وناقش أكثر من 32 باحثاً من تونس والمغرب والجزائر والسودان وفلسطين ولبنان والعراق ومصر الحراك السياسي والانتقال الديمقراطي من خلال تجارب بعض البلدان المغاربية والعربية.
وقال مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، فرع تونس، الدكتور مهدي مبروك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "المركز العربي" بحث السياقات الانتقالية والحركات الاحتجاجية، مبيناً "أننا نقف اليوم على مفارقة مفادها بأن الربيع العربي كان من المفترض أن يكون محلاً للسلم الاجتماعي، إلا أنه أجج موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات يعود السبب فيها إلى عجز النخبة والطبقة السياسية عن تأطير الحركات الاجتماعية وتثمينها وتحقيق مطالبها".
وأكّد مبروك أنه "أمام نظرية الخيبة والإحباط ظهر البحث عن أطر جديدة تخرج عن الإطار الكلاسيكي، أي الأحزاب والمنظمات النقابية، في ظل العنفوان الشبابي الذي أصبح يفيض عن أي أوعية تقليدية".
من جانبه، أفاد الباحث الفلسطيني، إيهاب محارمة، لـ"العربي الجديد"، بأن "المقاومة الشعبية الفلسطينية شهدت انزياحاً في مقاومة المحتل، وأن الانتفاضة الفلسطينية تعاني عسراً في الولادة"، معتبراً أنّ "الحركات الاجتماعية الفلسطينية عرفت في الفترات الأخيرة تراجعاً حقيقياً"، وموضحاً أن وراء ذلك كثير من الأسباب ومنها: سياسات السلطة الفلسطينية من جهة، وتضخيم موازنة قطاع الأمن الذي أثر على توجه الفلسطينيين في تحركاتهم ضد الاحتلال.
وبيّن محارمة أنّ عوامل عدة ضربت الوعي لدى الفلسطينيين لاستكمال خيارهم في المقاومة والانتفاضة الثالثة، معتبراً أنه لا بد من حركات تدفع المقاومة من جديد وتعمل على وضع استراتيجية تعزّز الفلسطينيين على مزيد من الصمود والنضال.
وأضاف أنّ الورقة التي قدمها مساء اليوم بعنوان "الحركات الاجتماعية والمقاومة الشعبية: ملامحها وآثارها في ضوء سياسات السلطة الفلسطينية"، بيّنت أن هناك كثيراً من المحطات وحالات الاعتقال لقمع المحتجين ومنعهم من ممارسة حقهم في الاحتجاج ضد الاحتلال، معتبراً أنّ "الفصائل التي غذت في يوم ما الانتفاضة الفلسطينية أصبحت غير قادرة اليوم على دعم الانتفاضة الحالية، ما يكشف عن أزمة سياسية".
أما الباحث المغربي، محمد فاوبار، الذي قدّم مداخلة حول "سمات انتقال سياسي مغربي محجوز"، فقال إنّ الثورات العربية فاقمت الاحتجاجات لأن الأوضاع زادت سوءاً، وبالتالي أصبحت هناك حاجة ماسة إلى ضرورة التعاطي مع الأزمة بإشراك جميع الفعاليات، ولكن الأحزاب السياسية ترى أنها الوحيدة القادرة على التغيير وحل المشاكل.
وأضاف فاوبار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "التجربة المغربية بينت أن أغلب التحركات الاحتجاجية والشعبية تعبر عن أزمة حقيقية، فأغلبها وراءها شباب وهم يقودون الاحتجاجات وبالتالي على السلطة والأحزاب أن تتعامل بموضعية مع هذه التحركات، وأن تتفهم مطالب الشباب لا أن تتجاهل هذه التحركات".
وأكد أن الحركات الاحتجاجية في حاجة إلى الدعم من النخب السياسية، و"لكن هذه النخب ليس لها قابلية لمد يد المساعدة، وهو ما يجعل أغلب التحركات معزولة وليس لها مقرات ولا تمويلات وبعيدة عن اهتمامات الطبقة السياسية".
وعلى هامش الملتقى الدولي لـ"المركز العربي"، قال القيادي في حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الثورة التونسية وتداعياتها "أوجدت حراكاً جديداً، خاصة بعد انكسار حاجز الخوف، وبالتالي أصبح التعبير ممكناً".
وتابع بأن "الأحزاب والطبقة السياسية لم تعد تستجيب لمطالب الفئات ولم تجد الخطاب السياسي المطلوب، وبالتالي لا بد للفاعلين السياسيين من التأقلم مع أصوات الشباب في المنطقة العربية والمغاربية، إذ لدى هذه الفئات مطالبها وأصواتها".
وأضاف أنّ "الإحساس بالتهميش ينتج عنه ردود فعل ويصبح قوة تدمير وقد ينهار البيت بمن فيه، وبالتالي على الساسة الاستماع والإنصات لجميع الفئات لأنه لو تواصل هذا التجاهل لا يمكن التحكم في الحراك والتمرد القادم"، مبيناً أن على الأحزاب السياسية أن تكون أكثر قدرة على تقديم بديل جديد.