في منتصف الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018) لمهرجان "كانّ" السينمائي الدولي، تبدو الحكايات أغزر من أن تُختصر بنص واحد. المدينة برمّتها معنيّة بالمهرجان، وإنْ يبدو السلبيّ في العلاقة بين الطرفين أقوى وأطغى، أحيانًا. الجانب الرسمي "متورّط" بدعم مهرجان يبقى، رغم كلّ شيء، الأول والأهم في خارطة الصناعة السينمائية في العالم. لكن القطاع الخاص يعكس صورة "مُثلى" لواقع الانفضاض والانزعاج والسلبية، الذي يُبرزه فرنسيون من جنسيات عديدة يعملون في مؤسّسات مختلفة، علمًا أن كثيرين ينجذبون إلى المهرجان، ويمضون ساعاتٍ طويلة، غالبًا، للحصول على بطاقة دعوة من ضيوف المهرجان، لمُشاهدة هذا الفيلم أو ذاك.
لن يكون سهلاً على مدينة، تحتضن مهرجانات ونشاطات أخرى عديدة (العمارة وموسيقى الـ"جاز" والمسلسلات التلفزيونية وغيرها)، أن تُخفي قلقها من وفرة القادمين إليها في زمن احتفالها بالفن السابع، وغيره من الاحتفالات. لعلّها تتصرّف إزاء الاحتفال السينمائي بالطريقة نفسها التي تعتمدها في مناسبات أخرى. لكن اللافت للانتباه أن بعض الفرنسيين يُخفي اشمئزازه ونفوره في أسلوبِ ترحيبٍ مُبالغ فيه أحيانًا، أو مُتكلِّف أحيانًا أخرى، بينما يتضّح امتعاض آخرين من خلال تعليق أو مسلكٍ ما.
مؤجّرو شققٍ مفروشة غير عابئين بالنتائج السلبية لزيادة الإيجارات، إذْ يكترثون لمصلحة شخصية بحتة، رغم أن بعضهم موافقٌ على إيجارات سابقة، لمعرفة مديدة بمواظبين على المدينة ومهرجانها، يستأجرون الشقق نفسها عامًا تلو آخر، أو لرغبةٍ في ربحٍ متواضع يقتنعون به. أصحاب المحلات الصغيرة والكبيرة يتأفّفون من تساؤلات ضيوف، أحيانًا، لكنهم مُضطرّون للتعامل معهم.
المُصوّرون الصحافيون يمارسون وظيفتهم بشغفٍ دائم. يأتون قبل موعد الاحتفال الرسمي مساء كل يوم، كي يلتقطوا ما يعتبرونه أفضل الصُوَر الفوتوغرافية (وأغلاها ثمنًا) لنجوم "السجادة الحمراء"، على المدخل الرئيسي لـ"صالة لوي لوميير" في "قصر المهرجانات". التقاط صُوَر لن يخلو أحيانًا من تحية يُلقيها مُصوّر على نجم يعرفه، فيُبادله النجم بتحية أخرى.
هذه تفاصيل. جيل جاكوب (1930)، المندوب العام السابق لمهرجان "كانّ" (1978 ـ 2001) ورئيسه السابق أيضًا (2001 ـ 2014)، يُنبِّه ـ ضمنًا ـ إلى خطورة الانزلاق في فخ الغلاء، لإدراكه أهمية المهرجان بالنسبة إلى المدينة والعالم والسينما. يقول إنّ "كانّ" يجمع، في 12 يومًا، "أناسًا من الدول كلّها، لديهم مشتركٌ واحد: شغف السينما. أولئك الذين يصنعون فنًا، يُظهرون هذا العشق، وأولئك الذين يضعونه في السوق السينمائية يلتقون معًا، علمًا أن لـ"كانّ" خطوة قوية وجبّارة ومتقدّمة على المهرجانات الأخرى، لأن له هذه السوق نفسها، المعروفة بكونها الأهمّ في العالم. هذا كلّه يحدث في مناخٍ يشي بنوعٍ من "الإجازة"، وإنْ يكن العمل قاسيًا. تمنح "كانّ" دُفعةً من الطاقة تكفي لما تبقى من أيامٍ في كل عام".
اقــرأ أيضاً
السوق السينمائية تغلي بحضور كثيفٍ لمهتمّين بصناعة السينما وتجارتها: "12 ألفًا و300 مُشارك في العام الفائت"، يقول مديرها جيروم بايّار، مشيرًا، قبيل افتتاح الدورة الـ71 بوقتٍ قصير، إلى أن الرقم باقٍ كما هو. يُضيف أن الولايات المتحدّة الأميركية تحافظ على ثباتٍ قويّ في السوق، بنسبة تبلغ 20 بالمئة من محترفي المهنة المشاركين: "هناك صعودٌ مستمرّ للصين منذ أعوام عديدة، علمًا أن لها 5 بالمئة من السوق في العام الماضي، ما يعني أنها في المرتبة الـ4 بعد الولايات المتحدّة وفرنسا وإنكلترا". يُجيب عن سؤال عن عدد العروض المهنيّة (أي تلك الخاصة بمنتجين وموزّعين وأصحاب مال ومستثمرين ومهتمّين) المتوقّع بلوغه في الدورة الحالية، بالقول إنه ربما يكون هو نفسه المُحقَّق في العام الفائت: 1400 عرض (هذا كلامٌ سابق لبدء العمل في السوق).
لن يكون سهلاً معرفة تفاصيل دقيقة عن أحوال السوق في الدورة الحالية. هذا يحتاج إلى تقارير موثّقة تُصدرها إدارتها بعد وقتٍ قليلٍ على انتهاء عملها في الدورة الحالية، أي قبل يومين من حفلة ختام الدورة الـ71.
تفاصيل أخرى مُكرّرة عامًا تلو آخر: فبالإضافة إلى مشاهدين شغوفين بالفن السابع ينتظرون من يمنحهم فرصة مُشاهدة فيلمٍ أو أكثر، بإعطائهم بطاقة دعوة، هناك بائعو صحفٍ يصرخون بأعلى الصوت لبيع "منتوجات" تتضمّن ملاحق خاصّة بالمهرجان؛ وشبّان في مقتبل العمر يبتسمون لنقّاد وصحافيين سينمائيين يُسرعون الخطى، صباح كل يوم، لحضور عرضٍ خاص بهم، ملوّحين لهم بمطبوعات يومية مجانية تُصدرها مجلات عريقة متخصّصة بالسينما بمناسبة الدورة الـ71. ومع هطول المطر بغزارة، ساعاتٍ قليلة فقط ظهر الأحد (13 مايو/ أيار 2018)، تحلّق بائعو المظّلات الشتوية حول الخارجين من "قصر المهرجانات"، لعلّهم يربحون بعض المال في ظرفٍ "صعبٍ" كهذا. "الحرس" ومستقبلو المُشاهدين يوميًا هم أنفسهم، بغالبيتهم الساحقة، منذ دورات عديدة سابقة، إلى درجة أن بعض هؤلاء يعرف وجوهًا كثيرة، من دون أن يُبدِّل شيئًا من ملامح الوجه والحركة، للحفاظ على "وقار" المهنة، ومن دون أن "يبتسم" لـ"نكتة" تُقال له أو أمامه.
اقــرأ أيضاً
تختلط الوجوه والأحوال والأهواء. المدينة الفرنسية مفتوحة على سياحة واشتغال و"حضور عالمي بديع". مهرجانها السينمائي أحد منافذ العالم إليها، هي المُعتَبَرة "المنصّة الأولى" في العالم لإطلاق مواهب جديدة وأفلام جديدة، كما لتثبيت براعة مخضرمين ومعتادين "اللجوء" إليها وإلى مهرجانها هذا.
مؤجّرو شققٍ مفروشة غير عابئين بالنتائج السلبية لزيادة الإيجارات، إذْ يكترثون لمصلحة شخصية بحتة، رغم أن بعضهم موافقٌ على إيجارات سابقة، لمعرفة مديدة بمواظبين على المدينة ومهرجانها، يستأجرون الشقق نفسها عامًا تلو آخر، أو لرغبةٍ في ربحٍ متواضع يقتنعون به. أصحاب المحلات الصغيرة والكبيرة يتأفّفون من تساؤلات ضيوف، أحيانًا، لكنهم مُضطرّون للتعامل معهم.
المُصوّرون الصحافيون يمارسون وظيفتهم بشغفٍ دائم. يأتون قبل موعد الاحتفال الرسمي مساء كل يوم، كي يلتقطوا ما يعتبرونه أفضل الصُوَر الفوتوغرافية (وأغلاها ثمنًا) لنجوم "السجادة الحمراء"، على المدخل الرئيسي لـ"صالة لوي لوميير" في "قصر المهرجانات". التقاط صُوَر لن يخلو أحيانًا من تحية يُلقيها مُصوّر على نجم يعرفه، فيُبادله النجم بتحية أخرى.
هذه تفاصيل. جيل جاكوب (1930)، المندوب العام السابق لمهرجان "كانّ" (1978 ـ 2001) ورئيسه السابق أيضًا (2001 ـ 2014)، يُنبِّه ـ ضمنًا ـ إلى خطورة الانزلاق في فخ الغلاء، لإدراكه أهمية المهرجان بالنسبة إلى المدينة والعالم والسينما. يقول إنّ "كانّ" يجمع، في 12 يومًا، "أناسًا من الدول كلّها، لديهم مشتركٌ واحد: شغف السينما. أولئك الذين يصنعون فنًا، يُظهرون هذا العشق، وأولئك الذين يضعونه في السوق السينمائية يلتقون معًا، علمًا أن لـ"كانّ" خطوة قوية وجبّارة ومتقدّمة على المهرجانات الأخرى، لأن له هذه السوق نفسها، المعروفة بكونها الأهمّ في العالم. هذا كلّه يحدث في مناخٍ يشي بنوعٍ من "الإجازة"، وإنْ يكن العمل قاسيًا. تمنح "كانّ" دُفعةً من الطاقة تكفي لما تبقى من أيامٍ في كل عام".
السوق السينمائية تغلي بحضور كثيفٍ لمهتمّين بصناعة السينما وتجارتها: "12 ألفًا و300 مُشارك في العام الفائت"، يقول مديرها جيروم بايّار، مشيرًا، قبيل افتتاح الدورة الـ71 بوقتٍ قصير، إلى أن الرقم باقٍ كما هو. يُضيف أن الولايات المتحدّة الأميركية تحافظ على ثباتٍ قويّ في السوق، بنسبة تبلغ 20 بالمئة من محترفي المهنة المشاركين: "هناك صعودٌ مستمرّ للصين منذ أعوام عديدة، علمًا أن لها 5 بالمئة من السوق في العام الماضي، ما يعني أنها في المرتبة الـ4 بعد الولايات المتحدّة وفرنسا وإنكلترا". يُجيب عن سؤال عن عدد العروض المهنيّة (أي تلك الخاصة بمنتجين وموزّعين وأصحاب مال ومستثمرين ومهتمّين) المتوقّع بلوغه في الدورة الحالية، بالقول إنه ربما يكون هو نفسه المُحقَّق في العام الفائت: 1400 عرض (هذا كلامٌ سابق لبدء العمل في السوق).
لن يكون سهلاً معرفة تفاصيل دقيقة عن أحوال السوق في الدورة الحالية. هذا يحتاج إلى تقارير موثّقة تُصدرها إدارتها بعد وقتٍ قليلٍ على انتهاء عملها في الدورة الحالية، أي قبل يومين من حفلة ختام الدورة الـ71.
تفاصيل أخرى مُكرّرة عامًا تلو آخر: فبالإضافة إلى مشاهدين شغوفين بالفن السابع ينتظرون من يمنحهم فرصة مُشاهدة فيلمٍ أو أكثر، بإعطائهم بطاقة دعوة، هناك بائعو صحفٍ يصرخون بأعلى الصوت لبيع "منتوجات" تتضمّن ملاحق خاصّة بالمهرجان؛ وشبّان في مقتبل العمر يبتسمون لنقّاد وصحافيين سينمائيين يُسرعون الخطى، صباح كل يوم، لحضور عرضٍ خاص بهم، ملوّحين لهم بمطبوعات يومية مجانية تُصدرها مجلات عريقة متخصّصة بالسينما بمناسبة الدورة الـ71. ومع هطول المطر بغزارة، ساعاتٍ قليلة فقط ظهر الأحد (13 مايو/ أيار 2018)، تحلّق بائعو المظّلات الشتوية حول الخارجين من "قصر المهرجانات"، لعلّهم يربحون بعض المال في ظرفٍ "صعبٍ" كهذا. "الحرس" ومستقبلو المُشاهدين يوميًا هم أنفسهم، بغالبيتهم الساحقة، منذ دورات عديدة سابقة، إلى درجة أن بعض هؤلاء يعرف وجوهًا كثيرة، من دون أن يُبدِّل شيئًا من ملامح الوجه والحركة، للحفاظ على "وقار" المهنة، ومن دون أن "يبتسم" لـ"نكتة" تُقال له أو أمامه.