05 نوفمبر 2024
الأردن من قلق كورونا إلى كابوس الاقتصاد
أصدر رئيس الوزراء الأردني أمرا عسكريا، يتضمّن تعليماتٍ للتعامل مع الإشكالات المالية الكبيرة التي ترتبت على إغلاق القطاعات الاقتصادية، وما نتج عنه من خسائر فادحة على القطاع الخاص، بخاصة الشركات المتوسطة والصغيرة.
الكارثة الحقيقية اليوم ليست في ما تكبّدته، وستتكبده، خزينة الدولة من خسائر وديون جرّاء الكلفة الباهظة لمواجهة كورونا، فالاختبار التالي والأهمّ على صعيد الأمن الوطني والمجتمعي هو في كيفية التعاطي مع تداعي الأوضاع الاقتصادية وانهيارها لطبقةٍ عريضةٍ من المواطنين، من لديهم حرف وأعمال يومية اقتصادية، أو يعملون في شركات صغيرة أو متوسطة، أو حتى شركات كبيرة قرّرت الاستغناء عنهم، ما يعني أنّ الأوضاع الاقتصادية - المالية السيئة لهذه الشريحة ستزداد سوءاً، وستحمل تبعاتٍ سياسيةً واجتماعيةً كبيرة أيضاً!
الحديث هنا عن القطاع الخاص، فموظفو القطاع العام لم يتضرّروا جوهرياً، لديهم رواتب شهرية ملتزمة بها الحكومة. في المقابل، القطاع الخاص الذي يمثّل اليوم المورد الأكبر للخزينة يدفع الثمن، وأبناؤه هم من يكتوون بنار التداعيات الاقتصادية والمالية، ومن بدأت "الأعراض الخطيرة" تظهر عليهم مئات آلاف المواطنين، ومن يُتوقع أن يكتووا بذلك ليسوا أقل من ملايين المواطنين!
أردنياً، ثمّة دلالة ومضمون سياسي مهم جداً عند الحديث عن القطاعين، الخاص والعام، فالأول عموده الفقري من الأردنيين من أصول فلسطينية، سواء رجال الأعمال والتجار والحرفيون وغيرهم (المعادلة ليست حديّة فهنالك طبقة عريضة أردنية في القطاع الخاص، وتزايدت في الأعوام الماضية)، والقطاع العام عموده الفقري الأردنيون من أصول أردنية (ليس تعريفاً دقيقاً، فنسبة كبيرة تعمل في القطاع العام، بخاصة الصحة والتربية والتعليم والأوقاف وغيرها).
قيمة أو أهمية المعلومة السابقة تزداد أهمية (أو خطورة) عندما نجد أنّ الحراك الشعبي والمطلبي، والاحتجاجات، في الأعوام الماضية، انتقلت إلى "الأردنيين من أصول شرق أردنية"، نتيجة التحول في دور الدولة الاقتصادي، خصوصا في مجال التوظيف، ما رفع منسوب البطالة وعزّز الشعور بالحرمان الاقتصادي، بخاصة عند مقارنة رواتب القطاع العام القليلة نسبياً بجزء من القطاع الخاص، ومع التوسّع في أنماط الاستهلاك وتزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ما جعل غلاء الأسعار والبطالة بمثابة الهاجس الأول للأردنيين.
بالنتيجة؛ الشريحة الاجتماعية الراكدة سياسياً، خلال الفترة الماضية، التي فضلت الابتعاد عن الاشتباك مع المجال السياسي، والاكتفاء بالاقتصادي، وحجّمت توقعاتها من الدولة، فلم تطلب دوراً سياسياً، ولم تربط نفسها بالوظائف العامة، وانخرطت في القطاع الخاص، هي اليوم من تتململ، وتشعر بالنتائج الكارثية لكورونا وما بعدها، وهي التي تشعر بأنّ أمر الدفاع رقم 9 يصيبها في مصالحها الحيوية المباشرة، وهي أصحاب المصلحة من الصناعيين والتجار والشركات والبنوك وكذلك العمال والموظفين الصغار في القطاع الخاص.
ضمن هذا الإطار التحليلي، من الضروري النظر إلى أمر الدفاع الذي حاول أن يوازن بين مصالح الكبار والصغار، فوضع تعليماتٍ، لمن عمل ولم يعمل، أو عمل من المنزل، كيف ستتعامل معه الشركات وأصحاب العمل، ومن يريدون من هؤلاء إنهاء نشاطاتهم كيف يتعاملون وفق قانون العمل والوضع الجديد. ونتحدّث هنا عن قطاعاتٍ عريضة متضرّرة، والأثر الكبير السلبي عليها لن يزول قبل شهور طويلة، مثل الفنادق والسياحة وبعض المطاعم وقطاعات أخرى أيضاً.
ضمن هذه المعطيات والمدخلات، وفي ضوء التحولات الجوهرية حالياً، والتي تشتبك أبعادها الاقتصادية بالسياسية بالمجتمعية، المطلوب التفكير في المرحلة المقبلة بمنطق الإشراك في صنع القرار وتوسيع مساحة الشراكة مع القطاعات المختلفة، وأصحاب المصلحة فيها، والخروج من "العقلية التقليدية" في التعامل مع تداعيات كورونا أردنياً إلى منهجيةٍ جديدة، لأنّنا نتعامل مع ظرف استثنائي، إنْ لم تكن الحكومة مدركةً لأعماقه المتعدّدة ومستوياته المختلفة، فسينقلب نجاحها الملحوظ المهم في المرحلة الماضية في "احتواء كورونا" إلى نتائج عكسية في المرحلة المقبلة في "التكيف" مع نتائجه وأعراضه وتداعياته!
تتمثل الأخبار الجيدة في حجم الوعي المدهش لدى المجتمع الأردني والحيوية والمرونة لدى القطاع الخاص الذي أخذ يتكيّف سريعاً وبقوة مع المعطيات الجديدة، ويعيد تحوير منتجاته لتتناسب معها، كما ظهرت دراساتٌ علميةٌ عديدة لمجموعات عمل ومراكز دراسات وتفكير وخبرة عن السيناريوهات والخيارات المطلوبة للتعامل مع الفيروس، ويقوم مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حالياً برسم مسارات وسيناريوهات وخيارات اليوم التالي لكورونا، ما يعطي الحكومة مجالاً خصباً وواسعاً للشراكة في ترسيم السياسات وصناعتها مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وأهل الخبرة والاختصاص.
الحديث هنا عن القطاع الخاص، فموظفو القطاع العام لم يتضرّروا جوهرياً، لديهم رواتب شهرية ملتزمة بها الحكومة. في المقابل، القطاع الخاص الذي يمثّل اليوم المورد الأكبر للخزينة يدفع الثمن، وأبناؤه هم من يكتوون بنار التداعيات الاقتصادية والمالية، ومن بدأت "الأعراض الخطيرة" تظهر عليهم مئات آلاف المواطنين، ومن يُتوقع أن يكتووا بذلك ليسوا أقل من ملايين المواطنين!
أردنياً، ثمّة دلالة ومضمون سياسي مهم جداً عند الحديث عن القطاعين، الخاص والعام، فالأول عموده الفقري من الأردنيين من أصول فلسطينية، سواء رجال الأعمال والتجار والحرفيون وغيرهم (المعادلة ليست حديّة فهنالك طبقة عريضة أردنية في القطاع الخاص، وتزايدت في الأعوام الماضية)، والقطاع العام عموده الفقري الأردنيون من أصول أردنية (ليس تعريفاً دقيقاً، فنسبة كبيرة تعمل في القطاع العام، بخاصة الصحة والتربية والتعليم والأوقاف وغيرها).
قيمة أو أهمية المعلومة السابقة تزداد أهمية (أو خطورة) عندما نجد أنّ الحراك الشعبي والمطلبي، والاحتجاجات، في الأعوام الماضية، انتقلت إلى "الأردنيين من أصول شرق أردنية"، نتيجة التحول في دور الدولة الاقتصادي، خصوصا في مجال التوظيف، ما رفع منسوب البطالة وعزّز الشعور بالحرمان الاقتصادي، بخاصة عند مقارنة رواتب القطاع العام القليلة نسبياً بجزء من القطاع الخاص، ومع التوسّع في أنماط الاستهلاك وتزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ما جعل غلاء الأسعار والبطالة بمثابة الهاجس الأول للأردنيين.
بالنتيجة؛ الشريحة الاجتماعية الراكدة سياسياً، خلال الفترة الماضية، التي فضلت الابتعاد عن الاشتباك مع المجال السياسي، والاكتفاء بالاقتصادي، وحجّمت توقعاتها من الدولة، فلم تطلب دوراً سياسياً، ولم تربط نفسها بالوظائف العامة، وانخرطت في القطاع الخاص، هي اليوم من تتململ، وتشعر بالنتائج الكارثية لكورونا وما بعدها، وهي التي تشعر بأنّ أمر الدفاع رقم 9 يصيبها في مصالحها الحيوية المباشرة، وهي أصحاب المصلحة من الصناعيين والتجار والشركات والبنوك وكذلك العمال والموظفين الصغار في القطاع الخاص.
ضمن هذا الإطار التحليلي، من الضروري النظر إلى أمر الدفاع الذي حاول أن يوازن بين مصالح الكبار والصغار، فوضع تعليماتٍ، لمن عمل ولم يعمل، أو عمل من المنزل، كيف ستتعامل معه الشركات وأصحاب العمل، ومن يريدون من هؤلاء إنهاء نشاطاتهم كيف يتعاملون وفق قانون العمل والوضع الجديد. ونتحدّث هنا عن قطاعاتٍ عريضة متضرّرة، والأثر الكبير السلبي عليها لن يزول قبل شهور طويلة، مثل الفنادق والسياحة وبعض المطاعم وقطاعات أخرى أيضاً.
ضمن هذه المعطيات والمدخلات، وفي ضوء التحولات الجوهرية حالياً، والتي تشتبك أبعادها الاقتصادية بالسياسية بالمجتمعية، المطلوب التفكير في المرحلة المقبلة بمنطق الإشراك في صنع القرار وتوسيع مساحة الشراكة مع القطاعات المختلفة، وأصحاب المصلحة فيها، والخروج من "العقلية التقليدية" في التعامل مع تداعيات كورونا أردنياً إلى منهجيةٍ جديدة، لأنّنا نتعامل مع ظرف استثنائي، إنْ لم تكن الحكومة مدركةً لأعماقه المتعدّدة ومستوياته المختلفة، فسينقلب نجاحها الملحوظ المهم في المرحلة الماضية في "احتواء كورونا" إلى نتائج عكسية في المرحلة المقبلة في "التكيف" مع نتائجه وأعراضه وتداعياته!
تتمثل الأخبار الجيدة في حجم الوعي المدهش لدى المجتمع الأردني والحيوية والمرونة لدى القطاع الخاص الذي أخذ يتكيّف سريعاً وبقوة مع المعطيات الجديدة، ويعيد تحوير منتجاته لتتناسب معها، كما ظهرت دراساتٌ علميةٌ عديدة لمجموعات عمل ومراكز دراسات وتفكير وخبرة عن السيناريوهات والخيارات المطلوبة للتعامل مع الفيروس، ويقوم مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حالياً برسم مسارات وسيناريوهات وخيارات اليوم التالي لكورونا، ما يعطي الحكومة مجالاً خصباً وواسعاً للشراكة في ترسيم السياسات وصناعتها مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وأهل الخبرة والاختصاص.