"العربي الجديد" يروي شهادات سوريين ناجين من جحيم صيدنايا

08 فبراير 2017
فظائع كبيرة في سجون سورية (زين الرفاعي/ فرانس برس)
+ الخط -
يفتح تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر، صباح أمس الثلاثاء، والذي كشف تورط النظام السوري بقتل قرابة 13 ألف سوري، الباب على حكايات وشهادات لا تنتهي، حول الفظائع التي يمارسها النظام، منذ سنوات حتى اليوم، في هذا السجن دون حساب أو عقاب.

وينقل "العربي الجديد" شهادة ناجين من السجن، أولهم الذي فضل التعريف عن نفسه "بأبو بشرى" اعتقل في سجن صيدنايا قرابة سنتين، بين عامي 2009 و2011.

بداية اعتقال هذا الأخير كانت على يد المخابرات الأردنية التي سلمته بدورها  للنظام السوري بتهمة التواصل مع يسمى "جبهة الخلاص" المناهضة للنظام. وعما جرى بعد الاعتقال يقول "حاكمتني محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة استثنائية، لم يكن يستفيد المعتقل من وجود محام يرافع عنه أو عدم وجوده، فالأحكام كانت جاهزة".

أما في ما يخص حالات الإعدام، فيقول "لم تكن تتم أمام أعيننا، لكننا كنا نعرف حدوثها، من خلال الحركة التي تتم في السجن، مع حلول الظلام، كان يأتي إلى السجن أشخاص بلباس مدني وسيارات ضخمة ومرافقة، في المهجع الذي كنت فيه، كان لدينا القدرة على أن نراقب ما يحدث من النوافذ، كانوا يبقون حتى ساعات الصباح، لحضور الإعدامات التي تتم في السجن".

ويضيف: "أسوأ ما كنا نعانيه هو الضغط النفسي، فوسط أربعة حيطان، حيث لا شمس ولا هواء، كان على الجميع أن يتعايشوا مع بعضهم بعضاً، كل يحمل أفكاراً مختلفة؛ شيوعيون، أكراد، إسلاميون بكافة أطيافهم، سواء كانوا جهاديين أو دعويين أو سلفيين.

وتابع: "ما يحدث داخل السجن هو صورة مصغرة عما تعيشه سورية اليوم، والنظام يدرك ذلك، كل المتطرفين الذين تم صنعهم داخل السجن، أخرجهم النظام مع بداية الثورة، ليقيموا تنظيمات خارجة وتقصد النظام ألا يستهدفهم، لأنه يملك القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم".


(دليل سليمان/ فرانس برس)

وبخصوص التعذيب داخل السجن قال، إن "الكرابيج التي كنا نضرب بها كانت ضخمة وثقيلة، حتى السجان كان يجد صعوبة بحملها، من أسوأ ما عشته هناك حين أصيب صديقنا بجلطة ومات أمامنا ولم يأت أي طبيب لإسعافه، حادثة كهذه كانت تحدث كل يوم في هذا السجن".

ويعقب أبو بشرى على تقرير المنظمة: "بالنسبة لي لم تأت المنظمة بجديد، ولست متفائلاً من أنه قد يقود حقاً إلى تحرك ضد النظام، التصفية عند النظام شيء ممنهج ومعروف، ولم يوقفه أحد إلى الآن".

أما عبدالرحمن، البالغ 26 عاماً، من مدينة الرستن  فخرج من سجن صيدنايا في عام 2013، بعد عام على اعتقاله، وهو من معتقلي الثورة السورية، وحوكم أمام المحكمة الميدانية العسكرية، بالرغم من أنه لم يكن عسكرياً، ووجّهت إليه تهمة  التآمر على نظام الحكم.



(جوزيف عيد/ فرانس برس)


يعقب عبدالرحمن على بيان الإنكار الذي أصدرته وزارة العدل التابعة لحكومة النظام السوري، والذي زعمت فيه أن كل ما جاء في تقرير منظمة العفو غير صحيح، قائلاً، إن "وزارة العدل ليست واجهة لحكومة النظام، كل ما يتم من محاكمات، اليوم، تتم في محاكم ميدانية تتبع وزارة الدفاع ورئيس النظام، بشار الأسد، بشكل مباشر، ولا يمكن أن يسمح لتتدخل بها أي من السلطات القضائية الأخرى، مع أن هذه المحاكم الميدانية تحاكم سياسيين ومدنيين وليس عسكريين".

ويضيف "محاكمتي لم تتجاوز الدقائق الثلاث، وكان معي اثنين آخرين، أذاعوا اسماءنا بالتتالي، كان هناك ثلاثة أشخاص يحملون رتباً عسكرية أمامنا سألونا، إن كنا نعترف بالتهمة، ثم قاموا بتبصيمنا على ورق وأخذونا، دون محام أو حتى دون أن نعلم الحكم".

وتابع "كان العديد من الأشخاص يساقون إلى غير رجعة بعد حوالى 14 يوماً من الذهاب الى المحكمة، فكنا نعلم أنهم سيعدمون، غالباً كان هذا اليوم هو الأربعاء، والذي كان يوم رعب للجميع، كنا نسمع أسماء من ينادون عليهم في المهاجع المجاورة ونحفظهم".

ويختم عبدالرحمن: "قبيل أيام من خروجي، سمعت اسم أخي، أصابني الذهول، لم أكن أعرف أنه كان معتقلاً هناك، كان عسكرياً في الجيش حين بدأت الثورة ولم أعرف ماذا فعل بعدها، ساروتني شكوك أنه قد يكون اسماً مشابهاً، حين خرجت أخبرني أهلي أن أخي لا يزال معتقلاً في السجن، فأجبتهم: لم يعد معتقلاً".