لقد عاش الشعب الفلسطيني وما زال حالة تحرر مؤجلة، ينشد تحقيقها بكل أشكال المقاومة المشروعة خلال مسيرته الكفاحية الطويلة التي قدم بها تضحيات جساماً، سببت له كثيراً من الألم والمعاناة، فكانت قضية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي أبلغ دليل.
فمن يصدق أن نحو مليون فلسطيني زُج بهم في غياهب السجون في سرمديةٍ طويلةٍ من القمع والظلم والعذاب المهين.
ومنذ إعلان قيامها عام 1948 أمعنت دولة الاحتلال في انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين، وأن الحجة الأمنية التي تسوقها، ليست مبرراً لانتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان بصورة اعتيادية، وليست مبرراً لأن تمارس أبشع الانتهاكات الجسيمة، بشكل منهجي منظم، وتقترف أسوأ الجرائم الإنسانية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، على اختلاف أعمارهم وشرائحهم الاجتماعية، دون أن تحترم القوانين والاتفاقيات الدولية أو حتى القضايا الإنسانية.
وما جعل إسرائيل تتصرف على أنها دولة فوق القانون وكأنها محمية من الملاحقة والمحاسبة هو غياب مضمون العدالة الدولية في محاسبتها على جرائمها بحق الفلسطينيين، بل ذهبت إسرائيل إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد سعت إلى ترسيخ ثقافة "الإفلات من العقاب"، لدى كل الإسرائيليين، مما شجعهم على التمادي في ارتكاب مزيد من الانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين عامة والأسرى والمعتقلين خاصة.
لهذا كان انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية في الأول من نيسان 2015 حدثاً تاريخياً مهماً، ومدخلاً مهماً لرفع الحصانة عن المحتل وتشكيل سياسة رادعة، وخطوة أولى نحو استحضار "العدالة الدولية الغائبة"، فيما شكل هذا الانضمام أيضاً نصراً للضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم، ومحاولة لوقاية فلسطينيين آخرين من جرائم قد ترتكبها إسرائيل في المستقبل بحقهم.
فقد طالبت فلسطين بتحقيق رسمي في جرائم حرب ارتكبها مسؤولون إسرائيليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقدم الجانب الفلسطيني ثلاثة ملفات أساسية في هذا السياق، تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 والاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية.
وفي يوم الجمعة 20 ديسمبر 2019 أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، أنها قررت فتح تحقيق شامل في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية.
هذا الإعلان قوبل بترحيب فلسطيني واسع، رسمي ومؤسساتي وشعبي، برغم التخوفات من أن تتم ملاحقة مقاومين فلسطينيين بدعوى ارتكابهم جرائم، وخشية أخرى من ردة الفعل الأميركية والأوروبية بتحريض إسرائيلي.
إن ترجمة إعلان الجنائية الدولية، وبالرغم من أهميته، ستكون صعبة أمام "الجنائية الدولية"، خاصة أنه في الأعوام القليلة الأخيرة أصبح عملها مُسيساً، ما يفقدها مصداقيتها في قدرتها على محاسبة الجميع دون تمييز، لذا فمن الأهمية الضغط على "المحكمة الجنائية" لفتح تحقيقات بجرائم إسرائيلية ارتكبت بحق الفلسطينيين عامة والأسرى خاصة، وضرورة اللجوء إلى استخدام كل الأدوات القانونية والآليات الدولية الأخرى لتفعيل مبدأ الملاحقة والمحاسبة.
وهذا يحتاج إلى كثير من المتخصصين الفلسطينيين والمساندين لكي تتابع الجرائم الإسرائيلية، وهناك الكثير من القضايا الموثقة التي تتعلق بجرائم ارتكبها الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين التي يحاسب عليها القانون الدولي، وجرائم أخرى تحتاج من يوثقها، وبرغم أننا ما زلنا ننتظر حتى هذا اليوم توثيق الجرائم الإسرائيلية، فلن نيأس وهذا واجب الكل الفلسطيني، على قاعدة أن الحق لا يسقط بالتقادم وأن المحاسبة آتية لا محال.
ولا شك في أن هناك توافقاً فلسطينياً على أن يكون "ملف الأسرى والمعتقلين" على رأس أجندة القيادة الفلسطينية، وعلى رأس الملفات التي ستحال إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما أن هناك توافقاً على خطورة ما يتعرضون له في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولعل أبرز ما يجعل قضية الأسرى والمعتقلين ذات أولوية أمام محكمة الجنايات الدولية:
أولاً: استمرار الاعتقالات اليومية، والزيادة في أعداد المعتقلين، دون التزام إسرائيل بالضمانات الخاصة بحماية السكان المدنيين، أو بالقواعد الناظمة لحقوق المحتجزين وأماكن احتجازهم، حيث تُعد عمليات اعتقال المواطنين الفلسطينيين بشكل تعسفي انتهاكاً للضمانات القانونية المتصلة بحظر الاحتجاز التعسفي، والتي كفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان، حتى غدت الاعتقالات الإسرائيلية الوسيلة الأكثر قمعاً ودماراً بالفرد والمجتمع الفلسطيني.
ثانياً: تصاعد الانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى في سجون الاحتلال، وفي ظل موجة يمينية إسرائيلية متطرفة وضعتهم هدفاً سياسياً للانتقام منهم، ومصادرة حقوقهم الأساسية والمساس بكرامتهم الإنسانية، دون أن تمتثل للقوانين الدولية في التعامل معهم.
ومارست ضدهم التعذيب والتصفية الجسدية الميدانية، والاقتحامات الليلية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وإصابة العديد منهم، بالإضافة إلى اعتقال الأطفال وتعذيبهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم وتغليظ الأحكام الصادرة بحقهم، والتوسع في استخدام الاعتقال الإداري، ووضع العراقيل أمام زيارات الأهل والتواصل مع المحامين، والعزل الانفرادي، وعدم توفير مستلزمات الحياة الأساسية، واستخدام المعتقلين دروعاً بشرية في مناسبات عدة، وحرمان الأسرى من حقهم في التعليم، وإبعاد مئات المعتقلين عن أماكن سكناهم وغيرها.
ثالثاً: استمرار الاستهتار الإسرائيلي بحياة الأسرى والمعتقلين، والتعمد في إلحاق الأذى والقتل الطبي البطيء، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الأسرى المرضى، وانضمام أسرى جدد الى قائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة لترتفع منذ عام 1967 وحتى عام 2019 إلى 222 شهيداً، بسبب التعذيب والإهمال الطبي أو جراء القتل العمد وإطلاق الرصاص، وأن من بين هؤلاء 15 أسيراً استشهدوا منذ عام 2015، وأن 5 شهداء منهم سقطوا خلال السنة الماضية. وهم: فارس بارود، عمر يونس، نصار طقاطقة، بسام السايح وسامي أبو دياك. وما زالت جثامين ثلاثة منهم محتجزة لدى الاحتلال، هذا بالإضافة إلى مئات من الأسرى المحررين الذين استشهدوا بعد خروجهم من السجن، أو أنهم يعانون من إعاقات جسدية ونفسية أو حسية.
رابعاً: توظيف التشريع لتحقيق أغراض سياسية تتعارض وأبسط التزاماتها التعاقدية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي هذا السياق أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) في الفترة الماضية العديد من التشريعات العنصرية الخطيرة، بدعم وتأييد من كافة أركان النظام السياسي في دولة الاحتلال.
إن إمعان دولة الاحتلال في سن تشريعات وسياسات عنصرية دون رادع سياسي أو قانوني أو أخلاقي لا يمثل انتهاكاً فاضحاً لحقوق الشعب الفلسطيني فحسب، بل يجسد خرقاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي، وإصراراً إسرائيلياً غير مسبوق على تحدي الإرادة والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتذرع سلطات الاحتلال بالدواعي الأمنية لتسن تشريعات تشكل خرقاً جسيماً لقواعد القانون الدولي، وأن هذا الأمر منح الضوء الأخضر لكافة العاملين في المؤسسات الإسرائيلية المختلفة لاقتراف المزيد من الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين على اختلاف فئاتهم العمرية وشرائحهم الاجتماعية.
خامساً: السعي الإسرائيلي إلى تجريد الأسرى الفلسطينيين من صفتهم القانونية وهويتهم النضالية كمحاربين من أجل الحرية، ناضلوا في إطار ما أجازه لهم القانون الدولي، والإساءة إلى شخصيتهم الوطنية وتجريم أعمالهم النضالية، بل واعتبارهم مجرمين وإرهابيين، في محاولة منها لمعاقبة الشعب الفلسطيني وتجريم نضاله المشروع ضد الاحتلال.
إن هذا النضال الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون ومعهم الشعب الفلسطيني ليس جريمة، ونشاطاتهم ليست أعمالاً إرهابية، فهي تندرج في إطار مقاومة مشروعة كفلتها كافة القوانين والمواثيق الدولية، وهذا يستدعي الدفاع عن مكانتهم القانونية وحماية مشروعية كفاحهم.
إن التوجه بقضية الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية بات ضرورة ملحة، من أجل الدفاع عن مكانتهم القانونية ومشروعية نضالهم، في سياق حماية مشروعية النضال الوطني الفلسطيني هذا من جانب، ومن جانب آخر لما يشكله هذا التوجه من قوة ردع لدولة الاحتلال ويؤرق قادتها، ويساهم في إنصاف الضحايا الذين سقطوا شهداء خلف القضبان، وأولئك الذين مرّوا بتجربة الاعتقال، وذاقوا صنوفاً مختلفة من التعذيب، كما ويحمي الآخرين الذين ما زالوا يقبعون في غياهب السجون الإسرائيلية من خطر الموت أو الإصابة بالأمراض والإعاقات المختلفة، إذ لا يمكن للفلسطينيين القبول باستمرار الصمت الدولي وغياب "العدالة الدولية" تجاه ما يحدث في السجون الإسرائيلية بحق الأسرى والمعتقلين القابعين هناك، لذا يتطلع الشعب الفلسطيني وفي المقدمة منهم الأسرى والأسرى المحررون وعوائلهم إلى أن تقوم المحكمة الجنائية بمسؤولياتها القانونية والإنسانية وتحترم دورها وصلاحياتها ونزاهتها، وتدافع بإرادة قوية عن حقوق الإنسان وتحقيق العدالة في فلسطين.
فمن يصدق أن نحو مليون فلسطيني زُج بهم في غياهب السجون في سرمديةٍ طويلةٍ من القمع والظلم والعذاب المهين.
ومنذ إعلان قيامها عام 1948 أمعنت دولة الاحتلال في انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين، وأن الحجة الأمنية التي تسوقها، ليست مبرراً لانتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان بصورة اعتيادية، وليست مبرراً لأن تمارس أبشع الانتهاكات الجسيمة، بشكل منهجي منظم، وتقترف أسوأ الجرائم الإنسانية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، على اختلاف أعمارهم وشرائحهم الاجتماعية، دون أن تحترم القوانين والاتفاقيات الدولية أو حتى القضايا الإنسانية.
وما جعل إسرائيل تتصرف على أنها دولة فوق القانون وكأنها محمية من الملاحقة والمحاسبة هو غياب مضمون العدالة الدولية في محاسبتها على جرائمها بحق الفلسطينيين، بل ذهبت إسرائيل إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد سعت إلى ترسيخ ثقافة "الإفلات من العقاب"، لدى كل الإسرائيليين، مما شجعهم على التمادي في ارتكاب مزيد من الانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين عامة والأسرى والمعتقلين خاصة.
لهذا كان انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية في الأول من نيسان 2015 حدثاً تاريخياً مهماً، ومدخلاً مهماً لرفع الحصانة عن المحتل وتشكيل سياسة رادعة، وخطوة أولى نحو استحضار "العدالة الدولية الغائبة"، فيما شكل هذا الانضمام أيضاً نصراً للضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم، ومحاولة لوقاية فلسطينيين آخرين من جرائم قد ترتكبها إسرائيل في المستقبل بحقهم.
فقد طالبت فلسطين بتحقيق رسمي في جرائم حرب ارتكبها مسؤولون إسرائيليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقدم الجانب الفلسطيني ثلاثة ملفات أساسية في هذا السياق، تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 والاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية.
وفي يوم الجمعة 20 ديسمبر 2019 أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، أنها قررت فتح تحقيق شامل في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية.
هذا الإعلان قوبل بترحيب فلسطيني واسع، رسمي ومؤسساتي وشعبي، برغم التخوفات من أن تتم ملاحقة مقاومين فلسطينيين بدعوى ارتكابهم جرائم، وخشية أخرى من ردة الفعل الأميركية والأوروبية بتحريض إسرائيلي.
إن ترجمة إعلان الجنائية الدولية، وبالرغم من أهميته، ستكون صعبة أمام "الجنائية الدولية"، خاصة أنه في الأعوام القليلة الأخيرة أصبح عملها مُسيساً، ما يفقدها مصداقيتها في قدرتها على محاسبة الجميع دون تمييز، لذا فمن الأهمية الضغط على "المحكمة الجنائية" لفتح تحقيقات بجرائم إسرائيلية ارتكبت بحق الفلسطينيين عامة والأسرى خاصة، وضرورة اللجوء إلى استخدام كل الأدوات القانونية والآليات الدولية الأخرى لتفعيل مبدأ الملاحقة والمحاسبة.
وهذا يحتاج إلى كثير من المتخصصين الفلسطينيين والمساندين لكي تتابع الجرائم الإسرائيلية، وهناك الكثير من القضايا الموثقة التي تتعلق بجرائم ارتكبها الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين التي يحاسب عليها القانون الدولي، وجرائم أخرى تحتاج من يوثقها، وبرغم أننا ما زلنا ننتظر حتى هذا اليوم توثيق الجرائم الإسرائيلية، فلن نيأس وهذا واجب الكل الفلسطيني، على قاعدة أن الحق لا يسقط بالتقادم وأن المحاسبة آتية لا محال.
ولا شك في أن هناك توافقاً فلسطينياً على أن يكون "ملف الأسرى والمعتقلين" على رأس أجندة القيادة الفلسطينية، وعلى رأس الملفات التي ستحال إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما أن هناك توافقاً على خطورة ما يتعرضون له في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولعل أبرز ما يجعل قضية الأسرى والمعتقلين ذات أولوية أمام محكمة الجنايات الدولية:
أولاً: استمرار الاعتقالات اليومية، والزيادة في أعداد المعتقلين، دون التزام إسرائيل بالضمانات الخاصة بحماية السكان المدنيين، أو بالقواعد الناظمة لحقوق المحتجزين وأماكن احتجازهم، حيث تُعد عمليات اعتقال المواطنين الفلسطينيين بشكل تعسفي انتهاكاً للضمانات القانونية المتصلة بحظر الاحتجاز التعسفي، والتي كفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان، حتى غدت الاعتقالات الإسرائيلية الوسيلة الأكثر قمعاً ودماراً بالفرد والمجتمع الفلسطيني.
ثانياً: تصاعد الانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى في سجون الاحتلال، وفي ظل موجة يمينية إسرائيلية متطرفة وضعتهم هدفاً سياسياً للانتقام منهم، ومصادرة حقوقهم الأساسية والمساس بكرامتهم الإنسانية، دون أن تمتثل للقوانين الدولية في التعامل معهم.
ومارست ضدهم التعذيب والتصفية الجسدية الميدانية، والاقتحامات الليلية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وإصابة العديد منهم، بالإضافة إلى اعتقال الأطفال وتعذيبهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم وتغليظ الأحكام الصادرة بحقهم، والتوسع في استخدام الاعتقال الإداري، ووضع العراقيل أمام زيارات الأهل والتواصل مع المحامين، والعزل الانفرادي، وعدم توفير مستلزمات الحياة الأساسية، واستخدام المعتقلين دروعاً بشرية في مناسبات عدة، وحرمان الأسرى من حقهم في التعليم، وإبعاد مئات المعتقلين عن أماكن سكناهم وغيرها.
ثالثاً: استمرار الاستهتار الإسرائيلي بحياة الأسرى والمعتقلين، والتعمد في إلحاق الأذى والقتل الطبي البطيء، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الأسرى المرضى، وانضمام أسرى جدد الى قائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة لترتفع منذ عام 1967 وحتى عام 2019 إلى 222 شهيداً، بسبب التعذيب والإهمال الطبي أو جراء القتل العمد وإطلاق الرصاص، وأن من بين هؤلاء 15 أسيراً استشهدوا منذ عام 2015، وأن 5 شهداء منهم سقطوا خلال السنة الماضية. وهم: فارس بارود، عمر يونس، نصار طقاطقة، بسام السايح وسامي أبو دياك. وما زالت جثامين ثلاثة منهم محتجزة لدى الاحتلال، هذا بالإضافة إلى مئات من الأسرى المحررين الذين استشهدوا بعد خروجهم من السجن، أو أنهم يعانون من إعاقات جسدية ونفسية أو حسية.
رابعاً: توظيف التشريع لتحقيق أغراض سياسية تتعارض وأبسط التزاماتها التعاقدية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي هذا السياق أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) في الفترة الماضية العديد من التشريعات العنصرية الخطيرة، بدعم وتأييد من كافة أركان النظام السياسي في دولة الاحتلال.
إن إمعان دولة الاحتلال في سن تشريعات وسياسات عنصرية دون رادع سياسي أو قانوني أو أخلاقي لا يمثل انتهاكاً فاضحاً لحقوق الشعب الفلسطيني فحسب، بل يجسد خرقاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي، وإصراراً إسرائيلياً غير مسبوق على تحدي الإرادة والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتذرع سلطات الاحتلال بالدواعي الأمنية لتسن تشريعات تشكل خرقاً جسيماً لقواعد القانون الدولي، وأن هذا الأمر منح الضوء الأخضر لكافة العاملين في المؤسسات الإسرائيلية المختلفة لاقتراف المزيد من الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين على اختلاف فئاتهم العمرية وشرائحهم الاجتماعية.
خامساً: السعي الإسرائيلي إلى تجريد الأسرى الفلسطينيين من صفتهم القانونية وهويتهم النضالية كمحاربين من أجل الحرية، ناضلوا في إطار ما أجازه لهم القانون الدولي، والإساءة إلى شخصيتهم الوطنية وتجريم أعمالهم النضالية، بل واعتبارهم مجرمين وإرهابيين، في محاولة منها لمعاقبة الشعب الفلسطيني وتجريم نضاله المشروع ضد الاحتلال.
إن هذا النضال الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون ومعهم الشعب الفلسطيني ليس جريمة، ونشاطاتهم ليست أعمالاً إرهابية، فهي تندرج في إطار مقاومة مشروعة كفلتها كافة القوانين والمواثيق الدولية، وهذا يستدعي الدفاع عن مكانتهم القانونية وحماية مشروعية كفاحهم.
إن التوجه بقضية الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية بات ضرورة ملحة، من أجل الدفاع عن مكانتهم القانونية ومشروعية نضالهم، في سياق حماية مشروعية النضال الوطني الفلسطيني هذا من جانب، ومن جانب آخر لما يشكله هذا التوجه من قوة ردع لدولة الاحتلال ويؤرق قادتها، ويساهم في إنصاف الضحايا الذين سقطوا شهداء خلف القضبان، وأولئك الذين مرّوا بتجربة الاعتقال، وذاقوا صنوفاً مختلفة من التعذيب، كما ويحمي الآخرين الذين ما زالوا يقبعون في غياهب السجون الإسرائيلية من خطر الموت أو الإصابة بالأمراض والإعاقات المختلفة، إذ لا يمكن للفلسطينيين القبول باستمرار الصمت الدولي وغياب "العدالة الدولية" تجاه ما يحدث في السجون الإسرائيلية بحق الأسرى والمعتقلين القابعين هناك، لذا يتطلع الشعب الفلسطيني وفي المقدمة منهم الأسرى والأسرى المحررون وعوائلهم إلى أن تقوم المحكمة الجنائية بمسؤولياتها القانونية والإنسانية وتحترم دورها وصلاحياتها ونزاهتها، وتدافع بإرادة قوية عن حقوق الإنسان وتحقيق العدالة في فلسطين.