أزمات قطاع التعليم في غزة كثيرة، وكلّها يؤثر سلباً في مصلحة التلاميذ، منها الاكتظاظ الكبير في فصول المدارس الحكومية ومدارس وكالة أونروا
صدم عدد كبير من التلاميذ في مدارس متفرقة في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر باكتظاظ كبير في الفصل الواحد، فبدلاً من جلوس تلميذين على مقعد واحد بات عددهم ثلاثة. هم مضطرون إلى ذلك بالرغم من عدم راحتهم، إذ وصل عدد التلاميذ في الفصل الواحد إلى ستين، وهو ما يجعل البيئة الدراسية غير ملائمة. احتج عدد من أولياء الأمور واضطر بعضهم إلى التوجه إلى المدارس لمحاولة نقل أبنائهم إلى فصول أخرى أو حتى إلى مدارس لا تشهد اكتظاظاً، لكنّهم صدموا بأنّ الحالة عامة في جميع المدارس.
يدرس بسام (سبعة أعوام) ابن محمود المدهون في الصف الثاني في مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منطقة حي النصر. في فصله أكثر من 60 تلميذاً، ونصف المقاعد يشغلها ثلاثة تلاميذ. برر مدرّس الفصل بأنّ هناك اكتظاظاً في بداية العام الدراسي، على أن تعالج المشكلة في الفترة المقبلة مع ترتيب الفصول وفقاً لعدد التلاميذ بشكل مريح. لكنّ ذلك لم يحدث بعد مرور أكثر من أسبوعَين على بداية العام الدراسي، بحسب المدهون الذي يصف الفصل بأنّه "علبة مغلقة".
مشهد اكتظاظ التلاميذ في الفصول يصفه المدهون بالموجع. يشعر بأنّ ابنه منزعج من الروائح الكريهة وتشتيت التركيز، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع أنا البالغ تحمّل مكان مزدحم يجمع 20 فرداً، فما بالك بالطفل الصغير الذي يتحمّل هذا العدد الهائل في فصل واحد طوال السنة. بالرغم من اعتراضي على هذا الاكتظاظ، فقد تراجعت عنه لأنّ المدرسة غير قادرة على فعل أيّ شيء، فقد أخبروني أنّ لا مباني جديدة لاستيعاب التلاميذ الجدد".
تدعو أماني، والدة التلميذة مريم نهيل (تسعة أعوام)، إلى تنظيم مسيرات للمطالبة بإيجاد حلول لعدد التلاميذ الكبير في الصف الدراسي الواحد. فإدارة مدرسة ابنتها في مخيّم جباليا، شماليّ قطاع غزة، أجابت عن سؤالها حول الاكتظاظ قائلة إنّ أزمة أونروا الكبيرة تمنع تأمين مبانٍ جديدة في شمال القطاع لتغطية حاجة الأطفال. تقول نهيل لـ"العربي الجديد" إنّ "مريم كانت تحب المدرسة كثيراً العام الماضي وهي متفوقة في دراستها، وكانت تنتظر العام الدراسي الحالي بفارغ الصبر لأنّ الإجازة الصيفية لم تكن سعيدة. لكنّها صدمت عندما جلست على مقعد مع اثنتَين من زميلاتها، وباتت تعود من المدرسة منزعجة. ولا أعلم ما هو مستقبل أطفالنا في التعليم في ظلّ هذه الأزمات".
اقــرأ أيضاً
في حي الشيخ رضوان في غزة، تسبب احتجاج والد أحد التلاميذ بمشكلة مع إدارة المدرسة الحكومية في 13 سبتمبر/ أيلول الجاري، بعد رفض المدرسة نقل التلميذ إلى مدرسة أخرى. يقول مصعب أبو حطب، والد التلميذ رضا (10 أعوام) إنّ "مشهد الفصول مميت، والمشكلة أنّ الوزارة تنفي وجود اكتظاظ، أمّا المدرسة فرفضت نقل ابني بناء على قرارات الوزارة. في فصل ابني بالصف الرابع 62 تلميذاً".
ينفي مدير التخطيط في وزارة التربية والتعليم، رشيد أبو جحجوح، أن يكون هناك قرار داخلي بزيادة عدد التلاميذ في المدارس الحكومية من الصف الأول حتى الثانوية العامة، مشيراً إلى أنّ النظام العام للوزارة لا يسمح بأن يصل عدد التلاميذ إلى 50 في الفصل الواحد. وبحسب اللوائح، فإنّ النظام يسمح بعدد يتراوح ما بين 40 و45 تلميذاً في الفصل الواحد، لكنّ هناك فصولاً في مناطق مكتظة بالسكان تشهد تكدساً بسبب الظروف التي تعصف بالحكومة الفلسطينية ووكالة أونروا وتمنع إنشاء مبانٍ مدرسية جديدة لقلة التمويل الخارجي.
تكمن صعوبة استيعاب التلاميذ في المدارس الحكومية، بحسب ما يشير أبو جحجوح، في "تدفق عدد إضافي من التلاميذ في ظل الأزمة الاقتصادية. فقد استقبلت مدارس وزارة التربية والتعليم ثلاثة آلاف تلميذ جديد انتقلوا إليها من مدارس خاصة". يضيف أنّ "عدد التلاميذ في المدارس الحكومية كان 235 ألفاً في العام الماضي، لكنّه بلغ هذا العام 268 ألفاً، بالإضافة إلى 280 ألف تلميذ في مدارس أونروا". ويتابع أنّه "في ما يتعلق بالمدارس، فقد افتتحت للعام الجاري تسع مدارس جديدة، من أصل 26 مدرسة كان لا بدّ من فتحها، خصوصاً مع زيادة عدد التلاميذ بعد مغادرة المدارس الخاص. وقد بلغ النقص 16 مدرسة، ونحتاج إلى دعم حتى تحلّ مشكلة الاكتظاظ".
اقــرأ أيضاً
بالإضافة إلى مشكلة الاكتظاظ، فإنّ أزمة التوظيف في قطاع التعليم التابع لحكومة غزة السابقة التي ما زالت تشرف على المدارس، دفعت برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة إلى بحث سدّ الحاجة إلى المدرّسين، فجرى تعيين 180 منهم في مختلف محافظات غزة إنّما بنظام التعاقد السنوي.
صدم عدد كبير من التلاميذ في مدارس متفرقة في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر باكتظاظ كبير في الفصل الواحد، فبدلاً من جلوس تلميذين على مقعد واحد بات عددهم ثلاثة. هم مضطرون إلى ذلك بالرغم من عدم راحتهم، إذ وصل عدد التلاميذ في الفصل الواحد إلى ستين، وهو ما يجعل البيئة الدراسية غير ملائمة. احتج عدد من أولياء الأمور واضطر بعضهم إلى التوجه إلى المدارس لمحاولة نقل أبنائهم إلى فصول أخرى أو حتى إلى مدارس لا تشهد اكتظاظاً، لكنّهم صدموا بأنّ الحالة عامة في جميع المدارس.
يدرس بسام (سبعة أعوام) ابن محمود المدهون في الصف الثاني في مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منطقة حي النصر. في فصله أكثر من 60 تلميذاً، ونصف المقاعد يشغلها ثلاثة تلاميذ. برر مدرّس الفصل بأنّ هناك اكتظاظاً في بداية العام الدراسي، على أن تعالج المشكلة في الفترة المقبلة مع ترتيب الفصول وفقاً لعدد التلاميذ بشكل مريح. لكنّ ذلك لم يحدث بعد مرور أكثر من أسبوعَين على بداية العام الدراسي، بحسب المدهون الذي يصف الفصل بأنّه "علبة مغلقة".
مشهد اكتظاظ التلاميذ في الفصول يصفه المدهون بالموجع. يشعر بأنّ ابنه منزعج من الروائح الكريهة وتشتيت التركيز، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع أنا البالغ تحمّل مكان مزدحم يجمع 20 فرداً، فما بالك بالطفل الصغير الذي يتحمّل هذا العدد الهائل في فصل واحد طوال السنة. بالرغم من اعتراضي على هذا الاكتظاظ، فقد تراجعت عنه لأنّ المدرسة غير قادرة على فعل أيّ شيء، فقد أخبروني أنّ لا مباني جديدة لاستيعاب التلاميذ الجدد".
تدعو أماني، والدة التلميذة مريم نهيل (تسعة أعوام)، إلى تنظيم مسيرات للمطالبة بإيجاد حلول لعدد التلاميذ الكبير في الصف الدراسي الواحد. فإدارة مدرسة ابنتها في مخيّم جباليا، شماليّ قطاع غزة، أجابت عن سؤالها حول الاكتظاظ قائلة إنّ أزمة أونروا الكبيرة تمنع تأمين مبانٍ جديدة في شمال القطاع لتغطية حاجة الأطفال. تقول نهيل لـ"العربي الجديد" إنّ "مريم كانت تحب المدرسة كثيراً العام الماضي وهي متفوقة في دراستها، وكانت تنتظر العام الدراسي الحالي بفارغ الصبر لأنّ الإجازة الصيفية لم تكن سعيدة. لكنّها صدمت عندما جلست على مقعد مع اثنتَين من زميلاتها، وباتت تعود من المدرسة منزعجة. ولا أعلم ما هو مستقبل أطفالنا في التعليم في ظلّ هذه الأزمات".
في حي الشيخ رضوان في غزة، تسبب احتجاج والد أحد التلاميذ بمشكلة مع إدارة المدرسة الحكومية في 13 سبتمبر/ أيلول الجاري، بعد رفض المدرسة نقل التلميذ إلى مدرسة أخرى. يقول مصعب أبو حطب، والد التلميذ رضا (10 أعوام) إنّ "مشهد الفصول مميت، والمشكلة أنّ الوزارة تنفي وجود اكتظاظ، أمّا المدرسة فرفضت نقل ابني بناء على قرارات الوزارة. في فصل ابني بالصف الرابع 62 تلميذاً".
ينفي مدير التخطيط في وزارة التربية والتعليم، رشيد أبو جحجوح، أن يكون هناك قرار داخلي بزيادة عدد التلاميذ في المدارس الحكومية من الصف الأول حتى الثانوية العامة، مشيراً إلى أنّ النظام العام للوزارة لا يسمح بأن يصل عدد التلاميذ إلى 50 في الفصل الواحد. وبحسب اللوائح، فإنّ النظام يسمح بعدد يتراوح ما بين 40 و45 تلميذاً في الفصل الواحد، لكنّ هناك فصولاً في مناطق مكتظة بالسكان تشهد تكدساً بسبب الظروف التي تعصف بالحكومة الفلسطينية ووكالة أونروا وتمنع إنشاء مبانٍ مدرسية جديدة لقلة التمويل الخارجي.
تكمن صعوبة استيعاب التلاميذ في المدارس الحكومية، بحسب ما يشير أبو جحجوح، في "تدفق عدد إضافي من التلاميذ في ظل الأزمة الاقتصادية. فقد استقبلت مدارس وزارة التربية والتعليم ثلاثة آلاف تلميذ جديد انتقلوا إليها من مدارس خاصة". يضيف أنّ "عدد التلاميذ في المدارس الحكومية كان 235 ألفاً في العام الماضي، لكنّه بلغ هذا العام 268 ألفاً، بالإضافة إلى 280 ألف تلميذ في مدارس أونروا". ويتابع أنّه "في ما يتعلق بالمدارس، فقد افتتحت للعام الجاري تسع مدارس جديدة، من أصل 26 مدرسة كان لا بدّ من فتحها، خصوصاً مع زيادة عدد التلاميذ بعد مغادرة المدارس الخاص. وقد بلغ النقص 16 مدرسة، ونحتاج إلى دعم حتى تحلّ مشكلة الاكتظاظ".
بالإضافة إلى مشكلة الاكتظاظ، فإنّ أزمة التوظيف في قطاع التعليم التابع لحكومة غزة السابقة التي ما زالت تشرف على المدارس، دفعت برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة إلى بحث سدّ الحاجة إلى المدرّسين، فجرى تعيين 180 منهم في مختلف محافظات غزة إنّما بنظام التعاقد السنوي.