ارتبط اسم رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة أخيرًا، بالسوق الإعلامي "المضطرب"، خصوصاً بعد ما تردد عن دخوله في أكثر من صفقة لشراء مؤسسات إعلامية، على اعتبار علاقته القوية بالنظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، بما يطرح تخوّفات من الاتجاه "لتأميم الإعلام وتحجيم دوره".
أبو هشيمة، الذي يعتبره البعض "يسير على خطى رجل الأعمال أحمد عز"، بات أحد أبرز رجال الأعمال المقرّبين من النظام الحالي، معتمدًا على مصنعه "حديد المصريين"، ودوره في الحياة السياسية والعامة، من خلال تمويل حزب "مستقبل وطن".
لم يكتفِ رجل الأعمال بشراء أسهم في صحيفة "اليوم السابع" التي يرأس تحريرها خالد صلاح، بل وقرر التوسع في مجال الإعلام بتأسيس شركة مساهمة مصرية لأداء هذا الدور تحت اسم "إعلام المصريين".
في 15 مايو/أيار الماضي، أعلنت شركة أبو هشيمة شراء جميع أسهم قناة "أون تي في"، المملوكة إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، وهو ما اعتبرته الشركة خطوة في إطار استراتيجية لضخّ استثمارات في قطاع الإعلام المصري لاستعادة ما وصفته بـ "الريادة المصرية في القطاع الإعلامي".
ومطلع يونيو/حزيران الماضي، وقّع أبو هشيمة عقد استحواذ على 51 بالمئة من أسهم شركة "بريزنتشين سبورت"، صاحبة حق بث مباريات الدوري المصري الممتاز.
وأعلنت شركة "إعلام المصريين"، في 6 يونيو/حزيران الماضي، عن الاستحواذ على 50
بالمئة من أسهم شركة "مصر للسينما"، تمهيدًا لما قيل إنّه تنفيذ "خطة طموحة لدفع السينما والدراما المصرية خطوة للأمام، وإعادة دور مصر في هذا المجال"، إضافةً إلى إنتاج برامج تلفزيونية.
قفزات أبو هشيمة المتسارعة تجاه الإعلام والعزم على الاستحواذ على المجال بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، وهو ما عبرت عنه بيانات شركته "إعلام المصريين"، يفتح الباب أمام تساؤلات وتكهنات حول الدور الخفيّ الذي يلعبه رجل الأعمال المقرب من نظام السيسي، في تحجيم سوق الإعلام.
فقد ترددت أنباء قوية حول دخول رجل الأعمال في صفقة شراء صحيفتي "الشروق" و"صوت الأمة"، بيد أنه لم يصدر عن الأولى أي نفي أو تأكيد. أما رئيس مجلس إدارة الثانية، فنفى الأمر تمامًا في مداخلة هاتفية على إحدى القنوات التلفزيونية.
وارتبط اسم أبو هشيمة، بصفقتي شراء موقعي "دوت مصر" و"حصل" خلال الأسبوعين الماضيين، خصوصاً مع تسريحهما لعدد كبير من الصحافيين العاملين بهما، ليزيد من التخوفات لدى قطاع واسع من الصحافيين، خوفا من التسريح.
اقــرأ أيضاً
ويكتنف الغموض علاقة أبو هشيمة بشراء "دوت مصر" و"حصل"، بعد نفي المديرة التنفيذية للشركة المالكة للموقعين، رشا الشامي، علاقة أبو هشيمة بالأمر. وقالت الشامي، في بيان لها إن "الشركة استحوذت على الموقعين بداية من الأول من يوليو/تموز 2016، وقد استلمت الشركة موقع حصل في 13 يوليو/تموز الجاري، وتم على الفور اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة لضمان تسكين الموقع ضمن الشركة ماليًا وإداريًا وتقنيًا، حتى يحصل كافة الزملاء في موقع "حصل" على راتب شهر يوليو في موعده المحدد على الرغم من استلام الموقع في منتصف الشهر، وعليه فإن الشركة غير مسؤولة نهائيًّا عن أي مستحقات مالية للعاملين بالموقع قبل الأول من يوليو 2016".
نفي الشامي، جاء في 22 يوليو، بيد أن إضراب الصحافيين في موقع "دوت مصر" بدأ الأربعاء الماضي، على خلفية تسريح نحو 85 صحافياً ومنعهم من دخول المقر للاعتصام، لتبقى التساؤلات حول سبب عدم إصدار الشامي هذا البيان حينما خرجت الأخبار تتحدث عن حسم أبو هشيمة صفقة شراء الموقع، أو حتى مع بداية اعتصام الصحافيين المفصولين.
ويقول أحد صحافيي "دوت مصر"، إنه خلال أزمة المرتبات الشهر الماضي، أبلغوا أن الموقع تم بيعه لرجل الأعمال أبو هشيمة، وأن ياسر سليم، المالك السابق أكد على أنه ليس له علاقة بالموقع منذ بداية الشهر الجاري، وأن شركة "إعلام المصريين" المالك الفعلي.
وفي بيان صحافي لأسرة موقع "حصل"، أعلنوا "إبلاغهم بتسليم الدومين والموقع لشركة "إعلام المصريين" المملوكة لأبو هشيمة، والذي أثبتت الأيام القليلة الماضية أن هناك أزمة صحافة في حياته لأن تعاملاته مع الصحافيين تؤكد أن هناك مخططاً للعبث في هذه المهنة الموقرة التي لا نجيد العمل بسواها وبعد تسليمنا لإدارة دوت مصر التابعة حاليا لأبو هشيمة، فوجئنا بوقف رواتبنا المستحقة منذ شهرين ومطالبتنا بتقليل عدد الصحافيين ومتوقعين مذبحة
صحافية لا تقل وحشية عن مذبحة دوت مصر". وأكدوا: "قررنا وقف العمل في الموقع وعمل بيان صحافي لحين معرفة الإجابة عن هذه الأسئلة.. لماذا يذبح أبو هشيمة الصحافيين؟ وأين حقوقنا الأدبية والمادية؟ وكيف تسكت الدولة عما يحدث في حق شباب الصحافيين برعاية أبو هشيمة؟".
ويرتبط سعي رجل الأعمال للسيطرة على الإعلام، بشكل كبير مع رؤية السيسي نفسه للصحافة، باعتبارها مصدر إزعاج شديد له، وإن كانت في أغلبها موالية وداعمة له باستثناء بعضها أو كتاب المقالات الذين بدأوا يدركون حجم الفشل.
السيسي نفسه، لم يخف غضبه من الإعلام، إذ ألمح مراراً أو تحدث صراحة عما وصفه بـ "الفوضى" حين تطرق لهذا المجال، حتى إنه قال في أحد المناسبات "هشتكيكوا للشعب"، في إطار حديثه عن الانتقادات الموجهة إليه.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر مقربة من دوائر اتخاذ القرار، وجود خطة من السيسي تتعلق بـ"تأميم الإعلام"، للقضاء على "فوضى المواقع التي يصعب السيطرة عليها"، فضلاً عن تصعيد إعلاميين وصحافيين مقربين من النظام الحالي لضبط الأداء والسيطرة التامة على ما ينشر.
وتقول المصادر ذاتها، إن النظام لن يتجه لإغلاق أي وسيلة إعلامية عنوة بالشكل الذي يثير المجتمع الدولي والرأي العام ضده، وإنما يمكن التضييق عليهم من خلال تراجع نسب الإعلانات للصحف الورقية أو شرائها وتصفيتها وتحجيم دورها تماما.
وأنهى أبو هشمية عقود عمل جابر القرموطي وليليان داود من "أون تي في" عقب شرائها من نجيب ساويرس، وترحيل الأخيرة إلى لبنان لتسببها في إزعاج للنظام الحالي. وبذلك أصبح أبوهشيمة يحتفظ بنصيب المالك أو المؤثر المباشر على 3 من المؤسسات الإعلامية الرئيسية "أون تي في" و"النهار" و"اليوم السابع"، وهو بعلاقاته الوطيدة بأجهزة الدولة قادر على تطوير الإمبراطورية لتشمل قنوات دراما وسينما وترفيه. وفي المقابل فإن الرجل مُصرّ على سياسة تحريرية مؤيدة للسيسي على طول الخط، تهاجم المعارضين وتسفّه أفكارهم بانتظام، وتحاول خلق بديل (خاص - رأسمالي) لوسائل الإعلام القومية.
اقــرأ أيضاً
وعلى ضوء احتفاظ محمد الأمين بشبكة "سي بي سي" وصحيفة "الوطن"، وامتلاك أبوالعينين قناة وموقع "صدى البلد" الإلكتروني، يكون رجال الأعمال الثلاثة قد وضعوا أيديهم مباشرة على أكثر من 50 في المائة من إجمالي القيمة السوقية للإعلام المصري، فلم يعد خارج المثلث من المؤسسات الخاصة الكبيرة إلاّ صحف "المصري اليوم"، و"الشروق"، و"البوابة"، وقنوات "دريم" المملوكة لرجل الأعمال، أحمد بهجت، وقناة "العاصمة" المملوكة للنائب البرلماني، سعيد حساسين، وقناة "إل تي سي" محدودة التأثير.
وخارج نطاق رأس المال، تبدو تحركات دائرة السيسي واضحة لإحكام السيطرة على الإعلام، فبينما هي مسيطرة بالوكالة المباشرة وغير المباشرة على مؤسسات الثلاثي أبوهشيمة والأمين وأبوالعينين، فهي أيضاً تدير بصورة أكثر مباشرة موقع "دوت مصر" وفي طريقها الآن
لإطلاق قناة جديدة باسم "دي إم سي" ستكون النسخة المرئية من إذاعة راديو 9090 التي يضع مدير مكتب السيسي سياستها التحريرية بنفسه.
وتتّسم جميع القنوات والصحف التي تتحكم فيها دائرة السيسي بطغيان العنصر البشري التابع مباشرة لمكتبه، من خلال تشغيل مقدمي البرامج والصحافيين والمعدين المنتمين لما يعرف بمجموعة "شباب الإعلاميين"، وهي المجموعة التي يرى مكتب السيسي أنها مؤهلة لقيادة المشهد الإعلامي مستقبلاً، بولاء كامل للدائرة المخابراتية-الرقابية، بدلاً من إعلاميين كأحمد موسى وتوفيق عكاشة أثبتت الأيام، أنهم تابعون بالدرجة الأولى لدوائر داخل النظام، قد تعمل لصالحها الخاص في لحظة معينة.
وتماشياً مع هذه الخطوات التي وصفها بعض من الإعلاميين المقربين من الحكومة بـ"تقليص سوق الإعلام" ووصفها مراقبون مستقلون بـ "تأميم الإعلام"، جاءت موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الإعلام الموحد لتؤكد نظرة الدولة الفوقية للإعلام باعتباره أحد أذرعها الفاعلة. إذ يستهدف المشروع تضييق مساحة الحرية النسبية التي تتمتع بها المواقع الإلكترونية الصحافية الخاصة حالياً، والتي وجد بها الصحافيون ضالتهم في الفرار من قيود الرقابة التي تمارس عليهم كعاملين في مؤسسات قومية أو خاصة مرخصة لدى المجلس الأعلى للصحافة.
ويقول الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتور وحيد عبد المجيد، إن السيسي يريد تطبيق نماذج الدول الشمولية في التعامل مع الإعلام، مع عدم وجود متنفس وآراء معارضة أو وسائل يمكن للمعارضين التعبير فيها عن نفسهم. ويرى عبد المجيد، أن السيسي يريد تنفيذ أحد النموذجين الروسي أو الكوري الشمالي، فهو دائما يبدي إعجابه بالنموذجين في جلسات وكلمات علنية أو أخرى بين المقربين منه. ويؤكد على أن هناك رغبة في السيطرة على الإعلام تماماً، لعدم نشر ما قد يسيء لنظامه في إطار التعبير وفضح الفشل الكبير الذي يصاحب السيسي منذ قدومه للحكم.
اقــرأ أيضاً
لم يكتفِ رجل الأعمال بشراء أسهم في صحيفة "اليوم السابع" التي يرأس تحريرها خالد صلاح، بل وقرر التوسع في مجال الإعلام بتأسيس شركة مساهمة مصرية لأداء هذا الدور تحت اسم "إعلام المصريين".
في 15 مايو/أيار الماضي، أعلنت شركة أبو هشيمة شراء جميع أسهم قناة "أون تي في"، المملوكة إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، وهو ما اعتبرته الشركة خطوة في إطار استراتيجية لضخّ استثمارات في قطاع الإعلام المصري لاستعادة ما وصفته بـ "الريادة المصرية في القطاع الإعلامي".
ومطلع يونيو/حزيران الماضي، وقّع أبو هشيمة عقد استحواذ على 51 بالمئة من أسهم شركة "بريزنتشين سبورت"، صاحبة حق بث مباريات الدوري المصري الممتاز.
وأعلنت شركة "إعلام المصريين"، في 6 يونيو/حزيران الماضي، عن الاستحواذ على 50
قفزات أبو هشيمة المتسارعة تجاه الإعلام والعزم على الاستحواذ على المجال بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، وهو ما عبرت عنه بيانات شركته "إعلام المصريين"، يفتح الباب أمام تساؤلات وتكهنات حول الدور الخفيّ الذي يلعبه رجل الأعمال المقرب من نظام السيسي، في تحجيم سوق الإعلام.
فقد ترددت أنباء قوية حول دخول رجل الأعمال في صفقة شراء صحيفتي "الشروق" و"صوت الأمة"، بيد أنه لم يصدر عن الأولى أي نفي أو تأكيد. أما رئيس مجلس إدارة الثانية، فنفى الأمر تمامًا في مداخلة هاتفية على إحدى القنوات التلفزيونية.
وارتبط اسم أبو هشيمة، بصفقتي شراء موقعي "دوت مصر" و"حصل" خلال الأسبوعين الماضيين، خصوصاً مع تسريحهما لعدد كبير من الصحافيين العاملين بهما، ليزيد من التخوفات لدى قطاع واسع من الصحافيين، خوفا من التسريح.
ويكتنف الغموض علاقة أبو هشيمة بشراء "دوت مصر" و"حصل"، بعد نفي المديرة التنفيذية للشركة المالكة للموقعين، رشا الشامي، علاقة أبو هشيمة بالأمر. وقالت الشامي، في بيان لها إن "الشركة استحوذت على الموقعين بداية من الأول من يوليو/تموز 2016، وقد استلمت الشركة موقع حصل في 13 يوليو/تموز الجاري، وتم على الفور اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة لضمان تسكين الموقع ضمن الشركة ماليًا وإداريًا وتقنيًا، حتى يحصل كافة الزملاء في موقع "حصل" على راتب شهر يوليو في موعده المحدد على الرغم من استلام الموقع في منتصف الشهر، وعليه فإن الشركة غير مسؤولة نهائيًّا عن أي مستحقات مالية للعاملين بالموقع قبل الأول من يوليو 2016".
نفي الشامي، جاء في 22 يوليو، بيد أن إضراب الصحافيين في موقع "دوت مصر" بدأ الأربعاء الماضي، على خلفية تسريح نحو 85 صحافياً ومنعهم من دخول المقر للاعتصام، لتبقى التساؤلات حول سبب عدم إصدار الشامي هذا البيان حينما خرجت الأخبار تتحدث عن حسم أبو هشيمة صفقة شراء الموقع، أو حتى مع بداية اعتصام الصحافيين المفصولين.
ويقول أحد صحافيي "دوت مصر"، إنه خلال أزمة المرتبات الشهر الماضي، أبلغوا أن الموقع تم بيعه لرجل الأعمال أبو هشيمة، وأن ياسر سليم، المالك السابق أكد على أنه ليس له علاقة بالموقع منذ بداية الشهر الجاري، وأن شركة "إعلام المصريين" المالك الفعلي.
وفي بيان صحافي لأسرة موقع "حصل"، أعلنوا "إبلاغهم بتسليم الدومين والموقع لشركة "إعلام المصريين" المملوكة لأبو هشيمة، والذي أثبتت الأيام القليلة الماضية أن هناك أزمة صحافة في حياته لأن تعاملاته مع الصحافيين تؤكد أن هناك مخططاً للعبث في هذه المهنة الموقرة التي لا نجيد العمل بسواها وبعد تسليمنا لإدارة دوت مصر التابعة حاليا لأبو هشيمة، فوجئنا بوقف رواتبنا المستحقة منذ شهرين ومطالبتنا بتقليل عدد الصحافيين ومتوقعين مذبحة
ويرتبط سعي رجل الأعمال للسيطرة على الإعلام، بشكل كبير مع رؤية السيسي نفسه للصحافة، باعتبارها مصدر إزعاج شديد له، وإن كانت في أغلبها موالية وداعمة له باستثناء بعضها أو كتاب المقالات الذين بدأوا يدركون حجم الفشل.
السيسي نفسه، لم يخف غضبه من الإعلام، إذ ألمح مراراً أو تحدث صراحة عما وصفه بـ "الفوضى" حين تطرق لهذا المجال، حتى إنه قال في أحد المناسبات "هشتكيكوا للشعب"، في إطار حديثه عن الانتقادات الموجهة إليه.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر مقربة من دوائر اتخاذ القرار، وجود خطة من السيسي تتعلق بـ"تأميم الإعلام"، للقضاء على "فوضى المواقع التي يصعب السيطرة عليها"، فضلاً عن تصعيد إعلاميين وصحافيين مقربين من النظام الحالي لضبط الأداء والسيطرة التامة على ما ينشر.
وتقول المصادر ذاتها، إن النظام لن يتجه لإغلاق أي وسيلة إعلامية عنوة بالشكل الذي يثير المجتمع الدولي والرأي العام ضده، وإنما يمكن التضييق عليهم من خلال تراجع نسب الإعلانات للصحف الورقية أو شرائها وتصفيتها وتحجيم دورها تماما.
وأنهى أبو هشمية عقود عمل جابر القرموطي وليليان داود من "أون تي في" عقب شرائها من نجيب ساويرس، وترحيل الأخيرة إلى لبنان لتسببها في إزعاج للنظام الحالي. وبذلك أصبح أبوهشيمة يحتفظ بنصيب المالك أو المؤثر المباشر على 3 من المؤسسات الإعلامية الرئيسية "أون تي في" و"النهار" و"اليوم السابع"، وهو بعلاقاته الوطيدة بأجهزة الدولة قادر على تطوير الإمبراطورية لتشمل قنوات دراما وسينما وترفيه. وفي المقابل فإن الرجل مُصرّ على سياسة تحريرية مؤيدة للسيسي على طول الخط، تهاجم المعارضين وتسفّه أفكارهم بانتظام، وتحاول خلق بديل (خاص - رأسمالي) لوسائل الإعلام القومية.
وعلى ضوء احتفاظ محمد الأمين بشبكة "سي بي سي" وصحيفة "الوطن"، وامتلاك أبوالعينين قناة وموقع "صدى البلد" الإلكتروني، يكون رجال الأعمال الثلاثة قد وضعوا أيديهم مباشرة على أكثر من 50 في المائة من إجمالي القيمة السوقية للإعلام المصري، فلم يعد خارج المثلث من المؤسسات الخاصة الكبيرة إلاّ صحف "المصري اليوم"، و"الشروق"، و"البوابة"، وقنوات "دريم" المملوكة لرجل الأعمال، أحمد بهجت، وقناة "العاصمة" المملوكة للنائب البرلماني، سعيد حساسين، وقناة "إل تي سي" محدودة التأثير.
وخارج نطاق رأس المال، تبدو تحركات دائرة السيسي واضحة لإحكام السيطرة على الإعلام، فبينما هي مسيطرة بالوكالة المباشرة وغير المباشرة على مؤسسات الثلاثي أبوهشيمة والأمين وأبوالعينين، فهي أيضاً تدير بصورة أكثر مباشرة موقع "دوت مصر" وفي طريقها الآن
وتتّسم جميع القنوات والصحف التي تتحكم فيها دائرة السيسي بطغيان العنصر البشري التابع مباشرة لمكتبه، من خلال تشغيل مقدمي البرامج والصحافيين والمعدين المنتمين لما يعرف بمجموعة "شباب الإعلاميين"، وهي المجموعة التي يرى مكتب السيسي أنها مؤهلة لقيادة المشهد الإعلامي مستقبلاً، بولاء كامل للدائرة المخابراتية-الرقابية، بدلاً من إعلاميين كأحمد موسى وتوفيق عكاشة أثبتت الأيام، أنهم تابعون بالدرجة الأولى لدوائر داخل النظام، قد تعمل لصالحها الخاص في لحظة معينة.
وتماشياً مع هذه الخطوات التي وصفها بعض من الإعلاميين المقربين من الحكومة بـ"تقليص سوق الإعلام" ووصفها مراقبون مستقلون بـ "تأميم الإعلام"، جاءت موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الإعلام الموحد لتؤكد نظرة الدولة الفوقية للإعلام باعتباره أحد أذرعها الفاعلة. إذ يستهدف المشروع تضييق مساحة الحرية النسبية التي تتمتع بها المواقع الإلكترونية الصحافية الخاصة حالياً، والتي وجد بها الصحافيون ضالتهم في الفرار من قيود الرقابة التي تمارس عليهم كعاملين في مؤسسات قومية أو خاصة مرخصة لدى المجلس الأعلى للصحافة.
ويقول الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتور وحيد عبد المجيد، إن السيسي يريد تطبيق نماذج الدول الشمولية في التعامل مع الإعلام، مع عدم وجود متنفس وآراء معارضة أو وسائل يمكن للمعارضين التعبير فيها عن نفسهم. ويرى عبد المجيد، أن السيسي يريد تنفيذ أحد النموذجين الروسي أو الكوري الشمالي، فهو دائما يبدي إعجابه بالنموذجين في جلسات وكلمات علنية أو أخرى بين المقربين منه. ويؤكد على أن هناك رغبة في السيطرة على الإعلام تماماً، لعدم نشر ما قد يسيء لنظامه في إطار التعبير وفضح الفشل الكبير الذي يصاحب السيسي منذ قدومه للحكم.