أعلنت محكمة جنايات القاهرة المصرية، حيثيات حكمها بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً على الضابط "ياسين حاتم" المتهم بقتل الناشطة السياسية "شيماء الصباغ" وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، والصادر برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله، والذي حصل "العربي الجديد" عليه، إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها، والمستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها في جلسة المحاكمة، توصلت إلى أنه بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني 2015، الساعة الثالثة عصرا، خرجت مسيرة من أعضاء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، لا يتجاوز عددها 30 شخصا تقريبا إلى ميدان طلعت حرب وضمت تلك المسيرة المجني عليهم "شيماء صبري الصباغ وأحمد أحمد محمد الشريف وأحمد فتحي نصر" حاملين أكاليل الزهور ولافتة تحمل اسم الحزب سالف الذكر ويرددون عبارات "عيش.. حرية.. كرامة إنسانية".
وأضافت الحيثيات: "تصدت لهم قوات الأمن المركزي المتواجدة بالميدان سالف البيان، والتي ضم تشكيلها المتهم "ياسين محمد حاتم صلاح الدين" الضابط في قطاع ناصر للأمن المركزي الذي بيّت النية وعقد العزم على إيذاء المتظاهرين، بأن أعد البندقية الخرطوش التي يحرزها بطلقات نارية خرطوش عن طيش واستسفاف بأرواح الآخرين، وما إن ظفر بالمتظاهرين حتى أطلق عيارا ناريا "خرطوش" من السلاح الناري سالف الذكر صوب المجني عليهم سالفي البيان من مسافة 8 أمتار، فأحدث إصابة المجني عليها "شيماء الصباغ" بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، وهي إصابات "نارية رشية حيوية حديثة" حدثت من عيار ناري يحمل مقذوفات رشية "خرطوش خفيف" فأحدثت تهتكاً بالرئتين والقلب ونزيفاً بالتجويف الصدري، والتي أدت لوفاتها ولم يقصد من ذلك قتلها، ولكن تلك الإصابة أدت إلى وفاتها في الحال".
وأضافت المحكمة أن المتهم أحدث بالمجني عليه محمد الشريف إصابة نارية رشية بالرأس والعنق والكتف الأيسر واليد اليسرى، وأحدث بالمجني عليه أحمد نصر إصابة نارية رشية في الوجه والعنق والكتف والظهر.
وأوضحت المحكمة، إذ إن الواقعة على تلك الصورة، قام الدليل على صحتها وفقا لما شهد به الشهود، حيث شهد محمد أحمد محمد الشريف أنه حال تواجده بجوار المجني عليها شيماء الصباغ في تظاهرة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بشارع طلعت حرب، قد أبصر قائد قوة الشرطة المتواجدة في المكان ذاته بإصدار إشارة لقواته لتفريق المظاهرة، فأطلقوا صوبهم قنبلة غاز عقبتها طلقتان ناريتان، فأمسك الشاهد الثاني بالمجني عليها، وهموا بالفرار فأبصر المتهم ملثماً يتقدم إلى نهر الطريق وأطلق صوبهم عيارا ناريا من بندقية مثبت بفوهاتها كأس إطلاق أصابه برأسه من الجهة اليسرى ويده، وأصاب المجني عليها، ثم سمع صوت إطلاق عيار ناري آخر وعلم بوفاة المجني عليها عقب عودتها إلى مقر الحزب.
اقرأ أيضاً: السجن المشدد 15عاماً لقاتل شيماء الصباغ
كذلك شهد ثابت مكرم فتحي عبد القادر أنه في اليوم سالف الذكر حال قيادته سيارته الأجرة ولدى مروره بشارع طلعت حرب، أبصر اصطفافا لقوات الشرطة في مواجهة تظاهرة، وأطلقت القوات صوبهم قنبلة غاز على مسافة بعيدة، فبدأ المتظاهرون في التفرق، ثم سمع صوت إطلاق عيارين ناريين آخرين، وشاهد المتهم أمام سيارته مباشرة حاملا بندقية صوبها تجاه المتظاهرين وأطلق منها عيارا ناريا "خرطوش"، وطار فارغه من البندقية وسقط أرضا، فأصاب المجني عليها، وأعقبه بإطلاق عيار ناري آخر، ولم يشاهده يطلق قنابل غاز من بندقيته.
وشهد أحمد فتحي نصر محمد بأنه في اليوم ذاته أيضاً حال اشتراكه في تظاهرة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بشارع طلعت حرب، أبصر إطلاق قنبلة غاز من جانب قوات الشرطة صوبهم على مسافة بعيدة، أعقبها مباشرة إطلاق عيار ناري، فأسرع بالفرار في اتجاه ميدان التحرير، ومن خلفه المجني عليها ثم سمع صوت عيار ناري ثالث وشاهد الشاهد الأول ينزف من رأسه فلاذا بالفرار معا، ثم سمع صوت عيار ناري رابع وشعر بإصابته بمقذوفات رشية بكتفه الأيسر ورقبته وخصره من الجهة اليسرى.
وأضاف أن المتهم أطلق العيار الناري الذي أصاب المجني عليها من بندقية مثبت بفوهاتها كأس إطلاق ولم يطلق منها أية قنابل غاز.
وشهدت مروة محمد أحمد همام أنه حال قيامها بتغطية تظاهرة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إعلاميا، أبصرت المتهم يتقدم إلى نهر الطريق نحو المتظاهرين مصوبا بندقيته صوبهم حال محاولتهم الفرار، وأطلق عيارا ناريا "خرطوش"، وشاهدت أثر مقذوقاته باللافتة التي كان يحملها المتظاهرين، وأصاب المجني عليها فسقطت أرضا ثم أطلق عيارا ناريا آخر من السلاح ذاته ثم استبدله ببندقية آخرى.
اقرأ أيضاً:مصر: براءة 17 اشتراكياً بتهمة التظاهر بواقعة "شيماء الصباغ"
وشهد العقيد مهندس إيهاب عبد الرحمن محمد اللقاني أنه بفحص الأسلحة المثبتة بدفاتر سلاح الكتيبة الثانية بقطاع ناصر للأمن المركزي المسلمة إلى كل من المتهم والمجندين المرافقين له، تبين أن بنادق خرطوش عيار 12 مم، وتستخدم فيها أنواع متعددة من الطلقات، أكثرها شيوعا الخرطوش الرشي والمطاطي والطلقات الدافعة، ويمكن وضع أكثر من نوع بالخزينة في وقت واحد وأن كاس الإطلاق المثبت بفوهة البندقية لا يؤثر مطلقا في إمكانية إطلاق طلقات خرطوش منها، وأنه في حالة إطلاقها على مسافة 8 أمتار يكون أثرها قاتلا.
وأضاف أن السلاح الناري المشاهد بيد المتهم بمقطع الفيديو المصور للواقعة هو بندقية خرطوش من مثيلات البنادق التي فحصها، ومثبت بفوهاتها كأس إطلاق قنابل غاز ويتخذ وضعية التصويب الأفقي وأطلق خلال ذلك المقطع عيارين ناريين ليس من بينهما قنبلة غاز.
وشهد هشام عبد الحميد أحمد الطبيب الشرعي أن وضعية المتهم الظاهرة بمقطع الفيديو المصور للواقعة مثالية لإحداث إصابة المجني عليها والمصابين المشاهدة والموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفقة، من حيث المسافة والاتجاه وزاوية الإطلاق، وأن المتهم هو الوحيد من بين الظاهرين بالمقطع المصور الذي يمكنه وضعه من إحداث إصابات المجني عليهم، وأضاف أن وفاة المجني عليها حدثت عقب إصابتها بمدة ما بين 10 إلى 15 دقيقة.
وقال أمين محمود أحمد محمد إنه من خلال مشاهدته مقطع الفيديو والصور الفوتوغرافية الملتقطة لأحداث الواقعة ومعاينته مكانها تبيّن له أن المسافة التي كانت تفصل بين مكان وقوف المتهم ومكان تواجد المجني عليها تقدر بـ8.15 أمتار.
اقرأ أيضاً:"#اكسر_حظر_النشر": هؤلاء هم الضباط قتلة شيماء الصباغ وكريم حمدي
واستعرضت المحكمة الأدلة الفنية التي استندت إليها في إدانة المتهم، ومنها تقرير الصفة التشريحية لجثمان المجني عليها، والذي ثبت به أن الإصابات الموجودة بها ذات طبيعة نارية رشية حيوية حديثة حدثت من عيار ناري يحمل مقذوفات رشية "خرطوش خفيف" أطلقت من سلاح معدّ لإطلاق هذا النوع من الأعيرة، وأن الرش منتشر في مسافة 50 سم في 50 سم بالظهر والوجه؛ مما يشير أن مسافة الإطلاق 8 أمتار في حالة الأسلحة الخرطوش ذات الماسورة الطويلة، وكان اتجاه الإطلاق الأساسي من الخلف للأمام مع ميل للوجه الناحية اليسرى وإلى الخلف، وجاءت الوفاة نتيجة العيار الناري الخرطوش وما أحدثه من تهتك بالرئتين والقلب ونزيف بالتجويف الصدري.
وثبت في تقريري الطب الشرعي أنه بفحص عدد "4" بنادق خرطوش عيار 12 مم تبين أنها سليمة وتعمل وفق الأصول الميكانيكية المتعارف عليها، وقد أطلقت في تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة وإصابات المتوفاة والمصابين جائزة الحدوث من أي منهم.
وأشار تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية إلى أن البندقيتين المسلمتين للمتهم والقوة المرافقة له تطلقان كريات مقذوفات الطلقة الخرطوش في حال تثبيت كأس إطلاق الغاز بها فارغة من القنابل، وفي حالة الإطلاق من مسافة 8 أمتار تكون مساحة انتشارها 35 سم في 35 سم، وفي حالة عدم وجود الكأس تكون مساحة انتشارها 37 سم في 37 سم.
وأضاف التقرير أن الأجسام المعدنية المرفوعة من مكان الحادث هي جزء من مقذوف طلقة خرطوش رش خفيف، وأن آثار التلوثات على ملابس كل من السيد فوزي أبو العلا ومصطفى محمود عبد العال هي لدماء المجني عليها.
وثبت بدفتر السلاح الخاص بالكتيبة الثانية في قطاع ناصر للأمن المركزي استلام المتهم لبندقية خرطوش، وقد أقر المتهم بتحقيقات النيابة وبجلسة المشاهدة بالمحكمة أنه الشخص الملثم الذي ظهر في مقطع الفيديو الذي عرض بجلسة المحكمة من مشاهدة القرص المدمج الذي يحوي مقطع فيديو ظهور المتهم ملثما حاملا بندقية خرطوش مثبتا بفوهتها كأس إطلاق قنابل غاز ويتقدم قوات الشرطة المواجهة للمتظاهرين بنهر الطريق ويصوبها صوب المتظاهرين والمجني عليها بينهم على الرصيف حال هروبهم، وإطلاقه عيارا ناريا تزامن معه سقوط المجني عليها أرضا، ثم أعقبه بعيار ناري آخر، وذلك حال مرور السيارة الأجرة قيادة شاهد الإثبات الثالث، ثم استبدل المتهم البندقية التي أطلقت العيارين الناريين ببندقية أخرى وأطلق منها قنبلة غاز.
وردت المحكمة على الدفاعات المبداة من دفاع المدعين بالحق المدني والمتهمين الذين التمسوا تعديل القيد والوصف للاتهام المسند إلى المتهم ليكون قتلا عمدا مع سبق الإصرار والترصد والشروع في القتل العمد، وبالتصدي بإدخال متهمين لم يشملهم أمر الاحالة، حيث قالت المحكمة إن هذا الطلب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اقتنعت بها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطتها في استخلاص صورة الواقعة التي أطمأن إليها وجدانها، إضافة إلى أن حق التصدي جائز لمحكمة الموضوع ومن ثم يتعين رفض ذلك الطلب والالتفات عنه.
اقرأ أيضاً:محكمة مصرية تنظر طعناً على براءة 17 قيادياً اشتراكياً
وبالنسبة لدفاع المتهم، والذي قام كل من محاميه بتقديم قرص مدمج وطلب عرضه، فإن الثابت من عرض القرص المدمج المقدم من المدافع الأول الحاضر مع المتهم أن المشاهد التي حواها ذلك القرص جاءت خالية من أطراف الواقعة محل الاتهام، وتختلف مكانيا عن مكان حدوث الواقعة، إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى ما قرره رئيس النيابة العامة الحاضر بجلسة المحاكمة بأن محتوى هذا القرص سالف الذكر خاص بواقعة سابقة على الواقعة محل الاتهام، وفي مكان يخالف مكان الواقعة الراهنة، وأيده في ذلك دفاع المدعين بالحق المدني الذي أكد أن محتوى ذلك القرص لواقعة حدثت بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني الماضي ومقيدة برقم 699/2015 جنح قصر النيل، ومن ثم لا تطمئن المحكمة إلى ما حواه ذلك القرص المدمج لمخالفته للواقع والحقيقة ولا تعول عليه.
وأوضحت المحكمة أنه بالنسبة للقرص المدمج المقدم من المدافع الثاني الحاضر مع المتهم فلم يحدد مصدره، وقرر أنه مقدم من فاعل خير، وبعرضه بجلسة المحاكمة تبين أنه يحوى تحليلا بعيدا كل البعد عن الواقع والحقيقة، وأجري به تقطيع وتدخل لتشكيك المحكمة في ما قدمته النيابة العامة من مشاهد للحادث من مصادر إعلامية معلومة وشهد مصوروها بحلف اليمين بتحقيقات النيابة، وثبت بتقرير لجنة وزارة الاتصالات عدم وجود أي تدخل في تلك الأقراص واطمأنت المحكمة إليها وإلى ما حوت من مشاهد الحادث، وتأييد ذلك بإقرار المتهم بالتحقيقات وأمام المحكمة بأنه الشخص الملثم الذي يحمل البندقية ويقف في نهر الطريق، ومن ثم يكون ذلك القرص المدمج ما هو إلا وجه من وجوه الدفاع لا يتطابق مع أي دليل من أدلة الدعوى القولية أو الفنية السالف بيانها، الأمر الذي يتعين عدم التعويل عليه والالتفات عنه ورفضه.
وعن سبق الإصرار فمردود عليه أنه من المقرر قانونا أن سبق الإصرار وفقا للمادة 231 عقوبات، أن الاصرار هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب الجريمة بغرض إيذاء شخص معين، سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أم وقوفا على شرط، ولما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المتهم ضابط بالأمن المركزي وعلى علم ودراية بالأسلحة المسلمة إليه وطرق استخدامها وإعدادها لإطلاق أنواع الذخائر المختلفة، وثبت من المشاهد المصورة المسجلة على الأقراص المدمجة المرفقة بالأوراق، والتي تم عرضها بجلسة المحاكمة أن السلاح الذي ظهر بيدي المتهم مصوبا تجاه المتظاهرين كان معبأ مسبقا بأعيرة نارية خرطوش قبل ملاحقته المتظاهرين، وما إن ظفر بهم أطلق صوبهم عيارين ناريين خرطوش أصابا المجني عليهم وأدى إحداهما إلى وفاة المجني عليها من دون القيام بالوسائل والمراحل المبينة في المادتين 12 و13 من القانون رقم 107 لسنه 2013، بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المحددة على سبيل الحصر، وفقا لتدرج محدد قانونا، إضافة إلى تزامن إطلاق المتهم للعيارين الناريين مع إصابة المجني عليهم حسبما شهد به شهود الإثبات، والمؤيدة بتقارير الطب الشرعي والأدلة الجنائية، الأمر الذي يتحقق معه ثبوت سبق الإصرار بحق المتهم وفقا لصحيح الواقع والقانون، ويتعين رفض ما أبداه دفاعه في هذا الشأن.
وأوضحت الحيثيات ردا على دفاع المتهمين بقصور تقرير الطب الشرعي والأدلة الجنائية وطلب التحقيق في ما ورد في تقرير الطب الشرعي الاستشاري المقدم من دفاع المتهم فمردود عليه أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل في ما يوجه إليه من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، ولما كان ما تقدم فقد أطمأنت المحكمة إلى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليها وتقريري الطب الشرعي للمجني عليهما والأدلة الجنائية لبناء تلك التقارير على أسس سليمة ومطابقة لباقي أدلة الدعوى، ومن ثم يتعين رفض ذلك الدفع.
وختمت المحكمة حيثياتها قائلة إنها اطمأنت إلى أدلة الثبوت آنفة البيان ووثقت بها، فإنها تعرض عن إنكار المتهم وتعتبره ضربا من ضروب الدفاع قصد به الإفلات من العقاب وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سندا في الأوراق ولا تعول عليه المحكمة.
وأضاف التقرير أن الأجسام المعدنية المرفوعة من مكان الحادث هي جزء من مقذوف طلقة خرطوش رش خفيف، وأن آثار التلوثات على ملابس كل من السيد فوزي أبو العلا ومصطفى محمود عبد العال هي لدماء المجني عليها.
وثبت بدفتر السلاح الخاص بالكتيبة الثانية في قطاع ناصر للأمن المركزي استلام المتهم لبندقية خرطوش، وقد أقر المتهم بتحقيقات النيابة وبجلسة المشاهدة بالمحكمة أنه الشخص الملثم الذي ظهر في مقطع الفيديو الذي عرض بجلسة المحكمة من مشاهدة القرص المدمج الذي يحوي مقطع فيديو ظهور المتهم ملثما حاملا بندقية خرطوش مثبتا بفوهتها كأس إطلاق قنابل غاز ويتقدم قوات الشرطة المواجهة للمتظاهرين بنهر الطريق ويصوبها صوب المتظاهرين والمجني عليها بينهم على الرصيف حال هروبهم، وإطلاقه عيارا ناريا تزامن معه سقوط المجني عليها أرضا، ثم أعقبه بعيار ناري آخر، وذلك حال مرور السيارة الأجرة قيادة شاهد الإثبات الثالث، ثم استبدل المتهم البندقية التي أطلقت العيارين الناريين ببندقية أخرى وأطلق منها قنبلة غاز.
وردت المحكمة على الدفاعات المبداة من دفاع المدعين بالحق المدني والمتهمين الذين التمسوا تعديل القيد والوصف للاتهام المسند إلى المتهم ليكون قتلا عمدا مع سبق الإصرار والترصد والشروع في القتل العمد، وبالتصدي بإدخال متهمين لم يشملهم أمر الاحالة، حيث قالت المحكمة إن هذا الطلب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اقتنعت بها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطتها في استخلاص صورة الواقعة التي أطمأن إليها وجدانها، إضافة إلى أن حق التصدي جائز لمحكمة الموضوع ومن ثم يتعين رفض ذلك الطلب والالتفات عنه.
اقرأ أيضاً:محكمة مصرية تنظر طعناً على براءة 17 قيادياً اشتراكياً
وبالنسبة لدفاع المتهم، والذي قام كل من محاميه بتقديم قرص مدمج وطلب عرضه، فإن الثابت من عرض القرص المدمج المقدم من المدافع الأول الحاضر مع المتهم أن المشاهد التي حواها ذلك القرص جاءت خالية من أطراف الواقعة محل الاتهام، وتختلف مكانيا عن مكان حدوث الواقعة، إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى ما قرره رئيس النيابة العامة الحاضر بجلسة المحاكمة بأن محتوى هذا القرص سالف الذكر خاص بواقعة سابقة على الواقعة محل الاتهام، وفي مكان يخالف مكان الواقعة الراهنة، وأيده في ذلك دفاع المدعين بالحق المدني الذي أكد أن محتوى ذلك القرص لواقعة حدثت بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني الماضي ومقيدة برقم 699/2015 جنح قصر النيل، ومن ثم لا تطمئن المحكمة إلى ما حواه ذلك القرص المدمج لمخالفته للواقع والحقيقة ولا تعول عليه.
وأوضحت المحكمة أنه بالنسبة للقرص المدمج المقدم من المدافع الثاني الحاضر مع المتهم فلم يحدد مصدره، وقرر أنه مقدم من فاعل خير، وبعرضه بجلسة المحاكمة تبين أنه يحوى تحليلا بعيدا كل البعد عن الواقع والحقيقة، وأجري به تقطيع وتدخل لتشكيك المحكمة في ما قدمته النيابة العامة من مشاهد للحادث من مصادر إعلامية معلومة وشهد مصوروها بحلف اليمين بتحقيقات النيابة، وثبت بتقرير لجنة وزارة الاتصالات عدم وجود أي تدخل في تلك الأقراص واطمأنت المحكمة إليها وإلى ما حوت من مشاهد الحادث، وتأييد ذلك بإقرار المتهم بالتحقيقات وأمام المحكمة بأنه الشخص الملثم الذي يحمل البندقية ويقف في نهر الطريق، ومن ثم يكون ذلك القرص المدمج ما هو إلا وجه من وجوه الدفاع لا يتطابق مع أي دليل من أدلة الدعوى القولية أو الفنية السالف بيانها، الأمر الذي يتعين عدم التعويل عليه والالتفات عنه ورفضه.
وعن سبق الإصرار فمردود عليه أنه من المقرر قانونا أن سبق الإصرار وفقا للمادة 231 عقوبات، أن الاصرار هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب الجريمة بغرض إيذاء شخص معين، سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أم وقوفا على شرط، ولما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المتهم ضابط بالأمن المركزي وعلى علم ودراية بالأسلحة المسلمة إليه وطرق استخدامها وإعدادها لإطلاق أنواع الذخائر المختلفة، وثبت من المشاهد المصورة المسجلة على الأقراص المدمجة المرفقة بالأوراق، والتي تم عرضها بجلسة المحاكمة أن السلاح الذي ظهر بيدي المتهم مصوبا تجاه المتظاهرين كان معبأ مسبقا بأعيرة نارية خرطوش قبل ملاحقته المتظاهرين، وما إن ظفر بهم أطلق صوبهم عيارين ناريين خرطوش أصابا المجني عليهم وأدى إحداهما إلى وفاة المجني عليها من دون القيام بالوسائل والمراحل المبينة في المادتين 12 و13 من القانون رقم 107 لسنه 2013، بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المحددة على سبيل الحصر، وفقا لتدرج محدد قانونا، إضافة إلى تزامن إطلاق المتهم للعيارين الناريين مع إصابة المجني عليهم حسبما شهد به شهود الإثبات، والمؤيدة بتقارير الطب الشرعي والأدلة الجنائية، الأمر الذي يتحقق معه ثبوت سبق الإصرار بحق المتهم وفقا لصحيح الواقع والقانون، ويتعين رفض ما أبداه دفاعه في هذا الشأن.
وأوضحت الحيثيات ردا على دفاع المتهمين بقصور تقرير الطب الشرعي والأدلة الجنائية وطلب التحقيق في ما ورد في تقرير الطب الشرعي الاستشاري المقدم من دفاع المتهم فمردود عليه أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل في ما يوجه إليه من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، ولما كان ما تقدم فقد أطمأنت المحكمة إلى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليها وتقريري الطب الشرعي للمجني عليهما والأدلة الجنائية لبناء تلك التقارير على أسس سليمة ومطابقة لباقي أدلة الدعوى، ومن ثم يتعين رفض ذلك الدفع.
وختمت المحكمة حيثياتها قائلة إنها اطمأنت إلى أدلة الثبوت آنفة البيان ووثقت بها، فإنها تعرض عن إنكار المتهم وتعتبره ضربا من ضروب الدفاع قصد به الإفلات من العقاب وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سندا في الأوراق ولا تعول عليه المحكمة.