وأطلقت مجموعة "من أجل سورية" حملة لحشد الدعم الشعبي للمنظومة الإغاثية الأشهر في سورية لنيل الجائزة. وقالت المجموعة في حملتها إنه "في كل صباح، يستيقظ أبطال الدفاع المدني ليقوموا بعملهم في إنقاذ الأرواح، فيما يحاول البعض إزهاق هذه الأرواح. هذه المجموعة من عمال الإنقاذ المتطوعين أنقذت 60 ألف شخص في سورية، لذلك تتعرض لهجوم مستمر. بسبب عملها السلمي والحيادي، رشّحت لنيل جائزة نوبل للسلام في العام 2016".
ودعت المجموعة الجميع للتوقيع على حملة الدعم الشعبي لأفراد الدفاع المدني، لافتة إلى "أننا لسنا جزءاً من الدفاع المدني، لكننا نعتقد أن ما يفعلونه مدهشاً. ويجب أن يكون نشاطهم مدعوماً من قبل الناس في جميع أنحاء العالم".
وبخلاف معظم المرشّحين الآخرين للجائزة، تضم منظومة "الدفاع المدني السوري" عدداً من أصحاب المهن المختلفة، من خياطين وكهربائيّين ومدرّسين وغيرهم من الذين اتخذوا القرار الأصعب والأسمى في حياتهم، وهو التطوع في المنظمة رغم الخطر الشديد على حياتهم. أراد هؤلاء إنقاذ حياة الناس وانتشال الناجين من تحت الأنقاض، في ظلّ القصف اليومي الذي تتعرض له مناطق سورية عدّة.
محمّد دياب، وهو أحد كوادر الدفاع المدني في الغوطة الشرقية، كان طالباً في كليّة الهندسة الكهربائية في جامعة حلب. وفي نهاية العام 2013، ترك جامعته وتطوع في الدفاع المدني السوري. يقول لـ "العربي الجديد": "عايشت مآسي زملائي وأهالي مدينة حلب في ذلك الحين، وشعرت أنه من واجبي الوقوف في صفهم ومساعدتهم بأي شكل من الأشكال. لم أستطع الجلوس وحيداً مع الكتاب. كلّما قرأت سطراً، تذكرت بكاء الأطفال والنساء والمعاناة من ويلات القصف الهمجي".
بعد تطوعه بفترة قصيرة، أُصيب دياب إصابة بالغة بسبب غارة جوية استهدفت الموقع الذي كان يعمل وزملاؤه على إنقاذ الناجين والمصابين فيه. هذه الإصابة منعته من مواصلة عمله الميداني، لكنه أصر على الاستمرار بالعمل مع الدفاع المدني في دوما. وفي وقت لاحق، عيّن مديراً تقنياً للدفاع المدني، ويتلخّص عمله اليوم في مساعدة زملائه على إتمام مهامهم وضمان سلامتهم.
أما أكرم، الذي يعمل في إحدى فرق الدفاع المدني السوري في ريف إدلب، كان يبيع الملابس. ومع اشتداد القصف، أغلق محلّه التجاري في بلدته في ريف إدلب، والتحق بالدفاع المدني السوري بعد وفاة ابن شقيقه أيهم بغارة جوية. يقول: "أخرجوه من تحت الأنقاض جثة هامدة، هو الذي كان يملأ حياتنا بالأمل. لا أتقبّل فكرة أن يموت الأطفال بهذه الطريقة، ما دفعني إلى التطوع رغم أنني قد أدفع حياتي ثمناً لقراري هذا".
وتعليقاً على ترشيح منظومة الدفاع المدني للجائزة، يقول أكرم: "نقدّر هذا، لكنه لا يكفي. ما نريده هو وقف قصف النظام وروسيا". يضيف أنه حين تتعامل مع الموت والقهر يومياً، لا تعنيك جوائز العالم. "لم تقتصر خسارتي على فقدان أيهم، فقد رأيت كثيرين يموتون. كان يمكن أن يكونوا أحياء اليوم، ويلعبون ويدرسون. في حال أراد العالم أن يظهر حسن نيته، فليفعل مثلنا ويبادر إلى إنقاذ الأرواح، بدلاً من تقديم الجوائز والتراجع".
يعمل أصحاب "الخوذ البيضاء" خارج مناطق سيطرة النظام، ويمنحون الأمل للملايين. ودفعت المنظمة ثمناً باهظاً لهذا العمل، بعدما فقدت 132 متطوعاً خلال تأديتهم عملهم، خصوصاً أن هؤلاء يعملون في معظم الأحيان تحت القصف. وعادة ما تقصف الطائرات الحربية المناطق عينها مجدداً، خلال بحث عناصر الدفاع المدني عن ناجين تحت الأنقاض.
في سورية، يحظى متطوّعو الدفاع المدني السوري بشعبية كبيرة، بسبب دورهم في إنقاذ الأرواح في أصعب الظروف، بالإضافة إلى توفيرهم الخدمات العامة لأكثر من سبعة ملايين شخص يعيشون في مناطق سيطرة المعارضة السورية، بما فيها إعادة توصيل الكابلات الكهربائية، وتأمين المباني بعد القصف خشية انهيارها، وغيرها.
ووصلت شجاعة المتطوعين إلى العالم من خلال عشرات الصور والفيديوهات التي تذاع يومياً على نشرات الأخبار. ووفقاً للمنظمة الدولية لحماية المدنيين، أنقذ متطوعو "الدفاع المدني" العديد من الأشخاص، ملتزمين بالمبادئ الإنسانية في التضامن والحيادية وعدم الانحياز والاستقلالية.