"الظلام" يوفر فرص عمل للعاطلين في غزة

21 سبتمبر 2015
رواج المولدات في غزة (العربي الجديد/عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يضبط الشاب الفلسطيني رمزي الهوجي (31 عاماً) ساعته يومياً، للخروج في مواعيد انقطاع التيار الكهربائي المعتادة بالمنطقة التي يقطن بها في مدينة غزة، كي يقوم بإيصال خطوط الكهرباء عبر مولدات كهربائية كبيرة الحجم، لعشرات المشتركين معه من أصحاب البيوت والمحال التجارية المجاورة للحي الذي يسكن فيه.

ويعاني سكان القطاع من عدم انتظام جدول توزيع الكهرباء، والغرق في الظلام لساعات طويلة؛ بفعل عجز محطة التوليد الوحيدة بغزة عن توفير حاجة الاستهلاك القصوى في فصلي الصيف والشتاء؛ والتي تبلغ نحو 500 ميغا واط، وهو ما يدفع بالغزيين المقتدرين للجوء إلى أساليب بديلة.

ويقول الهوجي لـ "العربي الجديد"، إنّ انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة فتح المجال للكثيرين لابتكار وسائل بديلة عن التيار الكهربائي والاستثمار في هذا المجال، رغم التكاليف المرتفعة التي يتكبدها أصحاب هذه المشاريع؛ بفعل ارتفاع ثمن المحروقات والمولدات، بالإضافة للأعطال الدائمة والصيانة الدورية التي تحتاجها.

ويضيف: "الاستثمار في المجال الكهربائي رغم أنه مجد اقتصادياً، في ظل حاجة القطاع لبدائل كهربائية إلا أن التكلفة العالية المترتبة عليه تجعل منه أمراً صعباً للغاية، فهو يحتاج لمبالغ كبيرة من أجل شراء المولدات وتوفير الخطوط الكهربائية والمعدات اللازمة لعملية التوزيع".

وعن التكلفة الإجمالية للمشروع، يوضح الثلاثيني أنه تكلف نحو 100 ألف دولار لشراء ثلاثة مولدات متعددة الأحجام والقدرات الكهربائية، للعمل على تزويد المنطقة المحيطة به من محال تجارية ومساكن بخطوط كهربائية تكفي للإنارة، وبعض الأجهزة الكهربائية متوسطة الاستهلاك كالتلفاز والمراوح الكهربائية التي يزيد استخدامها في فصل الصيف.

وعن آلية توزيع الكهرباء، يبين الهوجي أن الأمر يعتمد على رغبة الشخص المشترك وكمية الكهرباء المعتمدة على استهلاكه اليومي، وفقاً للأمبير الواحد الذي يكلف ما يعادل 1.1 دولار لليوم، والغالبية العظمى من المشتركين تعتمد على كميات تتراوح ما بين 3-6 أمبير تكلفها شهرياً 150 دولارا.

اقرأ أيضاً: الحكومة الفلسطينية تخفض أسعار الكهرباء 6%

وبحسب سلطة الطاقة في غزة فإن إجمالي كمية التيار الكهرباء التي تتوفر في القطاع تقدر بنحو 215 ميغاوات تأتي من ثلاثة مصادر هي محطة التوليد الوحيدة، وخطوط كهرباء آتية من الأراضي المحتلة وأخرى مصرية تغذي منطقة رفح الفلسطينية فقط.

أما الغزي محمد ثابت فوافق بعد إصرار وإلحاح من أحد أصدقائه على الاستثمار في مجال المولدات الكهربائية، في ظل تعثر الكثير من المشاريع الاقتصادية والصناعية في القطاع المحاصر إسرائيلياً، بفعل إغلاق المعابر والأوضاع المعيشية والاجتماعية الصعبة لآلاف الغزيين.

ويقول ثابت لـ "العربي الجديد" إن بعض أصحاب رؤوس الأموال في غزة توجهوا مؤخراً نحو مشاريع الطاقة الكهربائية البديلة، في ظل عدم انتظام التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وحاجة المواطنين لبدائل تتلاءم نسبياً مع واقعهم الاقتصادي السيئ.
 
ويضيف: "الفكرة ناجحة وتلقى رواجاً كبيراً من المواطنين والإقبال عليها، خصوصاً أن العديد من المستثمرين في المجال يقدمون تسهيلات كبيرة وتخفيضات مراعاة لظروف المشتركين منهم، في ظل عدم انتظام رواتب آلاف الموظفين بغزة وارتفاع معدلات البطالة".

ويتابع: "عدم توفر المولدات بشكل كبير في السوق، إضافة إلى غلاء أسعار الحديثة منها، دفع البعض للاعتماد على شراء المولدات المستخدمة نظراً لانخفاض تكلفتها، وتوافر قطع الغيار اللازمة في السوق المحلي، وللتخفيض من الموازنة التشغيلية الأولى للمشروع، خصوصاً أن بعضاً ممن عملوا في هذا الحقل لم يتوفر لديهم الكثير من رأس المال".

ويبين ثابت أنّ ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء قطع الغيار يؤثر على العائد المادي لأصحاب هذه المشاريع، في ظل عدم قدرتهم على رفع الأسعار الخاصة بخطوط الكهرباء التي يمدونها للمواطنين، كون الواقع الاقتصادي بالقطاع لا يساعد المشتركين على دفع تكاليف مرتفعة.

ويعاني قطاع غزة من أزمة كهرباء حادة منذ فرض الحصار الإسرائيلي قبل ثماني سنوات، ما أدى إلى نشوء عدة أزمات إنسانية طالت كافة المرافق الرئيسية في القطاع، عدا عن استهدافها عدة مرات كان آخرها الحرب الأخيرة صيف 2014.


اقرأ أيضاً: أزمة مفتعلة تعطّل محطة توليد كهرباء غزة

دلالات