يرى مصرف "غولدمان ساكس" في تحليله للتداعيات المرتقبة لزيادة سعر الفائدة الأميركية، أن أسواق المال العالمية، ربما تكون أخطأت في قراءة تعليقات رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي" المركزي الأميركي"، يوم الأربعاء، حيث ارتفعت بقوة، وقارب مؤشر ناسداك 6000 نقطة. وقال إن السيدة يلين تستهدف من رفع الفائدة التقليل من آثار سياسات ترامب التي ربما تؤدي إلى نمو سريع في الاقتصاد تكون له ارتدادات سالبة في المستقبل.
ومن المتوقع أن تظهر تداعيات السياسات النقدية المتشددة التي بدأ تنفيذها مجلس الاحتياط الفدرالي" البنك المركزي الأميركي"، خلال الأسابيع المقبلة على أسواق المال في العالم، خاصة إذا لم تعمل الإدارة الأميركية على تنفيذ خطوات لكبح جماح الدولار، الذي لا تريد له أن يرتفع أكثر ويضر بتنافسية صادراتها في أسواق العالم.
وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد رفع يوم الأربعاء أسعار الفائدة للمرة الثالثة منذ الأزمة المالية في عام 2008، في ظل اشتداد قوة سوق العمل وارتفاع نسبة التضخم نحو المستهدف.
ولكن لماذا تهتم أسواق المال وصناع السياسة في كل العالم بالفائدة الأميركية وليس غيرها؟ ترى مجلة الإيكونومست البريطانية أن الفائدة الأميركية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على أسواق الصرف العالمية التي تقدر قيمة تداولها يومياً بأكثر من 5 ترليونات دولار، حيث يسيطر الدولار على نسبة 80% منها، كما تؤثر كذلك على أسعار الأسهم في البورصات العالمية التي يقدر موقع" موني بروجكت" حجمها بحوالى 69 ترليون دولار. وذلك حتى منتصف فبراير/ شباط الماضي.
كما تؤثر الفائدة على سعر القروض وسنداتها خاصة تلك المقيمة بالدولار. وكلما كانت الفائدة على الدولار مرتفعة كلما ساهم ذلك في جذب أموال للسوق الأميركي. لأن الشركات والأثرياء يرغبون في حماية ثرواتهم والحصول على دخول بالعملة المرتفعة.
وحسب تحليل "غولدمان ساكس"، فإن رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي حرصت على الإعلان عن رفع سعر الفائدة قبل أسبوعين، وهذا على غير العادة، حيث عادة ما تظل خطوات المركزي الأميركي بشان الفائدة طي الكتمان إلى حين إعلانها.
ولكن السيدة يلين كانت قلقة على تأثير الفائدة على الأسواق إذا أعلنت فجأة، وبالتالي رغبت في أن تدخل أسواق المال والمصارف والشركات المالية في حساباتها مبكراً ارتفاع الفائدة حتى لا تضطرب السوق حينما تعلن.
ويذكر أن البنك الفيدرالي الأميركي من أكبر المؤسسات المالية وزناً في العالم من حيث القوة والتأثير من خلال سياساته، حيث تتم متابعة قراراته بصورة تفصيلية من قبل كل المستثمرين في العالم وأي تغيير قد يطرأ على السياسة النقدية الخاصة به تؤثر على أسواق العالم بأكمله، كما ويعتبر الدولار عملة الاحتياط الأجنبي الأولى في العالم، حيث تأخذ حصة 64% من إجمالي الاحتياطي النقدي العالمي الذي تحتفظ به البنوك المركزية في العالم. وذلك حسب إحصائيات صندوق النقد الدولي الأخيرة.
وسعر الفائدة هو السعر الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية، سواء أكان استثماراً لمدة ليلة واحدة أم لمدة شهر أو أكثر. ويعد هذا السعر مؤشراً لأسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التي ينبغي ألا تقل عن سعر البنك المركزي، كما يساعد سعر الفائدة البنك المركزي في التحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر صعوداً ونزولاً على المدى المتوسط.
ورفع الفائدة يعني كبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق مما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم . ويقترب التضخم الأميركي حالياً من نسبة 2.0%، وهو في النطاق الذي توقعه الاحتياط الفدرالي ولا يريد له أن يرتفع فوق هذا المعدل.
وتتحدد أسعار الفائدة الأميركية بناء على عدة عوامل داخلية وخارجية تأخذ في الحسبان، النمو الاقتصادي العالمي ونمو الاقتصاد الأميركي ومستوى المؤشر السعري للدولار مقابل العملات الرئيسية. كما تؤثر الفائدة الأميركية بشكل مباشر على السندات الأميركية وسندات " اليورو"، أي السندات التي تصدر خارج أميركا بالدولار.