قبل موعد الانتخابات البرلمانية بالمغرب، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بدأت أحزاب سياسية تتكتّل وتتّحد من أجل التقدم بلوائح انتخابية موحّدة، فيما عجّلت أحزاب كبرى على إرساء المصالحة الداخلية مع الغاضبين والمحتجين داخلها.
وقد قررت ثلاثة أحزاب توصف بـ"الصغيرة"، وهي: حزب "العهد الديمقراطي"، و"جبهة القوى الديمقراطية"، و"اليسار الأخضر"، التكتّل في تنظيم سياسي موحد، في أفق إعداد لائحة وطنية موحّدة، للنساء والشباب، لدخول غمار الاستحقاقات المقبلة، التي ستسفر عن تعيين حكومة جديدة، تخلف الحكومة التي يرأسها حزب "العدالة والتنمية".
ويؤكد الأمين العام لحزب "العهد الديمقراطي"، نجيب الوزاني، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، حول الخلفيات السياسية لإعلان التوحّد بين الأحزاب الثلاثة المذكورة، أن "الأمر يتعلّق باتفاق يقضي بالتوحّد عوضاً عن التشتت، المُسيطر على المشهد الحزبي الراهن بالمغرب، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية".
ويكشف الوزاني أن "الأحزاب الثلاثة ما يوحّدها أكثر مما يفرقها، كونها متوافقة جميعها على بناء تحالف حزبي، يستجيب لتطلّعات المغاربة، تحديداً بما يتعلق بالعدالة الاجتماعية المنشودة من طرف ملايين المواطنين". ويشير إلى أن "الأحزاب الثلاثة عازمة على منح نَفَسٍ إيجابي للسياسة المغربية، بهدف تحقيق الحداثة والديمقراطية بالبلاد".
ويفيد الوزاني أن "التكتّل بين الأحزاب الثلاثة، التي تنفتح على باقي الأحزاب الراغبة في ولوج هذا المشروع الوحدوي، يأتي في خضمّ مرحلة حساسة يعيشها المشهد الحزبي المغربي الحالي، بالنظر لحالة الركود التي تفرضها أحزاب توصم بالقوية على الحياة السياسية بالبلاد".
ويُعلّق أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، بجامعة الحسن الثاني، في الدار البيضاء، على الحراك الحزبي، أكان بالتوحّد أو بالمصالحة، رشيد مقتدر، قائلاً إن "عملية توحيد العمل السياسي بين مجموعة من الأحزاب وتنسيق عملها في إطار كتلة سياسية موحّدة، عملية صحية وإيجابية".
اقرأ أيضاً: ردود فعل متباينة بعد قبول المغرب ترحيل مهاجريها بألمانيا
ويشترط مقتدر، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تحكم عملية التكتل هذه، سياقات سياسية وتاريخية موضوعية، قد تقوّي من حظوظ نجاح الوحدة، خصوصاً أن من سلبيات الحقل السياسي بالمغرب وآفاته، ظاهرة التشتّت والتشرذم الحزبي، التي تضعف بشكل كبير من قوة الأحزاب السياسية في المنافسة الانتخابية، وفي تشكيل الحكومات".
ويتابع: "إن الوحدة مسألة إيجابية، لأنها تقوي من حظوظ القوى الحزبية في المنافسة الانتخابية، من قبيل تجربة توحد كل من حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي سنة 1996، التي نجم عنها حركة التوحيد والإصلاح. وأيضاً تجربة اليسار الاشتراكي الموحّد سنة 2011، التي ضمّت الحزب الاشتراكي الموحّد، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي".
ويستدرك، إن "الإشكال المطروح، هو استشراء ثقافة سياسية تُسرّع من ديناميات الوحدة والتصالح بين الأحزاب، وتنسيق العمل السياسي، عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية". ويردف إن "غالبية هذه التكتلات والمصالحات، وإن كانت في جوهرها عملية صحية، إلا أنها تفتقد رؤى سياسية استراتيجية ومرجعيات أيديولوجية متقاربة، بل تظل محكومة للأسف برهانات سياسية وانتخابية على الأبواب".
ويخلص مقتدر إلى أن "نقطة ضعف هذه المشاريع الوحدوية بين الأحزاب، أنها موسمية وظرفية تتسم بالهشاشة، وسرعان ما تنحلّ أو تتأزم ببدء مفاوضات التحالفات لتكوين الأغلبية المساندة للحكومة، فتبدأ بذلك اصطفافات سياسية جديدة بين أغلبية ومعارضة سندها المصلحة والبرغماتية، وهو ما يسيء للعمل السياسي ويضعفه".