يعاني اليمن من استمرار أزمة الوقود التي تضرب البلاد منذ ما يزيد على 30 يوماً مخلفة تبعات كارثية على مختلف نواحي الحياة وقطاعات الاقتصاد وتفاقم معاناة اليمنيين.
وتركزت الأزمة في عيد الأضحى بشكل رئيسي في أجور النقل والمواصلات التي زادت بالمجمل بنحو 500 في المائة خصوصاً بين المحافظات اليمنية، إذ ارتفعت أُجرة الرحلة من صنعاء إلى تعز قبل ثلاثة أيام من حلول عيد الأضحى إلى نحو 12 ألف ريال من 7 آلاف كانت عليها قبل منتصف يونيو/حزيران الماضي، في حين لم تكن تزيد عن ثلاثة آلاف ريال قبل نشوب الحرب في اليمن في العام 2015. ويساوي الدولار 598 ريالاً في صنعاء، و765 ريالاً في عدن.
وتراوحت نسبة الارتفاع بين 80 في المائة و160 في المائة في كلفة النقل بين صنعاء (شمال) وعدن (جنوب)، إذ تكلف الرحلة المسافر على هذا الخط نحو 15 ألف ريال في طرق مستحدثة وعرة وصعبة تجعل الرحلة تمتد إلى أكثر من 10 ساعات متواصلة.
وفي الوقت الذي وصلت فيه أجرة الرحلة من محافظة حضرموت (جنوب شرق) وإليها إلى أكثر من 20 ألف ريال، ارتفعت في خط السير الرابط بين صنعاء والحديدة الساحلية غربي اليمن بنسبة وصلت إلى حوالي 130 في المائة.
وأدى شح المشتقات النفطية إلى أزمة خانقة في وسائل المواصلات، حيث ارتفعت أجور النقل داخل المدن بنسبة تزيد على 150 في المائة، بينما زادت أجور النقل المحلي والتجاري الخاص بنقل السلع والبضائع بين معظم المحافظات اليمنية بنسبة تصل إلى 200 في المائة، وذلك مقارنة بما قبل الأزمة التي نشبت منتصف يونيو/حزيران الماضي.
وألقت أزمات الوقود وتبعاتها وارتفاع أجور النقل بظلال قاتمة على عيد اليمنيين ومجمل حياتهم المعيشية وقضت على ما تبقى من تقاليدهم وعاداتهم، إذ حرمتهم من التنقل سواء داخل المدن أو في إطار المحافظات والانتقال منها إلى الأرياف، للقيام بالزيارات التي اعتادوها في مثل هذه المناسبات أو الانتقال إلى الأرياف لقضاء أيام العيد مع عائلاتهم وأسرهم خصوصاً بالنسبة إلى العاملين في المدن.
وأفاد المواطن عارف اليوسفي وهو عامل في أحد المحال الخاصة بالملابس في العاصمة اليمنية صنعاء، بأنه لم يستطع السفر لزيارة عائلته التي تقطن في إحدى قرى أرياف تعز جنوب غربي اليمن، بسبب ارتفاع تكاليف النقل والمواصلات. وأضاف اليوسفي لـ"العربي الجديد"، أن موسم العمل لم يكن على ما يرام في هذا العيد الذي كان يشهد ازدهارا لافتا في أسواق الملابس وحركة لا تتوقف إلا بعد انقضاء أيام من العيد.
من جانبه، أشار المواطن حمزة القدسي وهو موظف مدني في إحدى الدوائر الحكومية، إلى أنه في الأعياد الدينية تتجسد بشكل أوضح معاناة اليمنيين وما ألحقته بهم الحرب وما يكابدونه من حياة معيشية صعبة مع انعدام مختلف سبل العيش، إذ تحدث القدسي لـ"العربي الجديد"، عن عدم القدرة على تلبية مختلف الاحتياجات والتوقف عن ممارسة أبسط الطقوس والتقاليد المتمثلة في الزيارات المتبادلة بين الأسر اليمنية، حيث يفضل كثير من اليمنيين البقاء في أماكنهم ومنازلهم على التنقل الذي أصبح يحتاج إلى ميزانية كبيرة لا تتوافر لدى مختلف فئات المجتمع.
ومن المظاهر التي تضرب قطاع النقل بسبب أزمة الوقود، يلاحظ توقف كثير من سيارات النقل العام، وهذا ما دفع المسافرين للتكدس داخل الباصات لا بل الصعود إلى أسطحها لكي يصلوا إلى وجهاتهم.
وحسب أحد السائقين العاملين في النقل على خط السير الرابط بين صنعاء وتعز والذي يصل إلى منطقة التربة جنوب تعز مروراً ببعض مناطق محافظة لحج في جنوب اليمن والمحاذية لمحافظة عدن، فإن السائقين يجدون صعوبة بالغة في توفير البنزين خلال تنقلهم في مناطق شديدة الوعورة ومقسمة بين مختلف أطراف الصراع في اليمن. في حين تظل السوق السوداء.
كما قال هذا السائق لـ"العربي الجديد"، هي خيارهم المتاح في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين المكتظة بطوابير الوقود الطويلة والتي تتطلب أياما للوصول إلى المحطة وتعبئة البنزين وهو ما قد يؤخرهم ويعطلهم عن عملهم فيلجأون إلى هذه الأسواق التي تبيع البنزين بأضعاف السعر الذي يباع في محطات التعبئة الرسمية.
وتحدث سائقو خطوط النقل بين المحافظات اليمنية عن مشكلة فارق سعر الصرف التي تواجههم في المناطق المقسمة بين أطراف الحرب والصراع الدائر في اليمن منذ ما يزيد على خمس سنوات، إذ لا تقبل مناطق الحوثيين العملة الجديدة التي يحملونها معهم من المناطق الواقعة في نطاق الحكومة اليمنية. وتحدث سائق باص نقل لـ"العربي الجديد"، عن اضطراره إلى الخضوع لمطالب باعة الوقود في هذه المناطق بالقبول بالعملة الجديدة بفارق صرف عن العملة القديمة يصل في معظم الاحيان إلى 20 في المائة، إذ يعتبر السائقون أن مختلف هذه العوامل والمشاكل والصعوبات تدفعهم لزيادة أجور النقل والتي يتحملها في الأخير المواطن اليمني. وطاولت تبعات أزمة الوقود مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية التي أصيبت بشلل شبه كامل بسبب نقص الوقود، في حين ينذر استمرارها بالمزيد من التداعيات.