أنتِ ما أنتِ!

22 مارس 2018
+ الخط -
في الحوار الأخير الذي دار بيننا، استمتعتُ بحديثها المشوّق الذي هيّج أشجاني، وأعادني إلى الوراء كثيراً، لاسيما أنها عازمة على الرحيل إلى حيث حضن الوطن الدافئ، الواسع للجميع. وسأبقى، وحيداً في بعدك عني، هنا، في بلاد الاغتراب. غريب القلب واليد واللسان، فأنتِ التي عشت أيام وحدتي، وقاسيت معاناتي.

كانت الأيام التي تعّرفنا فيها على بعضنا بعضاً، في أوجها. كانت بلسماً يداوى جراحي، وفتح أمامي طريق السعادة والهناء والراحة الأبدية.

وبمجرّد تعارفنا، شدّني إليها حديثها الليّن، المضوّع بعطر الياسمين، وكلماتها المعبّرة الخجولة، والمشعّة كإشراقة شمس الظهيرة.. وكأنها مبعث ضياء من وادي الفرات، حيث يعيش أهله في بساطة وترانيم مخملية خجولة.

حديثها الذي يموجُ مع سرعة الرياح العاتية، يغنّي للأمل، رافعا راية الانتصار، ويشفي عليل العاشقين. حديثها الذي أينعَ خضرةً، وأبصر النور، بعد أن فقدتها في زمن الضياع والنرجسية.

لن أطيل..



فأنتِ كالشمس والقمر في مخدعهما.
وأنتِ الأمل، وبِذَرة الطيب، والهدوء الصامت الذي غلّبني بحبك، وكبرياؤك.
وأنتِ الحياة، ودنياها التي تتلاعب بخصلات شعرها القرمزي.. وطولها الفارع، وفمها الذي يقطرُ شهداً، وشفتاها التي تملأ القلب إمتاعاً.

إليك أنتِ ..
أيتها الغزالة الشاردة، في رقّتها، وفي عطفها، وفي مخدعها..
إليك أيتها الغريبة، في بلاد الاغتراب، تعانين ما تعانين.
وإليكِ أنتِ، أيتها البنفسجية الحالمة بالوداع، وبكِ حيث أشرقت شمس الحرية.
ويكفي أنك تظلين أملي، وحياة العشق الذي انتظرناه.
أنتِ وحدك التي فتحت أمامي بهجة الفرح من جديد، بعد أن كانت مغلقة، وبعد أن أعياها الجهد، وأطفأها الحزن.
وهاهو اليوم يُلّح باشراقة جديدة.. مزهرةً، فرحة، احتفاء بالعيد.
وفي يومك هذا.. أرسل إليك باقات ورود عطرة فوّاحة..

عزيزتي..
أيتها الفراتية الرائعة بروحها المرحة، الغزالة الشاردة بعفويتها، العظيمة بتاريخها، المتزنة بخطواتها، المتنسمة بأطيب ماركات العطور الفرنسية، وألوانها الزاهية.
قربك مني حمَل أبهى صور الفرح والمودة، وفراقك عني أسقاني مرارة الحياة. حيث لا طعم لها ولا لون ولا رائحة بدونك! وبعدك عني هو إسفين معلن بالنسبة لي.. ولن يَعرف قلبي الفرح، وعيوني لن تعرف طعم النوم، ما دمت بعيدة عني!

أسعدُ دائماً برؤيتك، وبحديثك المشوّق، الذي كسرَ حاجز الصمت.
أنت أيتها الفطينة.. الرائدة بإحسانك المتواضع.
أيتها الأنيقة، في ارتداء ثوبك الكستنائي المطرّز، بأفضل أنواع الخيوط الحريرية، وعباءَتك السوداء التي تُثير فيّ الفرح والشوق، وتهيّج مشاعر أحلامي الصارخة.
أنت، أيتها اللطيفة في معشرها.. المبهجة في أيامها.

أيتها الحبيبة..
عشقتُ فيكِ النهار والليل لأجل خاطر عيونك العسلية، ووجنتيك الموردة.
دمتِ، أيتها العاشقة، زاهية بحسنك، مهيبة بخطواتك، وبطلتك الواثقة، وبعطرك الفوّاح.
بالله عليك..
أنتِ، ما أنت!

دلالات
6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.