سكن جوع اللاجئين السوريين في الخارج وما تركته الحرب في نفسية أطفال الداخل وبطونهم، مجموعة شباب جامعيين التقوا في مطعم صغير يتباحثون في طرائق مساعدة السوريين الذين تحولوا مأساة العصر، فجاءت فكرة تأسيس فريق تطوعي يجمع التبرعات من السوريين وغيرهم، في الداخل والخارج، ليحولوها إلى حفلات ورحلات للأطفال وسلل غذائية للمحتاجين في الداخل السوري المحاصر وفي مخيمات اللجوء في دول جوار سورية، وسموا الفريق "ملهميون" تخليداً لأحد زملائهم، ملهم طريد، من مدينة جبلة الساحلية غربي سورية، الذي استشهد كرمى لهدفه الإغاثي، بعد أن آثر البقاء في سورية والتنقل بين المدن والقرى المحاصرة.
ويقول عاطف نعنوع الذي فضّل تسميته "متطوعاً" وليس مدير فريق التطوع في الداخل السوري: "كانت فكرة مجنونة أو ربما طامحة أكثر من اللزوم، لكنها توّجت بالنجاح، وتحوّلت خلال عامين ونصف عام، من توصيف معاناة ضمن جلسة زملاء جامعيين، إلى فريق تطوعي يزيد أعضاؤه عن الخمسين، وموزعٍ على الداخل السوري وتركيا والأردن ولبنان، ويؤمن احتياجات أكثر من ألفي أسرة، أو الضروري من مستلزماتها".
ويتابع "بدأنا في أكتوبر/تشرين الأول 2012 بحملة الدعم النفسي للأطفال في الداخل، عبر رحلات ترفيهية إلى الحدائق ومدن الملاهي، بهدف بناء جسور علاقة مع الأطفال وذويهم من خلال التشجيع وإطلاق مواهبهم وإعطائهم هدايا بسيطة، علنا نزيح من ذاكرتهم هول ما رأوا وانعكس على تفكيرهم وربما سلوك بعضهم.
وفي الذكرى السنوية للثورة ذهبنا إلى مخيم الزعتري في الأردن، مستهدفين الأطفال أيضاً، من خلال لباسنا شخصيات كرتونية في ما سميناه "كرنفال الأمل"، ونزعم أننا وفقنا بجمع أكثر من 1500 طفل سوري مهجر ومنحهم ولو جزءاً من احتياجهم النفسي والغذائي.
ويتابع نعنوع لـ "العربي الجديد": "تطور بعد ذلك أداؤنا نتيجة بدء وصول التبرعات والمساعدات فبدأنا بالإعلان عن دورات رسم وحفر، وتابعناها بمسرحية صامتة أشرف عليها الفنان المنشق جلال الطويل، تم عرضها ستة أيام وذهبت عائداتها لكفالة 180 طفلاً في الداخل السوري، لنطلق بعدها حملة "بسمة أمل" خلال الأعياد، بهدف شراء ألبسة وألعاب للأطفال، لننطلق بعدئذ لحملات توزيع الغذاء في مخيمات دول جوار سورية، وكل حملة تحمل اسم شهيد".
اقرأ أيضاً: سوريون يبحثون عن الرزق في "أوتار" الغربة
وكانت "خيرك دفا" هي الفارقة ربما ضمن حملات فريق "الملهميون" التي يقول نعنوع حولها: "عند اقتراب فصل الشتاء ونظراً لمعاناة اللاجئين أطلق الفريق حملتين إسعافيتين.. الأولى حملة "خيرك دفا"، وكان الهدف منها تأمين ألف حذاء للأطفال في مخيم الزعتري بقيمة سبعة آلاف دولار، وبعد أسبوع من انطلاقها استطاع الفريق وعن طريق التبرعات الفردية من كل أنحاء العالم جمع مبلغ قدره 79 ألف دولار، ووزع الفريق أكثر من 30 ألف حذاء شتوي "جزمة" لـ 30 ألف طفل في المخيم.
أما حملة الطوارئ فقط استهدفت أكثر من 30 منطقة في الداخل السوري ولبنان والأردن وتركيا وجمع الفريق تبرعات وصلت إلى 400 ألف دولار، خلال الفترة ذاتها، كان الفريق يؤمن أكثر من مائة حالة في البلدان الأربعة منها حالات طبية تصل تكلفتها إلى عشرة آلاف دولار تشمل حالات سرطان وقلب وولادة وعمليات مستعجله للجرحى".
ويعمل فريق "الملهميون" الآن على حملة ضخمة خلال شهر رمضان لتأمين طرود وسلل غذائية للسوريين المحاصرين بالداخل والمهجرين في دول الجوار.
ويقول المتطوع عاطف نعنوع: "لأنه شهر الرحمة وهناك آلاف الأسر السورية بلا موارد وبعضها بلا معيل، أطلقنا حملة "ملهميون في رمضان" لتأمين الغذاء للأسر السورية وتم توزيع الفريق والعمل على محاور عدة، الغوطة الشرقية بريف دمشق لتأمين وجبات إفطار لـ500 من لعائلات الجرحى والمحتاجين. ولدينا حملة في مخيم اليرموك المحاصر جنوبي دمشق لتأمين وجبات إفطار لـ55 أسرة. وتشمل الحملة مدينة دمشق حيث سنوزع سلل لحوم ودجاج وخضار لـ200 أسرة، ومثلها لـ120 عائلة في منطقة الوعر المحاصر بمدينة حمص".
ويضيف نعنوع: وسيطاول عملنا خلال الشهر الفضيل المهجرين خارج سورية حيث سنوزع سللاً غذائية مكونة من لحوم وخضار في منطقتي البقاع وعرسال في لبنان لنحو 500 عائلة و295 عائلة في طرابلس، كما سيوزع الفريق سللاً غذائية لنحو 500 عائلة في الزعتري في الأردن.
ومن الصعوبات التي يواجهها الفريق هي الترخيص وتحويل الأموال، بالرغم من أن الفريق استطاع منذ أسبوع الحصول على الترخيص في تركيا، ولكنه يسعى لأن يُرخص دولياً ليستطيع جمع التبرعات بصورة أكبر، وخصوصاً أن الكثير من الأشخاص يطلبون منا ترخيصاً لأن حكوماتهم تمنعهم من التحويل، وذلك لأسباب أمنيه تتعلق بداعش وما شابه.
اقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون يتأقلمون بسرعة على نمط العيش الجديد بالسويد