18 نوفمبر 2024
إرهاب أسري
أفاد الأب "المجرم"، عديم الحس، بأنه غالبًا ما كان يقوم بتأديب ابنه البالغ 13 عاما، بتعريضه إلى صعقاتٍ كهربائية، في سياق تقويم سلوكه غير المنحرف، كما أفاد الجيران والمعارف في الحديث عن الصغير، بوصفه الطفل فائق الذكاء، الحافظ للقرآن، المهذّب مكسور الجناح بسبب انفصال والديه، ما يعني شتاته بين بيتين، إضافة إلى بطش الوالد الذي غادرت الرحمة قلبه إلى غير رجعة. مجرد صبي مشوّش على أبواب المراهقة قد يميل، بطبيعة الحال، شأن أترابه، إلى التمرّد والتحدي. في المرة الأخيرة، اكتشف الأب في حوزة الصغير خمسة دنانير، اعترف تحت وطأة الرعب والإرهاب الأسري بأنه أخذها من أبيه من دون استئذان، فاستشاط الأب غضبا، وقرّر أن يُخضع الابن لجلسة تأديب ثانية. ووفقا لاعترافاته أمام الأجهزة المختصة، قام عن سابق إصرار وتصميم وتخطيط وتدبير وبقلب ميت، بتقييد فلذة كبده بوساطة أسلاك ومرابط بلاستيكية، وضمانا لتحقيق أفضل نتيجة! فقد قام بتعرية أحد طرفي السلك، ثم أوصل الطرف الآخر بقابس كهربائي، وصعق المذنب الصغير الذي لم يعد جسده المنهك المستباح يحتمل كل هذا العذاب، فأسلم الروح، وغادر الحياة الجائرة التي ضنت عليه بكل شيء.
بحسب أقواله، حاول الوالد غير الرحيم الذي انتزع عنوة حق الولد في الحياة إسعاف الضحية، عن طريق التنفس الاصطناعي، لكنه لم ينجح، فاضطر عندها إلى أخذه إلى المستشفى مدعيا إصابته بصعقة كهربائية في أثناء اللعب، غير أن الفحوص الطبية أكدت وجود آثار القيود على يدي المجني عليه وقدميه، الطفل الذي تعرّض للتعذيب الشديد. مؤكّد أن محامي الأب، وكما يجري في مثل هذه الحالات، سوف يدفع الجنون المؤقت والاضطراب النفسي وسَورة الغضب الشديدة، وغيرها من الأعذار الكاذبة الواهية، وربما في أحسن الأحوال الاعتراف بذنب التسبب بالقتل غير المقصود، راجيا رأفة المحكمة الموقّرة، وحثها على الأخذ بالاعتبار الأسباب المخفّفة التي أدت إلى تلك الجريمة البشعة، غير أن تتبعا بسيطا لمجريات هذه القصة/ المأساة التي وقعت في جنوب العاصمة الأردنية، ولسلسلة الخطوات الهادئة التي قام بها، وتاليا الأكاذيب التي ابتدعها بأن الأمر لا يتعدى حادث صعق كهربائي منزلي، مسؤوليته على القضاء والقدر، بوصف أن هذه إرادة رب العالمين. .. كل تلك السلوكات الواعية المدركة أن للمجرم القاتل عقلا منظما، وقدرة كاملة على تقدير عاقبة الأمور، وقد تعمد إحداث الأذى الجسيم بالصغير المسكين الذي مارس شقاوةً عابرةً كلفته حياته.
حادثة صادمة مروعة جرت في جنوب العاصمة الأردنية، وأثارت الغضب والاستياء والخوف من تنامي ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتنا العربية في السنوات الأخيرة. والقصة ليست الأولى، إذ حدث، وفي سياق مشابه، أن ضرب أب، قبل سنوات، ابنته الصغيرة ضربا وحشيا مبرحا أفضى إلى الموت، بسبب اتهام المعلمة لها بسرقة ثلاثة دنانير، إذ استدعت المعلمة الجاهلة الأب، وحرّضته بشدة على البنت المسكينة التي راحت ضحية الجهل والقسوة والظلم المؤسف. في حالات كهذه، وبحسب شواهد كثيرة، تُجبَر الأم المكلومة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة، وتحت تأثير ضغط عائلي وعشائري، وتهديد بالطلاق والتشرد والقتل، على أن تُسقط مرغمة الادعاء بالحق الشخصي، ليقضي الجاني السيد الوالد بضع سنوات حكومية قليلة، استيفاء للحق العام لا تغني عن ظلم، ولا تعيد روحا غضة أزهقت، ليعود بعدها إلى ممارسة حياته الطبيعية، وتتقبله العائلة، وتغضّ الطرف عن قطرات دم الضحية، وهي تنزّ من ماضيه القبيح، ليعود إلى موقعه رب الأسرة، صاحب السلطة والقرار، وكأن شيئا لم يكن، بل قد ينجب مزيدا من الأبناء، ولن يتوانى عن تأديبهم حتى الموت، بحكم العادة!
بحسب أقواله، حاول الوالد غير الرحيم الذي انتزع عنوة حق الولد في الحياة إسعاف الضحية، عن طريق التنفس الاصطناعي، لكنه لم ينجح، فاضطر عندها إلى أخذه إلى المستشفى مدعيا إصابته بصعقة كهربائية في أثناء اللعب، غير أن الفحوص الطبية أكدت وجود آثار القيود على يدي المجني عليه وقدميه، الطفل الذي تعرّض للتعذيب الشديد. مؤكّد أن محامي الأب، وكما يجري في مثل هذه الحالات، سوف يدفع الجنون المؤقت والاضطراب النفسي وسَورة الغضب الشديدة، وغيرها من الأعذار الكاذبة الواهية، وربما في أحسن الأحوال الاعتراف بذنب التسبب بالقتل غير المقصود، راجيا رأفة المحكمة الموقّرة، وحثها على الأخذ بالاعتبار الأسباب المخفّفة التي أدت إلى تلك الجريمة البشعة، غير أن تتبعا بسيطا لمجريات هذه القصة/ المأساة التي وقعت في جنوب العاصمة الأردنية، ولسلسلة الخطوات الهادئة التي قام بها، وتاليا الأكاذيب التي ابتدعها بأن الأمر لا يتعدى حادث صعق كهربائي منزلي، مسؤوليته على القضاء والقدر، بوصف أن هذه إرادة رب العالمين. .. كل تلك السلوكات الواعية المدركة أن للمجرم القاتل عقلا منظما، وقدرة كاملة على تقدير عاقبة الأمور، وقد تعمد إحداث الأذى الجسيم بالصغير المسكين الذي مارس شقاوةً عابرةً كلفته حياته.
حادثة صادمة مروعة جرت في جنوب العاصمة الأردنية، وأثارت الغضب والاستياء والخوف من تنامي ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتنا العربية في السنوات الأخيرة. والقصة ليست الأولى، إذ حدث، وفي سياق مشابه، أن ضرب أب، قبل سنوات، ابنته الصغيرة ضربا وحشيا مبرحا أفضى إلى الموت، بسبب اتهام المعلمة لها بسرقة ثلاثة دنانير، إذ استدعت المعلمة الجاهلة الأب، وحرّضته بشدة على البنت المسكينة التي راحت ضحية الجهل والقسوة والظلم المؤسف. في حالات كهذه، وبحسب شواهد كثيرة، تُجبَر الأم المكلومة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة، وتحت تأثير ضغط عائلي وعشائري، وتهديد بالطلاق والتشرد والقتل، على أن تُسقط مرغمة الادعاء بالحق الشخصي، ليقضي الجاني السيد الوالد بضع سنوات حكومية قليلة، استيفاء للحق العام لا تغني عن ظلم، ولا تعيد روحا غضة أزهقت، ليعود بعدها إلى ممارسة حياته الطبيعية، وتتقبله العائلة، وتغضّ الطرف عن قطرات دم الضحية، وهي تنزّ من ماضيه القبيح، ليعود إلى موقعه رب الأسرة، صاحب السلطة والقرار، وكأن شيئا لم يكن، بل قد ينجب مزيدا من الأبناء، ولن يتوانى عن تأديبهم حتى الموت، بحكم العادة!