"القضم البطيء" والحصار لإنهاك الغوطة الشرقية... ميدعا نموذجاً

11 يوليو 2016
مقاتل من المعارضة في الغوطة الشرقية (عمّار البوشي/الأناضول)
+ الخط -

تتواتر أخبار تقدّم قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها، في الغوطة الشرقية لدمشق، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، مع "جبهة النصرة"، وكان آخرها، خبر السيطرة على مزارع وبلدة ميدعا، التابعة لمدينة دوما، التي تمثل بوابة الغوطة من الجهة الشرقية.

وقد سيطرت قوات النظام والمليشيات الموالية لها على ميدعا، يوم السبت، عقب 12 يوماً من العمليات العسكرية العنيفة، بغطاءٍ جوي من الطيران الحربي والمروحي، وسقطت على البلدة ومحيطها آلاف القذائف باختلاف أنواعها، في سياق سياسة "الأرض المحروقة"، التي يعتمدها النظام للتضييق على مناطق المعارضة وإخضاعها لحصار مطبق، يتم عبره مساومتها على الرضوخ لـ"هدن الجوع" التي يسوّقها، تحت ما يُسمّى "المصالحات".

في هذا السياق، تفيد مصادر معارضة من الغوطة الشرقية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "النظام يعتمد منذ أشهر سياسة القضم البطيء، عبر اعتماده سياسة الأرض المحروقة، إذ يسيطر على المنطقة ويشيّد بها تحصيناته قبل الانتقال إلى منطقة أخرى". ويلفت إلى أن "تقدّم قوات النظام يتمّ في أغلب الأوقات ضمن الأراضي الزراعية المكشوفة للطيران، الذي يكون له الدور الأبرز في عملية التقدم التي يحققها".

وتضيف المصادر بأن "سيطرة النظام على ميدعا، يعتبر ضربة قاسية لجيش الإسلام، لكونها خاضعة لسيطرته، ولما تُشكّله من أهمية استراتيجية. فهي النقطة الأبعد شرقاً للغوطة، وعدا عن كونها عبارة عن أرض زراعية تُشكّل أحد موارد أهل الغوطة، إلا أنها أيضاً بوابة الخير إلى الضمير، التي تشهد نزاعاً بينه وبين تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). كما أن ميدعا بوابة هذا الجيش إلى جبال القلمون، التي تشهد كذلك صراعات مع داعش، وتؤمن جزءاً من احتياجات جيش الإسلام من أسلحة وذخائر وأموال". وتفيد المعلومات المتقاطعة بأن "قوات النظام ستواصل عملياتها العسكرية للتقدم باتجاه بلدة الميدعاني وحوش الفارة".




من جهته، يشير الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية حسان تقي الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "ميدعا منطقة زراعية كبيرة، وخسارتها تعني خسارة جديدة بالمناطق الزراعية التي يعتمد عليها الأهالي لإنتاج محاصيلهم". ويبيّن أن "النظام يعمل بهذا التقدم على محاصرة مئات آلاف الناس داخل المدن. وهو ما سينعكس بشكل سلبي على واقع المعيشة داخل الغوطة الشرقية". كما يرى بأنه "في حال بقي وضع الفصائل داخل الغوطة على حاله، ولم يعودوا إلى سابق عهدهم ورجع العمل على الجبهات سيكون هناك عواقب سيندم عليها الجميع".

ويعيد متابعون أسباب التقدم التي يحققها النظام ومليشياته، إلى "الدعم الروسي، والصراعات داخل الغوطة، تحديداً بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن وجبهة النصرة وجيش الأمة. وأفادت تقارير صدرت قبل أسابيع أن هناك تواصلاً بين الروس وجيش الأمة، في محاولة لدعمه والعمل على تقليب الفصائل على جيش الإسلام".

ويلفتون إلى أن "النظام يعمل على استنزاف الغوطة ومواردها، ويحرمها من أراضيها الزراعية، في وقت يُدخل لها عبر حواجزه المواد الغذائية بأسعار مضاعفة، ما يزيد من أعبائهم المعيشية. وتفيد معلومات شبه مؤكدة أن حواجز النظام تُسهّل عبور المقاتلين والمدنيين من الغوطة إلى القلمون والضمير مقابل مبالغ مالية".

ويضيفون أن "سياسة النظام تفضي إلى تغير موازين القوى في الغوطة الشرقية، بفعل التضييق على جيش الإسلام، إن كان عبر المعابر والأنفاق التي يسيطر عليها أو المساحات الجغرافية. وذلك في وقت تُمنح فيه فصائل أخرى هذه التسهيلات، وكل ذلك يحدّد يوماً بعد آخر بانفجار اقتتال داخلي، سيستنزف الفصائل في الغوطة ويضعفها، لتلاقي مصيراً يشابه غيرها من المناطق التي قبلت مكرهة بمهادنة النظام، ومنها من أخلى مناطق وجوده لمصلحة النظام".

في سياق آخر، أفاد الناشط الإعلامي في ريف دمشق، وسام الدمشقي، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "انتحارياً من تنظيم داعش فجّر نفسه ليل السبت الأحد، بأحد مقارّ جيش الإسلام في مدينة الضمير، والذي كان يُستخدم مطبخاً، ما تسبب بمقتل 14 شخصاً، بينهم أطفال".

وسبق لمسلحي "داعش" أن انسحبوا من مدينة الضمير في شهر إبريل/نيسان الفائت، بعد سلسلة من المواجهات الدامية بين الفصائل داخل المدينة وعبر رعاية أممية. مع ذلك يُتوقع أن يكون التنظيم قد ترك وراءه خلايا نائمة، قد تنفذ خلال الفترة المقبلة عمليات انتحارية تطاول الفصائل المعارضة المسيطرة على المدينة. ويعمل النظام على تقسيم الغوطة إلى قسمين، بالتزامن مع فتح قنوات اتصال مع بعض الفصائل، في محاولة منه لبث الفتن والعمل على خلق اقتتال داخلي بين مختلف الفصائل، بعد أن شهدت الأسابيع الماضية اقتتالاً بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن.

وكان النظام قد استطاع خلال الفترة الماضية السيطرة على مناطق عدة على أطراف الغوطة الشرقية، كان أكبرها في 20 من مايو/أيار الماضي، بسيطرته على 13 قرية ومزرعة في الغوطة الشرقية، تبلغ مساحتها 40 كيلومتراً مربّعاً. وعمل على طرد مسلحي جبهة النصرة وأحرار الشام وفيلق الرحمن، من قرى بياض شبعا، وزبدين، وحرستا القنطرة، وبزينة، ودير العصافير، وأرض النحاسية، وحوش الحمصي، والركابية، وأرض الشرطوط، وأرض الكسار، والعضدية، ونولة، وبالا القديمة وفقاً لما أفاد في حينه موقع "سبوتنيك" الروسي.