في السينما الأميركية، هناك نوع سينمائي محدّد بأفلام المراهقة والمدارس الثانوية، بينما يندر في السينما المصرية أن يتناول فيلمٌ تلك المرحلة العمرية، الممتلئة بالمشاعر والحكايات. "بنات ثانوي" لمحمود كامل رهان ذكيّ (كالعادة) من منتجه أحمد السبكي الذي يجمع عدداً من البطلات الصغيرات، أغلبهنّ شابات، والوحيدة المعروفة نسبياً بينهنّ هي جميلة عوض.
بفضل جاذبية الموضوع واختلافه، واختيار موسم عرض مناسب، يُحقّق الفيلم إيرادات جيّدة، أكثر من المتوقع، في شكلٍ إنتاجي يستدعي التأمّل بجدّية. لكن، بعيداً عن هذا كلّه، ما الذي يحتويه الفيلم نفسه؟
يبدأ "بنات ثانوي" الذي رُوّج له على أنّه عمل لا بد أن ينتظره الجميع، بشكل شبيه جداً بـ Eighth Grade الذي أخرجه بو بورنهام عام 2018: تُسجّل البطلة بثّاً مباشراً لمتابعيها على الهاتف الخلوي. مدخلٌ ذكي للغاية، حتى مع عدم أصالته، إلى عالم الفيلم، لأنّه يتفاعل مع الزمن الحاضر، ويدلّ عليه بأكثر صورة واضحة، ويتيح الفرصة كذلك لتقديم الشخصيات بشكل سريع.
لكن، بعد تلك اللحظة، تنتهي أي علاقة للفيلم بالعالم الحالي، أو بالخيارات السردية والسينمائية الذكية، إذْ يغرق فجأة في متتاليات من القصص الميلودرامية، التي اعتادتها أفلام مصرية مختلفة منذ خمسينيات القرن الماضي، كقصّة فتاة تعيش مع والدها المدمن، المُستعدّ أنّ يزوّجها من رجلٍ فاسد من أجل المخدرات؛ أو قصّة فتاة أخرى تتزوّج حبيبها عُرفياً، لأنّ والدها يرفضه بسبب فرق المستوى الاجتماعي؛ أو قصّة فتاة ثالثة تُغرم بمدرّسها المتزوّج. حكايات من هذا النوع تطرأ على الذهن لأول وهلة عند ذكر تلك المرحلة العمرية، من دون أي تعمّق أو محاولة البحث عن شيء "حقيقي"، ينتمي فعلاً إلى عام 2020. يكفي القول إنّ بعض خطوط "بنات ثانوي" يتشابه مع "المراهقات" لأحمد ضياء الدين، المُنتج عام 1961، أي قبل 49 عاماً.
ما يزيد الأمر سوءاً أداء فريق التمثيل كلّه من دون استثناء، وتحديداً جميلة عوض ومحمد الشرنوبي، إذْ تبدو محاولاتهم جميعهم مُفتعلة جداً لمحاكاة ما يعتقدون أنه "أداء شعبي"، في طريقة نطق الكلمات أو الأداء الجسدي، فيتأكّد في كلّ لحظة أنْ لا هُم ولا المخرج ولا الكاتب يعون فعلاً الطبقة الاجتماعية، أو طبيعة الحياة التي يحاولون تناولها.