريك جبهات أخرى لإنهاك الخصوم، فيما لا يزال حسم المعركة في المحافظة النفطية بعيداً عن متناول الحوثيين.
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، مساء الثلاثاء، تعليق مشاركته في المشاورات الدائرة مع الحكومة المعترف بها دولياً برعاية السعودية، وذلك قبل أيام من الموعد المقرر لإعلان حكومة التوافق المشتركة بين الجانبين.
تبقى مكتسبات الشرعية اليمنية بعد خمس سنوات من حرب التحالف السعودي الإماراتي على اليمن، حبراً على ورق، إذ يعمد هذا التحالف إلى تجريدها عملياً من قوتها، وتقليم أظافرها، ما قد يصب في إطار سعيه لبناء شرعية موازية وتكريس احتلاله المبطن.